شَّطحة ترامبية ونَّطحة فلسطينية!!

بقلم: شكري الهزَيل

البحر انا وانا البحر وقصة الحب التي بدأت منذ عقود مع هذا الضخم والهائل وامواج المد والجزر وكل هذا وانا لم اتقن يوما فن العوم ,لكني حافظت على مسافة بٌعد وتقدير واجلال لهذا الصديق  الجميل والخطير.. رؤية البحر ليست مثل ركوب امواجه واعتلاء قمة أعماقه التي هي في الحقيقة مغامرة غير مدروسة اذا قرر صديقنا الرقص هائجا مائجا ضاربا كل القامات والاعماق بعرض الحائط... شايف البحر شو كبير..قَّد البحر احبك.. كُّتبت حروفها على رمال الشاطئ الجميل..يا مسافر لا تنسى حبة رمل من شاطئ بلادي..هَّود على حيفا وامشي الشط الشط..شَّوح على كيساريا.. ماتنسى عكا ان وجدت لها سبيلا..مَّيل على يافا والقي التحية على بحرها..قَّبل قٍبلة..نحو الجنوب وسلم على اسدود ولا تنسى عسقلان قبل شاطئ غزة..البابور القديم ومسجد الشاطئ المهجور والمطحنة العتيقة.. المأذن المحاصرة تعانق الأفق  وقد تحولت قسريا الى متحف يحتاج الى تذكرة واذن دخول.. ممنوع الصلاة  داخل هذه البناية!... رائحة الناس  لم تبرح المكان بعد عقود طويلة مرت على الاذان الأخير والصلاة الأخيرة على عبير نسمات البحر..  تذكرت ابوعرب ودَّندنت اغنيتة  وتذكرت كلماتها وانا اقف على صخرة تداعب الأمواج منذ امد..:يا توتة الدار .. صبرك عالزمان إن جار..لا بد ما نعود .. مهما طول المشوار..وهدي يا بحر هدي .. طولنا في غيبتنا..ودي سلامي ودي .. للأرض اللي ربتنا.{.....}وعهد الله و عهد الثوار .. و مهما طولنا المشوار .. راجعلك يا ديرتنا وهدي يا بحر هدي .. طولنا في غيبتنا.ودي سلامي ودي .. للأرض اللي ربتنا!!

تذكرت ان ابوعرب غنى طويلا للوطن والبحر ورحل عن هذا العالم وهو يغني على فراش الموت امنيات ان يورى الثرى في فلسطين.. رحل أبو عرب وبقي البحر وبقي شاطئه على مد البصر يسيل له لعاب العداءين من امثالنا.. اقدام حافية ورمل ناعم وهواء مملَّح بعبق المكان والتاريخ...غبقت قدمي في الرمل وخرجت ومعها مفاجأه ما زلت احتفط بها منذ عقود وكل الحقوق محفوظة لصاحبها وصاحبتها ان كانوا ما زالوا على هذة الدنيا والمفاجأة كانت سلسلة"سلسال" جميلة من الفضة مع خارطة فلسطين كتب عليها: فلسطين عربية وأسماء المدن الرئيسية الفلسطينية من عكا شمالا وحتى بئر السبع جنوبا لاقول في ذاك الوقت: كل هذا الاحتلال الطويل وهذه العمارات الاستيطانية الشاهقة  لكن  فلسطين ظلت حية ترزق تحت رمال شواطئها تشتاق الى أهلها.. الكرامة كل الكرامة والشهامة كل الشهامة والفخر كل الفخر ان تكونوا من ابناء وبنات فلسطين  وطنا ومهجرا وما الدنيا والحياة عليها سوا وصلة عابرة تستحق الحياة مع فلسطين وليست دونها..الحياة وقفة عز.. الوطن فراشها وحافها!!

