إعتمدت السلطة الوطنية الفلسطينية منذ نشأتها في عام 1994 بشكل أساسي على المساعدات والمنح الخارجية المقدمة من المجتمع الدولي ، وبحسب تصريحات حديثة للمجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والإعمار "بكدار"، فإن إجمالي المنح والمساعدات والقروض الخارجية الموجهة للسلطة الفلسطينية، قد بلغت 36.5 مليار دولار منذ تأسيسها عام 1994 حتى نهاية عام 2017، منها 1.06 مليار دولار كقروض خارجية ، هذا بالإضافة إلى 16.5 مليار دولار قدمت من المانحون لدعم الأونروا خلال نفس الفترة.
وتصدر الاتحاد الأوروبي قائمة البلدان الداعمة لفلسطين، خلال تلك الفترة بإجمالي 6.57 مليار دولار، تشكل نسبتها 18% من إجمالي المنح ، ويأتي في المركز الثاني الولايات المتحدة الأمريكية بإجمالي 5.74 مليار دولار، تشكل 15.7 في المائة من إجمالي المنح ، وتأتي السعودية ثالثا بإجمالي 3.6 مليار دولار تشكل 9.8%.
وشكلت المساعدات العربية المقدمة للسلطة الوطنية الفلسطينية حوالي 23% من إجمالي المساعدات وكان توزيعها كما يلي ، السعودية 42.8%، الإمارات 25.9%، الجزائر 10.3%، الكويت 8.5%، قطر 8.5% و 4.1% من الدول العربية الأخرى.
هذا بالإضافة إلى إعتماد السلطة الوطنية الفلسطينية على أموال المقاصة ، حيث أن متوسط قيمة أموال المقاصة الشهرية 670 حوالي مليون شيكل ، و بلغت إجمالي قيمتها خلال عام 2018 حوالي 8 مليارات شيكل ، وتستخدم إسرائيل تلك الأموال لخدمة مصالحها و أجنداتها السياسية فأحيانا تسارع إلى حجز الأموال وأحيانا تسارع إلى تحويل الأموال , ومن المتوقع أن تواجه السلطة أزمة مالية خانقة خلال الأشهر القادمة بسبب عدم تحويل أموال المقاصة و سوف تؤثر على كافة مناحي الحياة الاقتصادية و الاجتماعية.
كما لدى الحكومة الفلسطينية مصادر إيرادات شهرية من الضرائب المجباة محليا ، إلى جانب رسوم المعاملات الحكومية الصادرة من الوزارات والمؤسسات الحكومية ، و بلغ متوسط الإيرادات المالية الشهرية المحلية (لا تشمل أموال المقاصة)، حوالي 401 مليون شيكل، تشكل نسبتها 81% من إجمالي فاتورة الأجور الشهرية.
وخلال الأعوام الأخيرة إنخفض حجم المنح و المساعدات المقدمة للسلطة بشكل ملحوظ وتوقف الدعم الأمريكي بشكل كامل ، وكل هذا أحدث إرباك وعجز في موازنة السلطة الوطنية الفلسطينية وأصبحت تعاني من أزمة مالية خانقة ، و هي نتيجة لتراكمات سنين من عدم التخطيط ووضع الاستراتجيات و السياسات الملائمة لوضع السلطة كسلطة ناشئة يجب أن تعتني ببناء المؤسسات وتطوير ونمو الاقتصاد المحلى من خلال تنفيذ مشاريع مستدامة ودعم القطاعات الإنتاجية الصناعية والزراعية و تحسين البيئة الاستثمارية و دعم المشاريع الصغيرة و فتح الأسواق العربية أمام المنتجات الفلسطينية , وفتح أسواق العمل العربية أمام العمالة الفلسطينية , لتأهيلها للتحول إلى دولة مستقلة تستطيع الاعتماد على ذاتها.
ووفق إحصاءات رسمية، تعاني السلطة الوطنية الفلسطينية من ديون متراكمة بلغ حجمها حوالي 5 مليار دولار أمريكي موزعه كالتالي حوالي 1.2 مليار دولار للبنوك المحلية ، و حوالي 2 مليار دولار مستحقة لهيئة التقاعد الفلسطينية ، و حوالي 600 مليون دولار لموردي السلع والخدمات من القطاع الخاص ، وبلغ حجم الدين الخارجي على السلطة الفلسطينية حتى نهاية 2018 حوالي 1,535 مليون دولار أمريكي ، بالإضافة إلى مستحقات الموظفين في غزة التي تم خصمها على مدار عامين ولا يعرف حجمها وما مصيرها.
وأخيرا وبحساب الربح و الخسارة نجد أن السلطة الوطنية الفلسطينية تخسر منذ 25 عام ، فإلى متى سوف تستمر الخسارة , ألم يحن الوقت لوضع الخطط و الاستراتيجيات و السياسات و الدراسات و إيجاد البدائل الملائمة للاعتماد على الذات والاستغناء عن المنح و المساعدات المشروطة ؟؟؟؟؟؟؟.
بقلم/ د. ماهر الطباع