بديل نتنياهو ليس “جيفارا“

بقلم: راسم عبيدات

في كل انتخابات للكنيست الصهيوني،يخرج علينا دعاة المشاركة في تلك الإنتخابات من الكتل العربية بالقول،علينا ان نستنفر طاقاتنا وان نخرج للمشاركة في الإنتخابات،وان "ننفر خفافاً وثقالا"،لكي لا يسيطر اليمين الإسرائيلي على الحكومة والبرلمان الصهيوني "الكنيست"،تحت ذريعة وحجج بان هذا اليمين س"يتغول" في البطش والقمع والتنكر لحقوق شعبنا الفلسطيني، والإستنفار الأول كان في عام 1996 لدعم "حمامة" السلام بيرس، القائل بأن اوسلو الإنتصار الثاني لدولة اسرائيل بعد النكبة،ومن أغرق حزبه الضفة الغربية والقدس بالمستوطنات،والمسؤول عن مذبحة قانا،وليفوز بالإنتخابات حزب الليكود بقيادة نتنياهو،وفي عام 1999 استنفر دعاة المشاركة في الإنتخابات للكنيست الصهيوني مرة ثانية،ودعوا الى أكبر مشاركة في الإنتخابات،لكي لا يخسر "حمامة" السلام بارك الإنتخابات،والنتيجة سيطرة اليمين على الحكومة الإسرائيلية وبرلمانها مجدداً،وما أشبه اليوم بالبارحة،الإستنفار من اجل المشاركة،لكي نسقط نتنياهو واليمين،والنتيجة فوز نتنياهو وتوسع قاعدة اليمين وذوبان لما يسمى باليسار الصهيوني الذاهب نحو الإندثار.

أشفق على القائلين بان حملة مقاطعة الجمهور العربي في الداخل الفلسطيني -48 - لإنتخابات الكنيست الصهيوني،عززت من قوة نتنياهو واليمين،وكأن بديل نتنياهو هو "جيفارا" ،وفور توليه الحكم سيعلن عن الإنسحاب الإسرائيلي من الأراضي العربية المحتلة عام 1967،وسيمنح الشعب الفلسطيني حقوقه في دولة مستقلة وعاصمتها القدس ،وسيحقق لنا حق العودة لنصف شعبنا المطرود خارج وطنه...هذا خداع وتضليل لشعبنا ولأنفسكم أيها المشاركين في الإنتخابات لبرلمان دولة الإحتلال،فبديل نتنياهو لا يقل تطرفاً عنه من قوى اليمين الأخرى،فحزب الجنرالات يأخذ على نتنياهو تردده تجاه حماس وقطاع غزة،ولديهم نفس خطاب نتنياهو الإقليمي ونفس الأفكار والمعتقدات،بأن القدس موحدة ولن تقسم ولن تقام دولة فلسطينية غرب النهر ولن تخلى مستوطنات،وللعلم جنرالات اليمين غانتس ويعلون واشكنازي،هم من قادوا الحروب على شعبنا في قطاع غزة،وهم خلال الإنتفاضة الثانية،إنتفاضة الأقصى من دمروا مخيم جنين على من فيه ...ولذلك هذه الحكومة قادها نتنياهو مع احزاب اليمين الأخرى او عبر حكومة وحدة وطنية مع حزب الجنرالات فهي معادبة لشعبنا ولحقوقه،حكومة تقول بتكريس الإستيطان والضم وتشديد القمع والتنكيل والعدوان على شعبنا،ولعلكم تعرفون أكثر من غيركم بأن المجتمع الإسرائيلي منذ عام 1996 يجنح نحو العنصرية واليمين والتطرف،ومنذ ذلك التاريخ وحتى اليوم،أصبح الصراع يتمحور على السلطة في إسرائيل ما بين قوى اليمين الصهيوني الديني واليمين العلماني،وأستغرب قول كبير مفاوضي السلطة وصاحب مقولة " الحياة مفاوضات" صائب عريقات،بأن الإسرائيليين،صوتوا للإستيطان والضم،وكأنه يعيش خارج الواقع،ويعتقد بأن حزب ميرتس والعمل الصهيونيين،واللذان لا يملكان سوى عشرة مقاعد في الكنيست،يملكان القرار في الحكومة أو البرلمان الصهيوني بشأن حقوق شعبنا الفلسطيني.

