الشجاعة والشهادة توأمان ...!

بقلم: عبد الرحيم محمود جاموس

قل لي بالله عليك من أي منبت أنت، في أي بيت تربيت، وفي أي مدرسة تعلمت، أنت الشجاع والفداء والشهادة أنت ... إنها مدرسة فسطين المقاومة ...

الشهيد عمر أبو ليلى الذي ارتقى شهيداً في 19/آذار المنصرم بعد عملية بطولية قل نظيرها عكست روح الفداء والنضال المتوثب والمتقد وحب الشهادة وعشقها ورمز الشجاعة لدى جيل الشباب الفلسطيني اليوم ...هذا الجيل ما هو إلا امتداد لجيل الآباء والأجداد والقادة الأفذاذ منذ قرن مضى والمواجهة محتدمة بين شعب فلسطين الصامد والمشروع الإستعماري الصهيوني العنصري التوسعي ...

هكذا إذاً هو الشعب الفلسطيني الشجاع والصامد جيلا بعد جيل يضرب المثل في الصمود والمقاومة والتحدي والإستشهاد ...

لقد إرتقى القادة من الفلسطينيين كما ارتقى العامة شهداء في هذه المواجهة الممتدة في كل مراحلها فمن الشيخ فرحان السعدي وموسى كاظم الحسيني إلى الشهيد عزالدين القسام والشهداء الثلاثة فؤاد حجازي وعطا الزير ومحمد جمجوم، لتتبعهم قوافل الشهداء من القادة والمجاهدين والمناضلين والفدائيين فوج يليه فوج فكان الشهيد القائد عبد الرحيم الحاج محمد والشهيد القائد حسن سلامة والشهيد القائد الشاعر عبد الرحيم محمود والشهيد القائد عبد القادر الحسيني وآلاف الشهداء الأبرار الذين مثلوا عناوين بارزة ومحطات هامة في تاريخ النضال الوطني الفلسطيني ...

لقد باتت جميع أيام العام بالنسبة للشعب الفلسطيني تحتضن تلك الذكريات العطرة ذكرى أولئك الشهداء الخالدين، هكذا مثلت الشجاعة والشهادة لدى الفلسطينيين ظاهرة مميزة، يتساوى فيها المناضلون والمجاهدون من مختلف الأعمار ومختلف المقامات من الذكور والإناث منذ بدايات القضية الفلسطينية وإلى اليوم، يكاد لا يمرُّ يوم ليس فيه ذكرى لشهيد، وقد تميز شهر نيسان عن غيره من الشهور، بذكرى العديد من الشهداء والقادة العظام الذين تركوا بصمة مميزة على نضال الشعب الفلسطيني وكفاحه من أجل التحرر الوطني، يذكرهم الشعب الفلسطيني بإجلال وتقدير ويستمد المناضلون الفلسطينيون من ذكراهم العزم والخبرة والشجاعة.

من أبرز الشهداء الذين يتذكرهم الشعب الفلسطيني في هذا الشهر / الشهيد عبد القادر الحسيني / الذي ارتقى شهيداً في معركة القسطل في الثامن من نيسان 1948م، وشهداء مجزرة دير ياسين في التاسع من نيسان 1948م، والشهداء القادة العظام / أبو يوسف النجار / وكمال عدوان / وكمال ناصر / الذين استشهدوا في عملية معقدة للموساد الصهيوني في بيروت فيما عرف بعملية الفردان في 10 نيسان 1973م والشهيد الكبير أمير الشهداء / خليل الوزير / أيضاً في عملية معقدة ومركبة للموساد الإسرائيلي في 16 نيسان 1988م في تونس، والشهيد الدكتور المفكر والمبدع / عصام سرطاوي / في عملية إغتيال مزدوجة امتدت خلالها رصاصات الغدر والخيانة لتنال من الشهيد في مدينة لشبونة البرتغالية صباح يوم العاشر من نيسان للعام 1983م، والشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي في 17 نيسان 2004م في مدينة غزة.

هؤلاء الشهداء الأكرم منا جميعا سالت دمائهم الزكية داخل الوطن وخارجه وعلى حدوده في معركة واحدة هي معركة الشرف والكرامة والحرية والإستقلال كي تنير الطريق للأجيال اللاحقة وتضرب لهم المثل بالفداء والشهادة والشجاعة على طريق النضال من أجل الحرية، وتلك المحطة البارزة كانت في إستشهاد سيد الشهداء القائد الخالد الرمز ياسر عرفات أبو عمار في 11/11/2004م والذي أطلق صرخته المدوية قبل إستشهاده (يريدونني أسيرا أو طريدا، وأنا أقول لهم شهيدا شهيدا شهيدا) لتتردد صرخته في كل حي ومدينة وقرية ومخيم داخل فلسطين وخارجها ليرددها بعده شباب فلسطين جيلا بعد جيل حتى يتحقق النصر، فهاهم نماذج الشهداء اليوم، الشهيد أحمد جرار والشهيد عمر أبو ليلى وغيرهم العشرات والمئات ممن قضوا وممن ينتظروا وما بدلوا تبديلا، يلبون نداء الخالد ياسر عرفات كما لباهُ قبلهم آلاف الشهداء ليتواصل درب المقاومة والفداء والعطاء حتى تتم هزيمة المشروع الإستعماري الصهيوني العنصري فوق أرض فلسطين، ويستعيد الشعب الفلسطيني حقوقه التاريخية والوطنية والقومية كاملة غير منقوصة، لا يثنيه تهديد ولا وعيد ولا غطرسة أو عربدة هنا أو هناك، لتؤكد قوافل الشهداء وقوافل المقاومين وإصرار الشعب وتمسكه بحقوقه أن الإحتلال زائل والحرية والإستقلال آتيين لا محالة.

رحم الله الشهداء الأفذاذ رحمة واسعة، لن ينساهم شعبنا وسيبقوا هم الأكرم منا جميعا، داعين لهم الرحمة لدى مليك مقتدر، مؤكدين على مواصلة الدرب الذي قضوا عليه حتى تتحرر فلسطين وتتحقق كامل الأهداف التي قضوا من أجلها، هؤلاء هم شهداؤنا وقادتنا الذين نجلُ ذكراهم لما تمثله من نبراسٍ يضيء لشعبنا وأجياله المتلاحقة طريق الحرية والإستقلال، ويبقى شهر نيسان شهر الشهداء من القادة والمناضلين الأفذاذ ...

وستبقى فلسطين أول العهد .. وأول الميلاد ... وهي الهدف والغاية حتى تعود حرة عربية أبية ...

يرونه بعيدا ونراه قريبا وإنا لصادقون ...

بقلم/ د. عبد الرحيم جاموس

رئيس المجلس الاداري لاتحاد الحقوقيين الفلسطينيين

عضو المجلس الوطني الفلسطيني

الرياض 11 / 4 / 2019م