الورقة الرابحة في انتخابات الكنيست الاسرائيلي ...؟

بقلم: هاني العقاد

اقترب يوم الاقتراع لانتخابات الكنيبست الحادية والعشرين , المعركة الانتخابية باتت في الساعات الاخيرة نتنياهو باعتباره المتربع على المشهد السياسي في اسرائيل لم تخفي تصريحاته خوفه من منافسية الذي جعله يوظف ورقة الانقسام بالدرجة الاولي لصالحه في صورة فنتازيا انتخابية بعد ان حقق بعض التقدم بمساعدة ترامب ساهم في تفكيك كثير من التعقيد في ملف الصراع وازاحة اهم القضايا واخراجها من ملف الصراع واعتبارها في عداد المنتهية كالقدس واللاجئين وقريبا غزة وبعدها الضفة. اليوم يعتبر نتنياهو فوزه مسالة حياة او موت ليحكم لولاية خامسة في اسرائيل , لا اعتبر ان منافسين نتنياهو يختلفوا عنه في شيء هم صهاينة من الرأس حتي النخاع ويمنين بامتياز لا يعنيهم حل الدولتين او انهاء الصراع والعيش في امن واستقرار فجميعهم يعتبروا وجود اسرائيل في المنطقة يعني بقائها تعيش في حلقة متوترة بل ودائمة السخونة لان الاستقرار لا ياتي لها بالمال الذي يبقيها متفوقة اقتصاديا وامنيا وعسكريا على المحيط العربي . يبدو ان نتنياهو اليوم الاكثر لمعانا في المشهد الانتخابي لانه يوظف كل ما يملك من اسلحة مشروعة وغير مشروعة ليبقي اليمين حاكما , والاخطر انه الان يوظف الانقسام الفلسطيني والتهدئة مع غزة ليحصد اصوات اكبر وبالتالي يرفع مقاعد اليمين في الكنيست . ليس الانقسام وحده وانما جبهة الشمال وفزاعة الوجود الايراني في سوريا باعتبار انه الخطر المحدق الان الذي لايهدد اسرائيل عن سواه باعتبار ان جبهة غزة الان تحت السيطرة بفعل ما وصل اليه من تفاهمات عبر الوساطة المصرية .

لدى نتنياهو اوراق رابحة كثيرة في الانتخالبات الحالية الا ان الانقسام الفلسطيني الورقة الاقوى لان هذا يعني لا دولة فلسطينية متاكملة الجغرافيا والمعالم ولا قدس ولا اتصال بين هذه الدولة والاردن وباقي المحيط العربي الا عبر القنوات الاسرائيلية التى يريدها نتنياهو , وهكذا يكون نتنياهو طرح اقوي الاوراق الذي يعتقد انها تبهر الجمهور الانتخابي في اسرائيل وما يخشاه من حلول تسفر عن كيان فلسطيني مستقل الى جانب كيانهم , لذا اعلن نتنياهو اليوم ان "القادم بعد الهدوء في غزة هو تطبيق السيادة الاسرائيلية تدريجيا على الضفة وكل بؤرة استيطانية لانه يعتبرها جزء من اسرائيل , التطبيع مع العرب ورقة اخرى والدعم الغير مسبوق من قبل ادارة ترامب واستعادة رفاة الجندي الاسرائيلي المختفي منذ 1982. لعل نتنياهو تهرب من ملفات حرجة واراد القفز عنها وعدم تذكير الجمهور بها الان وهي ملف الاسرى اللاسرائيلين في غزة والفسادة الذي شوه الى حد ما حياته السياسية , وبالرغم من كل الاوراق الرابحة في معركة نتنياهو الانتخابية الا ان نتنياهو مازال في دائرة الخطر فالجمهور الاسرائيلي ليس ساذجا لدرجة تصديق كل شيء بل انه يعي ان نتنياهو يكذب وحتي اللحظة لم ينجز قضيتان مهمتان في اسرائيل الاولي قضية استعادة جنوده من غزة والثانية توفير الامن المطلق والدائم لسكان مستوطنات حواف قطاع غزة فما وصل اليه من تهدئة مع حماس لاتعدو سوى حل مرحلي مؤقت وليس دائما مادامت المقاومة في غزة تمتلك عشرات الالاف من الصواريخ والاسلحة الثقيله .