من يختار درب الوطن علية ان يكمش على الجمر ويسير في دروب الوعر.. لا مقام ولا منصب ولا لقب ولا حتى صلاة تنفع او تشفع لمتخاذل يعيش من صحن عدوة وينسى وطنة المحتل..لا دنيا ولا اخرة..حياة بعل مجانية دون معنى وفحوى..*على هذه الأرض ما يستحق الحياة: تردد إبريل، رائحة الخبزِ في الفجر، آراء امرأة في الرجال، كتابات أسخيليوس ، أول الحب، عشب على حجرٍ، أمهاتٌ تقفن على خيط ناي، وخوف الغزاة من الذكرياتْ. على هذه الأرض ما يستحق الحياةْ: نهايةُ أيلولَ، سيّدةٌ تترُكُ الأربعين بكامل مشمشها، ساعة الشمس في السجن، غيمٌ يُقلّدُ سِرباً من الكائنات، هتافاتُ شعب لمن يصعدون إلى حتفهم باسمين، وخوفُ الطغاة من الأغنياتْ. على هذه الأرض ما يستحقّ الحياةْ: على هذه الأرض سيدةُ الأرض، أم البدايات أم النهايات. كانت تسمى فلسطين. صارتْ تسمى فلسطين. سيدتي: أستحق، لأنك سيدتي، أستحق الحياة"... الخالد محمود درويش يرحل ويترك الحياة ويبقي استحقاق دوام حياة فلسطين امانة في عنق اهلها ..على هذه الأرض ما يستحق الحياة والدفاع والذود حتى لو ولدت أمريكا مليون ترامب وولد الكيان مليون نتانيات!!

 في هذه الاثناء  تتحدث وسائل الاعلام العربي الرسمي عن قدوم "صفقة القرن" الترامبية وكأنها قدَّر محتوم وتسونامي سيجرف القضية الفلسطينية من جهة وكأن شعب جمل المحامل والانتفاضات والثورات غير موجود من جهة ثانية لنقول لكل الطامعين والساقطين: نحن نَّطاحٍيها وسننطحها النطحة القاضية كما نطحنا من قبلها ناطحات سحاب أفكار كل الفاشيين والامبرياليين والصهاينة اللذين لم ينعموا بالامن والاعتراف منذ نشأة كيانهم المغتصب على جماجم الشعب الفلسطيني وحتى يومنا هذا... لاتفرحوا بالصيد يا صايدينة ما جابت" جلبت" هذا الصيد الا أمور صعائب وامور مخزيات عصابة محمود عباس ومشتقاتة  في الضفة وعصابة احمد الطيبي ومشتقاتة في الداخل الفلسطيني..لا تفرحوا بترامبيات الفاشي ترامب وفريدمان.. لا القدس لكم ولا الجولان ولا أي مكان اخر..طابو الأرض ما زال في جيب قمبازنا وداخل طاقة دارنا العتيقة وكل ما علينا عمله هو إزاحة بيت العنكبوت حتى نصل الى اوراقنا الثبوتية..الشعب الفلسطيني صاحب قرون النضال الاطول سينطح القرن كما نطح غيرة  ولن يغير في جوهر الامر هذا مليون توقيع من قلم معتوة واشنطن سليل الدعارات وتاجر العقارات.. لسنا عقار  يملكه تاجر حقير ومنحط ولسنا غائبون لا عن الوعي ولا عن الذاكرة ولا عن الوجود.. نحن هنا وهناك في فلسطين والمهجر واكناف الوطن والقدس وكل مكان وعلية ترتب القول ان شطحة ترامب التي اسماها كذبا وتضليلا ب"صفقة القرن" في مرمى الوطنية الفلسطينية وسننطحها نطحة النهاية ونطيح بها حتى لو كانت ناطحة سحاب..يا جبل ما هزك ريح والنطحة الفلسطينية في انتظار شطحة ترامب وعصابة اللاهوت الصهيونية... شطحة ترامبية ونطحة  فلسطينية قادمة لا محالة..دمتم مرفوعي الراس أبناء وبنات فلسطين والأمة العربية وطنا ومهجرا ونحن لها بالعرض والطول وياما مَّر من على الجسر كلاب ضالة من أمثال كلب واشنطن وجرو تل ابيب..عاشت فلسطين شامخة وعامرة في قلوب شعبها وطنا ومهجرا!!

 

د.شكري الهزَّيل