استمعت لخطاب فخامته اكثر من مرة علني اجد شيئا مطمئنا او يدعونا للتفاؤل بأن هناك تراجعا او موقفا قد يتخذه الرئيس يضعنا ولو على بداية الطريق ، طريق مختلف تماما عن ماضيهم و حاضرهم ونهجهم و سياساتهم و لكنني في كل مرة استمع فيها اصاب بالغمة و القرف و ان من شب على شيء شاب عليه و ان كانت مناشدة الرئيس في مكان ثانوي و ليس رئيسي و كان من الاجدر بالرئيس ان يعود لشعبه و يحكي حكايته و اسطوانته التي لا جديد فيها ،ليس عبر مجلس مركزي و لا ثانوي ولا ربع مركزي لان الرئيس يعلم ان هذا المركزي و رغم انه اخذ عدة قرارات لم ينفذ منها شيئا و لكن بحكم الشرعيات الوطنية فهو ليس ممثلا للشعب الفلسطيني ولا تعبر قراراته عن خيارات هذا الشعب في اشد الاوقات و الازمات التي تستوجب الرجوع للشعب بشكل مباشر .
ضحكت بشكل هستيري عندما ردد كلمة "بدهم يضحكوا علينا" هما للأن يا فخامة الرئيس ما ضحكوا عليه لسه ؟ ! المشكلة ان كل ما تحدث ه الرئيس يقع تحت بند "انضحك عليه" بل انضحك على مجمل قيادة منظمة التحرير و قيادة فتح هذا بحسن النية لانه من دواعي العقل الانساني عندما يجد الانسان مطبا او قناة ماء وسخة يتخطاها ولا يغوص بقدميه و ربما لتصل الى رأسه بإرادته ، شيء عجيبو غريب يا سيادة و فخامة الرئيس و مرة اخرى ضحكت و شر البلية ما يضحك عندما قال معلقا على كيري "شفت شي ما شفت شي" بهالبساطة رئيس سلطة و ممثل لشعب الفلسطيني تمر عليه الاشياء عابرة فكيف يمكن لهذا ان يتخذ قرار مصيري .
انضحك عليك يا فخامة الرئيس بل انضحك عليكم جميعا السابق و اللاحق ، عندما انقلبتم على خيار الكفاح المسلح و اعتمدتم النقاط العشر و الحل المرحلي منذ عام 1974 و انضحك عليكم في جميع اللقاءات التي بدأت ايضا من هذا التاريخ و لم تتركوا عاصمة عربية او اجنبية الا ولهثتم وراء لقاء مع القوى الاسرائيلية لعلكم تحوزون على اعتراف امريكي اولا و اسرائيلي ثانيا و ان يفتح لكم مكتبا لممارسة كل شيء فيه في الولايات المتحدة الامريكية والذي اغلقته امريكا منذ عدة شهور ، و انضحك عليكم لان مازالت منظمة التحرير هي منظمة ارهابية في وجهة نظر امريكا .
لو رجعنا للتاريخ يا فخامة الرئيس ، لقد حاربتم بكل الطرق كل من اعترض طريق الحل المرحلي و تعرضت فتح لعدة هزات من جراء ذلك و اغتيالات و العاب لا يلعبها الا الحاوي لتستفردوا بالقرار و تقسوا من تقسوا و بكافة الاشكال و كانت لعبتكم ايضا مع القوى الوطنية الاخرى هي اللعبة التي لم تتغير ، التحكم في المال و احداث انشقاقات في الفصائل الاخرى بين موالي و غير موالي وصولا الى الممر الاجباري في اعلان الاستقلال عام 88 الذي كان مقابلة الاعتراف ب 242 و الاعتراف باسرائيل .
يا ليتكم ثبتم على خيار الحل المرحلي بمفاهيمه الثورية لكنا الان بحال افضل حالا من حيث الثقافة و السلوك و الحالة التعبوية و الامكانيات التي قد تسخر للصراع مع دولة الاحتلال و لكن تماديتم كثيرا و تجاوزتم ليس فقط فكرة حركة فتح و اطروحاتها و مبادئها و اهدافها بل ذهبتم بعيدا .