علينا ان نفهم أن فوز اليمين بزعامة نتنياهو وتشيكل الحكومة او فوز غانتس والجنرالات وتشكيلهم الحكومة سيوظفوا الانقسام بين الفلسطينين لتحقيق الفصل الجغرافي و الاداري والسياسي بين غزة والضفة , لكن اتوقع ان يكون نتنياهو بعد فوزه بالانتخابات اكثرعنصرية وعداوة للفلسطينين واكثر نشوة واكثر غرورا بفعل الدعم الامريكي الكبير واقدام ترامب على تقسيم الارض المحتلة بين العرب واسرائيل وبين الفلسطينين واسرائيل والصمت الاقليمي والهرولة للتطبيع وفتح ممثليات اسرائيلية ببلادهم , بسبب انقسامنا علينا ان نتوقع الاسوأ بعد الانتخابات الاسرائيلية لان الطريق اصبحت سالكة امام تصفية القضية الفلسطينية وانهاء الصراع على الطريقة الاسرائيلية التي ستتخلص من حل الدولتين نهائيا وتؤسس لكيان بديل عن الدولة الفلسطينية, ما عبد الانتخابات سيعمد من يفوز ايا كان لضم كل الكتل والبؤر الاستيطانية بالضفة للسيادة الاسرائيلية واعلان الاعتراف بغزة كارض وحيدة للدولة الفلسطينية, اي كل ما تحاول الادارة الامريكية تمريره الان عبر وسطاء عرب وغير عرب ويضاف الى ذلك توظف مئات مليارات الدولارات لخلق سلام اقتصادي وجغرافي يستمر تنفيذه لاكثر من ثلاث عقود لخلق جغرافيا جديدة تعمل على تكبير الكيان اليهودي على كامل ارض فلسطين والجولان وتبقي الولايات المتحدة الامريكية استراتيجيا هي من ترسم السياسات الاقليمية وتتدخل هنا وهناك وتخمد هذا الصراع وتثير صراع اخير في طرف اخر من عالمنا العربي وتبقي توظف كل شيئ لتذهب ثروات العرب الي بنوكها ومخزونا الاستراتيجي , لا اعترف ان كانت الاجيال الحاضرة تشعر اليوم بخطورة الانقسام كاقوى الاوراق بيد نتنياهو و تصفية القضية ام لا لكن الاجيال القادمة هي التي ستعيش الكارثة وستعرف كم ساهم الانقسام الفلسطيني في ضياع مشروعهم الوطني وسعرفوا كم كان قادتهم يفتقدوا توظيف مفردات المواجهة لصالح هذا امشروعهم الوطني وثوابتهم الاصيلة ومقدساتهم التي لن تقبل اي سيادة غير السيادة الفلسطينية الاسلامية .

هنا لااتوقع ان نكون مؤثرين ايجابيا في تغير الخارطة السياسية في اسرائيل لصالحنا لاننا اصبحنا بخاطرنا او غير خاطرنا ورقة رابحة لصالح التطرف واليمينة في اسرائيل وان كنا نعتقد اننا بعد الانتخابات سنحقق تفوق ونحشر اسرائيل في خانة ما فاننا واهمون لان انقسامنا انجح اليمين الاسرائيلي على مدار اكثر من عشر سنوات وبالتالي هو الذي انجح اليمن اليوم و بالتالي نكون الاداة التي استخدمتها اسرائيل لتصفية قضيتنا الفلسطينية وما علينا الا ان نعترف ونكتب للاجيال القادمة رسالة معنونة "حاكمونا على انقسامنا كما شئتم" .

د.هاني العقاد
[email protected]