قال صلاح البردويل القيادي في حركة حماس خلال ندوة نظمها المكتب الإعلامي الحكومي في غزة , أن هناك تحضيرات لتشكيل هيئة وطنية لمواجهة صفقة القرن , ورغم أن الهيئات واللجان الفلسطينية أكثر من الهم على القلب , ومع ذلك لم تستطيع هذه الهيئات إنهاء حالة إنقسام دامت إثنا عشر عاماً , فلا جدوى من هيئة إضافية تزيد من العدد فقط , إلا أن هذا المطلب كان رئيسياً في الندوة , وتم تفسيره من البعض على أنه محاولة لإيجاد بديل عن منظمة التحرير ليس أكثر , ولو إفترضنا حسن النية من وراء إنشاء هذه الهيئة , فهل نستطيع أن نوحد بين غزة والضفة والشتات من خلال هذه الهيئة في ظل الإنقسام؟ وهل فلسطينيو الشتات مهيئون لهذا العمل في ظل قبضة الأنظمة العربية واللذين يعيشون تحت سقفها؟ وأيضاُ في ظل حالة الإقصاء الواضحة من قبل مراكز القرار في داخلنا الفلسطيني لهم , والمتمثلة بضياع حقهم في الإنتخاب أو على الأقل الإستفتاء , بالطبع هذا صعب للغاية بسبب ما ذكرت .
وقال البردويل أيضاً أن المطلوب لمواجهة صفقة القرن هو مواجهة تطبيع الأنظمة العربية مع إسرائيل , وهنا السؤال المهم , هل تستطيع حماس والتي هي ستكون جزء من حملة مواجهة التطبيع , أن تواجه قطر رائدة التطبيع مع إسرائيل وممولة غزة؟ بالطبع لا , وهل تستطيع حماس أن تواجه تركيا أكبر المطبعين مع إسرائيل , وفي نفس الوقت أكبر المروجين لحماس إعلامياً , والداعمين لها معنوياً؟ بالطبع لا , وهل تستطيع حماس مواجهة مصر أم المطبعين مع إسرائيل , وهي في نفس الوقت صاحبة التوكيل الحصري لإدارة ملف الهدنة بين حماس وإسرائيل؟ بالطبع لا , بالإضافة الى أن مصر أصبحت شريان الحياة بالنسبة لحماس في غزة .
وطالب البردويل بإلغاء إتفاقية أوسلو , والتنسيق الأمني والذي هو جزء من صفقة القرن بحسب تعبيره , فماذا يقصد البردويل من إلغاء أوسلو؟ هل هناك مفاوضات قائمة مثلاً ويجب إنسحابنا منها كطرف فلسطيني؟أم عودتنا الى ما قبل 1994 , وتفكيك مؤسساتنا , وإرجاع غزة وأريحا والضفة الى اليهود , وسحب مسمى دولة فلسطين من الأمم المتحدة.. وإذا كان البردويل يقصد بإلغاء أوسلو بإنسحاب الطرف الفلسطيني من تداعيات هذا الإتفاق كالتنسيق الأمني وبروتوكول باريس وبعض الإتفاقيات الملحقة بأوسلو وغيرها , فهل تستطيع السلطة فعل ذلك في ظل الواقع الجغرافي والإقتصادي والسياسي , بالإضافة الى أنها غير محمية من الفصائل الأخرى بسبب الإنقسام , وهل هناك شبكة أمان عربية لحمايتها في حال فعلت ذلك؟ .
برأيي أن نظريات البردويل في الندوة جيدة للدراسة ومن ثم التطبيق , وهذا في ظروف مختلفة عن الواقع وعلى أرضية صحية وقابلة لذلك , وهذا لو إفترضنا أن تشكيل الهيئة الوطنية ليس بديلاً لمنظمة التحرير , ولكن هذه النظريات من الصعب أن تتحول الى عمل في ظل الإنقسام السياسي والإقتصادي والجغرافي , وستبقى موثقة في وسائل الإعلام كالنظريات التي سبقتها , وهذا بالطبع بسبب كلمة السر لكل معاناة الشعب الفلسطيني وهي الإنقسام الأسود .
أشرف صالح
كاتب صحفي