سلوك لم يتغير منذ عقود و الاخطاء هي نفس الاخطاء و في كل الساحات و في كل المواقع و الظروف و كأن هذا النهج لا يفعل شيئا الا بما هو مبرمج لنصل الى حالة اللاوعي و حالة التشتت و حالة الانهيار للمشروع الوطني الذي اقره المجلس الوطني بخياراته المتدنية .
ذهبتم لاوسلو كاللصوص في باريس و غير باريس و مدن اخرى و في تكتم شديد و كأنكم تعرفون بأنكم تمارسون خطيئة بحق القضية الفلسطينية و الشعب الفلسطيني و فرضتم اوسلو واقعا على دول الاقليم و على الشعب الفلسطيني .
لماذا تكذبون هل في اوسلو شيء اسمه دولة فلسطينية ام حكم ذاتي محدود ؟ انتم قد تخليتم عن كل قرارات الشرعية الدولية باتفاق اوسلو سواء 194 او 181 او كل القرارات التي ذكرتها يا سيادة الرئيس و التي تمثل مئات القرارات لصالحالشعب الفلسطيني .
قبلتم بأن تكون القضية الفلسطينية قضية امنية اسرائيلية داخلية بمفهوم التفاوض المباشر و من قال ان المفاوضات المباشرة كانت بعد الانتفاضة الاولى بل هي ممتدة عبر اربع عقود و نصف و الغريب انكم تقولون "بدهم يضحكوا علينا" اليست اربع عقود و نصف كافية لان تفهم انه انضحك عليكم ما فائدة الاعتراف الان بعد ان قفز الوقت و كما تحدثتم ان صفقة القرن قد نفذ 80% منها و لم يبقى الا القليل وتطلبون من العرب ماذا ستفعلون ؟ هل شاورتم احدا قبل دخولكم الى المفاوضات النهائية في اوسلو و هل شاورتم و رجعتم لشعبكم قبل ان تتورطوا ؟
الولايات المتحدة الامريكية كان دورها واضح مع كل الرؤساء الامريكان بتحييد القرارات الدولية و اعتبار ان القضية الفلسطينية هي قضية امن داخلي اسرائيلي و انتم قبلتم بالتفاوض المباشر تحت هذا البند و كما برهنتم واوضحتم يا فخامة الرئيس يعني ذلك ان الضفة الغربية هي يهودا و السامرة اسرائيلية و لماذا قبلتم بهذا المفهوم منذ عدة عقود ؟!
اما الان فلقد اوشكت ان تقع الفأس في الرأس ماذا اعتدتم غير الالفاظ لمواجهة تلك الصفقة على ممستوى اعداد الجبهة الداخليةة و انهاء الانقسام ، فرق كبير بين ان نتلفظ بالمعارضةة و ان نعمل جديا لكي نكون معارضة و مقاومة لهذه الصفقة ، و لكن هناك مطب يا فخامة الرئيس اعترفت به ايضا بأن الاتصالات مع امريكا لم تنقطع على المستوى الامني و هنناك الان وفود من الكونغرس تجتمع مع حكومة شتيه الجديدة هل يمكن ان نقول ان حكومة شتيه متوافقة مع طرح صفقة العصر في التشكيل و التوقيت خاصة ان شتيه كان في زيارة للولايات المتحدة قبل تكليفه بشهر اي ان تشكيل الحكومة وتوقيتها ليس خيارا فلسطينيا بل خيارا باطنيا اتخذتموه يعبر عن موافقة امريكا عليها واسرائيل و خاصة ان غريبلات بارك لشتية بالوزارة .
كثير مما سوف نقوله وليس له متسع في هذا المقال ماذا سيعطوك على العرب غير بضع ملايين و هل يمكن ان تكون تلك الملايين هي تعويضا و بديلا عن شعبك الذي يجب ان تلجئ اليه لا مجالس ولا هيئات ولا غيره بل الشعب بشكل مباشر فهو الكفيل باسقاط تلك الصفقة اذا كنتم جادون .
بقلم : سميح خلف