قال نائب رئيس حركة فتح محمود العالول: "إنّ القيادة الفلسطينية تعتزم إعلان سحب الاعتراف بدولة الاحتلال ووقف التنسيق الأمني في جلسة المركزي وإن القيادة الفلسطينية لن تـسمح باستمرار الوضع الراهن".
وفي بداية جلسة الحكومة في رام الله أعلن د. محمد اشتية أن الحكومة ترحب بعقد القيادة الفلسطينية المجلسَ المركزي الشهر المقبل، لافتا إلى أن الحكومة على استعداد لتنفيذ قرارات المجلسين المركزي والوطني لمنظمة التحرير.
ماذا يعني سحب الاعتراف بـ (إسرائيل)..؟ وما مدى جدية التطبيق...؟ وما هي دوافع القيادة الفلسطينية في إطلاق تلك التصريحات...؟
تتعرض القضية الفلسطينية إلى تصفية حقيقية نتيجة الاحتلال والمؤامرات الدولية لا سيما ما بات يعرف بصفقة القرن، المتتبع للشأن العام يخشى أن تكون تلك الصفقة مشابهة لعملية السلام التي استمرت لأكثر من عقدين من الزمن، نجحت العملية التي عززت من حضور إسرائيل إقليمياً ودولياً وأصبحت أمراً واقعاً، وللأسف فشل السلام ولم يتحقق حتى تاريخه. وعليه تطبق (إسرائيل) والولايات المتحدة خطوات تصفوية على الأرض بينما نحن العرب ننتظر صفقة القرن، ونوزع الاتهامات فيما بيننا حول من يتماهى مع صفقة القرن.
ماذا يعني سحب الاعتراف من (إسرائيل)..؟ وقع إسحاق رابين رئيس الحكومة الإسرائيلية آنذاك مع ياسر عرفات رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وثائق الاعتراف المتبادل عام 1993، وبموجبها اعترفت المنظمة بما تسمى دولة (إسرائيل) مقابل اعتراف الكيان العبري بالمنظمة ممثلًا شرعيًّا ووحيدًا للشعب الفلسطيني. وعليه أفهم أن سحب الاعتراف سيكون بسحب هذه الوثيقة التي بموجبها تم توقيع اتفاق أوسلو وإنشاء السلطة الفلسطينية وبموجبها ايضاً اعترفت (إسرائيل) بمنظمة التحرير ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني، وسحب الاعتراف يعني إنهاء كل ما سبق، فهل ستذهب السلطة لهذا الخيار؟ وهل تستطيع مواجهة تداعياته المحتملة..؟ أتمنى أن تكون نعم، وأن يكون هذا التوجه نحو انهاء الانقسام الحقيقي الذي بدأ مع أوسلو، وبعد ذلك ظهرت نتائجه في انقسام يونيو حزيران/2007م. ولكني غير متفائل بذلك وأعتقد أن السلطة تمارس مناورة سياسية للضغط على جميع الأطراف بما فيها دولة الاحتلال لإعادة أموال المقاصة وزيادة دعم السلطة وخلط الأوراق أمام صفقة القرن، وفرملة التفاهمات في قطاع غزة.
تنطلق دوافع القيادة الفلسطينية لإطلاق تلك التصريحات بثلاثة محددات هي:
1. المخاطر الحقيقية التي تعصف بالقضية الفلسطينية لا سيما المتعلقة بفرض السيادة على القدس والضفة الغربية (مناطق ج) التي تشكل ما نسبته 72% من مساحة الضفة الغربية نصفها تقريباً مستوطنات.
2. الأزمة المالية الخانقة التي تعاني منها السلطة التي كان استقطاع جزء من المقاصة الضريبية أحد أسبابها، وظهرت عبر نسبة الرواتب التي صرفت للموظفين خلال الشهور الماضية في الضفة الغربية.
3. تجاوز السلطة في ملف التفاهمات قد يكون أحد الملفات التي استفزت السلطة.
الخلاصة: تبنى المجلس المركزي قرارات وتوصيات متعلقة بسحب الاعتراف ووقف التنسيق الأمني وغيره من القرارات الجريئة ولكن في كل مرة لم يتم تطبيق ذلك، وهو في المحصلة أضعف منظمة التحرير الفلسطينية، حتى باتت (إسرائيل) والمجتمع الدولي يدركان أن ما تقوم به السلطة هي مناورات سياسية وبذلك يتم التعاطي معها وكأنها قفزات في الهواء، نتمنى أن تكون تلك التصريحات هذه المرة حقيقية وأن يتوحد جميع أبناء شعبنا في مواجهة التحديات الكبرى التي تعصف بالقضية الفلسطينية والتي تستهدف المشروع الوطني الفلسطيني، ولذلك متطلباته التي تبدأ بإطلاق يد المقاومة بالضفة الغربية ووقف العقوبات على غزة، وتقديم قضايا ضد جرائم (إسرائيل) في محكمة الجنايات الدولية، والبدء في خطوات عملية لوقف التنسيق الأمني وسحب وثائق الاعتراف المتبادل، هذه أفضل الخطوات لمواجهة صفقة القرن، فلا يوجد شيء نخسره في ظل الواقع الذي نعيشه.
كتب:د. حسام الدجني
المصدر: صحيفة فلسطين