نحن سنكون أمام حكومة يمين اليمين،واحد أقطاب الليكود،ووزير المواصلات والإتصالات السابق فيها "يسرائيل كاتس"،والذي سيتولى ربما نفس الوزارة في الحكومة القادمة،قال بشكل واضح بان الحكومة ستبدأ بضم الضفة الغربية وإعلان السيادة الإسرائيلية عليها،ولذلك لا بد من مغادرة اوهام وهم ونهج التفاوض والمفاوضات العبثية،والتفكير من خارج هذا النهج والخيار،والذي لم يقدنا سوى نحو المزيد من ضياع الحقوق وفرض الوقائع على الأرض التي تلتهم الأرض وتصفي الحقوق،وحقوق شعبنا الفلسطيني، لا يمكن ان تبقى رهناً وانتظاراً بمن يحكم في اسرائيل او البيت الأبيض،بل تتوقف على من يديرون الصراع من قادتنا مع دولة الإحتلال،واليوم نحن أمام تحالف يميني ليس فقط صهيوني،بل هناك يمين امريكي متطرف بقيادة المتصهين ترامب يقود الحرب مباشرة وبالشراكة مع اليمين الصهيوني على شعبنا الفلسطيني،والمتوقع من بعد شروع نتنياهو في تشكيل حكومته،ان يوسع من إطار حربه على شعبنا وأمتنا العربية،ولذلك لم تعد سياسة الإستجداء والخنوع واستمرار "إجترار" الحديث عن التفاوض والمفاوضات مجدية،ولذلك من الملح والضروري،ليس فقط ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني وتحصينه ضد المشاريع والحلول التصفوية القادمة،وفي المقدمة منها صفقة القرن الأمريكية،عبر خطوات عملية وجدية نحو إنهاء الإنقسام ووقف تداعيات تكريسه كإنفصال بين الضفة والقطاع،بل يجب العمل على إستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية على أساس برنامج سياسي توافقي واستراتيجية وطنية واحدة تقوم على أساس الصمود والمقاومة،وشراكة جدية وحقيقة في القرار،وكذلك يجب فتح القرار والخيار الفلسطيني على اكثر من محور وخيار،ولا يجوز ان يبقى القرار الفلسطيني تحت عباءة ما يسمى بالتحالف العربي،والذي نعتقد جازمين بان بعض اطرافه شركاء في المشروع الأمري صهيوني لفرض حلول تصفية على شعبنا الفلسطيني،خيار التوجه نحو محور المقاومة،وتحمل كل النتائج المترتبة على ذلك،فلم يعد أمام شعبنا الفلسطيني ما يخسره،سوى سلطة بدون سلطة.

أهلنا وشعبنا في الداخل الفلسطيني – 48 – بعد كل هذه الضربات،وبعد كل هذه التجارب والمشاركة في الإنتخابات للبرلمان الصهيوني والجلوس على مقاعده،والتي أثبتت بشكل قاطع بأن إمكانية العمل والتغيير من داخل هذه المؤسسة الصهيونية غير مجدية،وفي أحسن حالاتها تجمل صورة هذا الإحتلال،وتظهره بمظهر ديمقراطي ...آن الاوان لكي تفكروا خارج الصندوق الإنتخابي للكنيست الصهيوني وترسموا خططكم وبرامجكم على أساس مشروع كفاحي وطني فلسطيني،للكل الفلسطيني،بما يوحد نضالات شعبنا على طول وعرض فلسطين التاريخية مع مراعاة الخصوصية لكل تجمع فلسطيني،وكذلك غادروا خانة الأوهام والرهان على التأثير في القرار من خلال المشاركة في البرلمان الصهيوني " الكنيست"،فالقرارات ذات البعد الإستراتيجي مثل حيازة وملكية الأرض، التعليم،التخطيط والبناء وهدم المنازل ،الأمن والإستيطان،هي بحوزة اليمين الصهيوني المتطرف.

فلسطين – القدس المحتلة

10/4/2019

[email protected]

بقلم/ راسم عبيدات