إيليت شاكيد نموذجٌ للعقلِ الصهيوني والفكرِ التلمودي

بقلم: مصطفى يوسف اللداوي

لا يغرنكم أنها تبدو جميلة الوجه رشيقة القوام، تتابع الموضة وأحدث الأزياء العالمية، وتحرص على أن تلبس أجمل الثياب، وأن تظهر في أبهى صورةٍ وأجمل هيئةٍ، وتشارك في الحفلات الفنية والمناسبات العامة، التي تعرضها القنوات التلفزيونية وتركز عليها الكاميرات ووسائل الإعلام، فهذه الشكليات المزيفة لا تخفي حقيقتها العنصرية، وفكرها الإرهابي البغيض، ولا تستطيع أن تجمل صورتها الداخلية القبيحة، ولا أن تحسن من أفكارها العنصرية المقيتة، أو أن تطمس فاشيتها الظاهرة وعدوانيتها السافرة، بل لعلها تستغل شكلها وجمالها كقاتلة الأنبياء الغانية سالومي للترويج لأفكارها اليمينية، وبث سمومها القاتلة، وتعميم سياستها المتطرفة، وقد بدا ذلك بسفورٍ خلال ترويجها لعطرٍ يحمل اسم الفاشية، وكأنها تستنهض أفكارها وتبعث فيها الحياة.

إيليت شاكيد رغم أنها فشلت وشريكها في الانتخابات الأخيرة، ولم يعد لها مكانٌ في الكنيست الإسرائيلي، وعما قريب ستترك منصبها كوزيرةٍ للعدل، وستعتزل الحياة السياسية العامة كما أعلنت بنفسها إثر هزيمتها المدوية وحزبها، إلا أنها لم تتخل عن أفكارها ولم تتراجع عما كانت تؤمن به، ولم تغير من قناعاتها التي ما زالت تعبر عنها وعن شريحةٍ كبيرةٍ من المجتمع الإسرائيلي الآخذ في التشدد والتطرف، فقد اكتسحت بأفكارها العنصرية حزبها السابق اليميني المتشدد "البيت اليهودي"، ودعت وهي ممثلةً عنه في الكنيست إلى إبادة العرب والتخلص منهم، علماً أن أصولها عربية عراقية، إذ هاجر والدها من العراق، وخدمت مدربةً للمشاة في لواء النخبة "جولاني" في جيش الاحتلال، وتزوجت من ضابطٍ طيارٍ اعتاد على قصف الأهداف العربية.

قبل أيامٍ قليلةٍ وصفت الشعوب العربية في المغرب وتونس والجزائر بأنهم حمقى، ولا يستحقون الحياة، وتعهدت بتدمير بلادهم وخراب أوطانهم، واستخدمت في التعبير عن أمانيها الشيطانية وأحلامها الخبيثة مفرداتٍ واضحةٍ صريحةٍ، لا تخفِ حقدها ولا تستر لؤمها.
إنها لا تختلق أفكارها ولا تبتدع مواقفها، بل تقوم بوصفها والتعبير عنها فقط، وقد تعلمتها وآمنت بها وهي في حزب الليكود مديرةً لمكتب نتنياهو، التي تعترف أنها فيه تعلمت السياسة وأتقنت فن الوصول إلى الأهداف، ورغم أن حزب الليكود كان مدرستها الأولى ورموزه كانوا أساتذتها الكبار، إلا أنها غادرته مع صديقها نفتالي بينت إلى حزب البيت اليهودي وهو حزبٌ أشد تطرفاً وأكثر عنصريةً وكرهاً للعرب عموماً والفلسطينيين خصوصاً.

شاكيد التي أعادت تشكيل المحكمة العليا الإسرائيلية بما يعزز تطرفها ويزيد تشددها، رعت قراراتها المتعلقة بهدم بيوت المقاومين الفلسطينيين، وتابعت دعوات الاستئناف المرفوعة إليها من قبل الفلسطينيين بغية الطعن في القرارات العسكرية، لتضمن رفضها وعدم قبول المحكمة بها، وأيدت دعوات المستوطنين لبناء بؤرٍ استيطانية جديدة، أو للحيلولة دون هدم بعضها أو إخراجهم منها بالقوة.

وهي تنادي بقومية الدولة اليهودية النقية، التي لا يشاركهم العيش فيها أحدٌ، ولا تؤمن بدولة فلسطينية تشاركها أو تجاورها، ولا شيء في قاموسها اسمه الشعب الفلسطيني، ولا معنى عندها لسلامٍ مقابل أرضٍ مع الفلسطينيين، فهم عربٌ وافدون من أرض العرب يجب أن يعودوا إليها ويعيشوا فيها.

وتأكيداً على مفاهميها العنصرية فهي تدعو إلى بسط السيادة الإسرائيلية الكاملة على القدس الشرقية والضفة الغربية والجولان السورية المحتلة، وترفض الاكتفاء بضم المستوطنات الكبرى، وترى أن من حق اليهود أن تكون لهم دولةٌ كاملة السيادة على ممالك إسرائيل القديمة، علماً أنها علمانية متحررة، إلا أنها تجاري المتدينين اليهود في كل ما يتعلق بالأرض والمقدسات.

وهي تنادي بتطبيق عقوبة الإعدام على الفلسطينيين، وترفض الاحتفاظ بالفلسطينيين "القتلة" في السجون الإسرائيلية، وعارضت بشدة صفقة شاليط لتبادل الأسرى، ولا تخفي رفضها لأي محاولة لتحرير المعتقلين الفلسطينيين، بل تدعو إلى التضييق عليهم وفرض الأشغال الشاقة عليهم طوال فترة وجودهم في السجن، في الوقت الذي تطالب فيه برعاية الإسرائيليين المتهمين بقتل فلسطينيين أو المشاركين في الاعتداء عليهم، وقد دأبت على زيارتهم وتوكيل محامين أكفاء للدفاع عنهم.

إيليت شاكيد مثالٌ عن الصورة النمطية لغالبية الإسرائيليين، التي تعبر عن الجبلة اليهودية والأطماع الصهيونية، التي تتربى عليها أجيالهم ويتوسع على أساسها كيانهم، فهم جميعاً متطرفون متشددون، يمينيون عنصريون، مجرمون معتدون، مستوطنون قاتلون، لا فرق بينهم وإن بدوا أحياناً مختلفين، أو تم تصنيفهم إلى يمينٍ متشدد أو يمينٍ وسط، أو إلى عملٍ ويسارٍ، فهم جميعاً سواء في عداوتهم لنا وحقدهم علينا، يمتلكون نفس الرؤية وينفذون ذات الخطة، وغايتهم واحدة، اغتصاب فلسطين كلها وما حولها وتهويدها وبسيط الهيمنة والسيادة الإسرائيلية عليها، وطرد سكانها العرب منها والحلول مكانهم، هذه هي غايتهم وإن اختلفت برامجهم، وهذه أطماعهم وإن تعددت أسماؤهم.

بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي
بيروت في 26/4/2019
https://www.facebook.com/moustafa.elleddawi
[email protected]