لا الاردن ....ولا سيناء ..

بقلم: هاني العقاد

تدور الان احاديث مخيفة حول الدولة الفلسطينية الجديدة في غزة وبعض اطراف شبه جزيرة سيناء بمساحة اكبر من مساحة فلسطين التاريخية ويدور الحديث عن توظيف عشرات مليارات الدولارات لايجاد وطن اقتصادي للفلسطينين على جزء من ارضهم وهي غزة بلا قدس وبلا حدود مع الاردن ودون الضفة الغربية بالكامل  وبدأ ينتشرعلى صفحات التواصل الاجتماعي خرائط لهذه الدولة بحدود واضحة ومساحة معروفة لكن لا اعرف مصدر هذه الخرائط حتي اللحظة اذا كانت هي خرائط من ملف صفقة القرن تم تهريبها لمعرفة رد الفعل الشعبي في مصر والاردن وفلسطين  ومدي قبول هذا المقترح والتعاطي معه سياسيا وشعبيا على اعتبار ان هذا المقترح سياخذ الفلسطينين الى الجنه وسيعيشوا كشعب مدلل يتمتع بالرخاء والمال والامن والتنقل والاستثمار . لعل هذا الحديث هو الاخطر اليوم والقضية الفلسطينينة تتعرض لحرب التصفية الخطيرة لكافة تركيبات هذه القضية وما يطرح الان ياتي على خلفية اخراج  القدس من دائرة الصراع ومحاصرة السلطة الفلسطينية والشروع في اضعافها حتي تدمر نواة الدولة وتقديم حلول  حسب نظرية الارض البديله  في سيناء او الاردن الذي لا يخفي علي احد انه مهدد بسبب ثباته علي موقفه من الصراع ووقوفه ملكا وشعبا مع الفلسطينين والدفاع عن مقدساتهم وقدسهم وابقائها عربية فلسطينية اسلاميه مهما حاولت اسرائيل تغير هويتها وطابعها العربي الاسلامي .

بعد تصريحات نتنياهو الاخيرة اصبح الامر اكثر وضوحا باعتبار ان الخطوة القادمة  الامريكية بعدما اعترفت الولايات المتحدة الامريكية بالسيادة الاسرائيلية على الجولان واخرج القدس من ملف الصراع يجري الان اخراج غزة من ملف الصراع ايضا لتكون هي ارض الدولة الفلسطينية القادمة وعبرها يقول ترامب "اليوم اكملت لكن دولتكم ورضينا لكم ان تتطوروا وتنموا هذه ادولتكم وتنتشروا وتسافروا حول العالم منها وتعودوا اليها وليس غريبا ان مخطط ترامب " صفقة القرن" قائم بالاساس على تبادل  اراضي واستجلاب لاجئين فلسطينين من الدول العربية لهذه الدولة لتنتهي تماما قضية اللاجئين وحق العودة لفلسطين التاريخية حسب قرار 194 التاريخي . القادم سيء بكل المقايس كلهم يتسابقوا ليس من اجل حل الصراع واضفاء الامن والاستقرارفي المنطقة  وانما تخفيض التوتر وتبريد الصراع وادارته عبر مشاريع ترقيعية فحواها انساني وعمقها سياسي تأخذنا  للتورط  في تلك الحلول تدريجيا, القادم ليس الدولة الفلسطينية وانما بدائل الدولة الفلسطينية على حدود العام 1967 وخارج الارض الفلسطينة باعتبار ان اسرائيل تطمع اليوم في الاستيلاء على  كل الارض الفلسطينية خالصة لها  ولدولة اليهودية المزعومة .

العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني يدرك تماما خطورة المشهد الان ويعرف ما آلت اليه الامور وهو قارئ جيد للمخططات الامريكة لذلك فان الاردن اليوم مهدد كما اراضي الدولة الفلسطينة عام 1967 مهددة بالتفكيك والازاحة للسيادة الاسرائيلية والبديل طبعا جزء من ارض المملكة الاردنية الهاشمية للتوطين اولا وثانيا سحب كل رعايتها واشرافها الهاشمي الاصيل للمقدسات في القدس باعتبار ان السيادة الاسرائيلة على كامل الارض الفلسطينية بما فيها القدس التى اعلن ترامب عنها عاصمة لاسرائيل . لعل الملك عبدالله الثاني يدرك طبيعة القوي التي تحاصر الاردن باعتبار ان موقف الاردن داعم تماما للموقف الفلسطيني والذي يمثلة الرئيس ابو مازن رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ومهما وصل الامر من حصار وقمع اقتصادي مشترك للاردن وفلسطين فلا يمكن ان تقبل الاردن بتوطين الفلسطينين مقابل المال  لذا فأن  الملك طالب بتعزيز العمل العربي المشترك تاكيدا لما تم الاتفاق عليه في القمة العربية الثلاثين بتونس واوضح للمواطنين ان هناك استهداف منظم تكمن خلفه اجندات واضحة تعمل وراء الشاشات وفي الخفاء لتوتير المشهد الداخلي واثارة الفوضي لارباك المشهد برمتهه كنوع من التهديد لسيادة الاردن الرافض لكل مخططات امريكا واسرائيل ومن لف لفيفهما .

كما رفض الاردن اي عملية توطين او التنازل عن اي ارض ضمن الجغرافيا الجديدة لخارطة المنطقة فأن مصر ايضا لن تقبل بيع شبر واحد من سيناء بكل اموال الدنيا  فهي ارض مصرية رويت بدماء مصرية  علي مداء التاريخ وخاصة الحروب الكبيرة 1956 و 1967 و 1973  , وما كانت تلك الحروب سوي جزء من المخطط الحالي لاستقطاع ارض مساوية لمساحة فلسطين كوطن بديل عن حدود الدولة الفلسطينة . لا سيناء ولا الاردن ولا غزة وحدها يمكن ان تحل الصراع وانما ارض فلسطين كل فلسطين هي ارض الدولة الفلسطينة ولعل القبول بحدود العام 1967 ما هي الا القبول بالممكن فقط لتوفير الامن والاستقرار لشعوب تلك المنطقة التي عانت ويلات الحروب والمجازر والتشتت والضياع والفقر والمرض .  مهما اعتبرت اسرائيل نفسها فوق معادلة الاستقرار  وسارعت في تغير الوقائع على الارض من خلال  الاستيطان في كافة اراضي الضفة الغربية والقدس لتقطيع كافة اوصال الضفة الغربية وجعل امكانية قيام دولة فلسطينة متواصلة الاطراف امرمستحيل ومهما ساندت ادارة ترامب  اسرائيل خارج  القانون الدولي ونكرانه والتصرف وكأن ادارة ترامب تملك هذه المنطقة ابا عن جد ويحق لها نزع الملكية الوطنية لاي جزء من الارض المحتلة وامنحه لاسرائيل  ووتقديم حلول تنسف المبادرة العربية تعتمد على حساب اراض غير فلسطينة اي في سيناء والاردن فان هذا يستحيل التسليم به بل يثير الكراهية في المنطقة ويربك كل الحسابات لان الحل الوحيد المقبول هو حل الدولتين دولة اسرائيل والدولة الفلسطينية على حدود العام 1967 والقدس العاصمة وحل قضية اللاجئين على اساس قرارا الشرعية الدولية الصادرة بهذا الخصوص .

[email protected]

بقلم/ د.هاني العقاد