رغم القوة الظاهرة للاحتلال ومزاعمه عن الديمقراطية، الا انها قوة وهمية وزائفة وزائلة، ودليل ذلك ملاحقة سلطات الاحتلال للجسم الصحفي الفلسطيني سواء في غزة او الضفة، بالقتل والاعتقال والجرح، واغلاق مؤسسات صحفية، فمن يخاف الكلمة هو ضعيف مهما تظاهر من قوة.
الصحفي الفلسطيني يخشاه الاحتلال، خشية كشف جرائمه بحق الشعب الفلسطيني، والصحفي لا يقل وجعه وألمه عن بقية شرائح الشعب الفلسطيني؛ فالاحتلال لا يريد أن يعرف العالم حقيقة إجرامه، فيقوم بملاحقة الصحفيين، والزج بهم في الأسر وبدون محاكمة بما يسمى الاعتقال الإداري، والسجن بتهم امنية ملفقة، وهو ما يستدعي تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي (رقم 2222)، الذي يضمن حماية الصحافيين.
العلاقة ما بين الأسير والصحفي والعامل واللاجئ؛ علاقة لا تتوقف، وهي جدلية متواصلة؛ فأكثر الأسرى هم إما من العمال أو من اللاجئين، والصحفيون في الأسر، مغيبون، ومنسيون، وبالكاد يتم ذكرهم في وسائل الإعلام.
يوم الأسير من كل عام مضى، الا انه هذه المرة زادنا وجعا خفف منه نجاح الإضراب، وصحفية فلسطينة مثل لمى خاطر تسجن لمجرد تعبيرها عن رأيها بكتابات تحلل الواقع تحت الاحتلال، هو مؤشر على أزمة وخوف لدى الاحتلال، والا هل هناك تفسير آخر لسجن صحفي واكثر من 21صحفي في سجون الاحتلال.
صحيح أن أسرانا وصحفيينا وعمالنا ولاجئونا، يزيدونا شرفا، ونفتخر بهم وببطولتهم وعزيمتهم التي تناطح الجبال، ونرفع رؤوسنا فيهم لتضحياتهم الجسام على مدى تاريخ القضية الفلسطينية؛ ولكن تضحياتهم يجب أن تعطي مردودا وثمارا طيبة كل حين بإذن ربها، يلمسها كل فرد في المجتمع الفلسطيني، وهذا منوط بالقيادات التي حملها ثقيل، وزادها قليل، ومشوارها مع الاحتلال طويل، لا مكان فيه لقصار النفس ممن يظنون ان حل مع الاحتلال الا بمفاوضته.
خيرة من أبناء الشعب الفلسطيني هم أسرى، يأكل الحديد من أجسادهم، وتفنى زهرات شبابهم، وينتصرون في وقف بطش السجان بهم وعزلهم في حفر تحت الأرض أشبه بالقبور، واهمالهم طبيبا كما يحصل مع الاسير بسام السايح من نابلس المصاب بالسرطان.
تمر كل عام مناسبات موجعة مثل يوم الأسير، وعيد العمال العالمي، واليوم العالمي لحرية الصحافة، وذكرى النكبة؛ مناسبات كثيرة كلها ألم لا زوال لها الا بزوال الاحتلال، وتحرير الاسرى في صفقة مشرفة على غرار صفقة وفاء الاحرار واحد – صفقة شاليط.
مهما فعلنا وقدمنا لنصرة الأسرى الصحفيين وغيرهم في معاركهم القادمة نبقى مقصرين، ولن نوفيهم حقهم، فلهم دين في أعناق كل شرفاء وأحرار العالم، ومعاناتهم وحدت ألوان الطيف الفلسطيني بشكل خلاق، لينتصر الكف على المخرز في جولة من الجولات المتتالية دون توقف، فالحق ينتصر في النهاية.
الصحافة لا تقوم باطلاق النار، بل هي تعزز الديمقراطية وحقوق الإنسان وتفضح انتهاكات الاحتلال، واعتقال الصحفيين يتعارض مع المادة (19) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية جنيف الرابعة والبروتوكول الملحق اللذين يفرضان حماية خاصة للصحفيين بوصفهم مدنيين.
معطيات صادمة لاستهداف الجسم الصحفي، فخلال الربع الأول من العام الحالي 2019، بلغ عدد الانتهاكات التي ارتكبها الاحتلال بحق الصحفيين في الأراضي الفلسطينية، والتي بلغت (150) انتهاكاً، حيث اصيب بغزة لوحدها (43) صحفياً خلال تغطيتهم فعاليات مسيرة العودة السلمية، واغلق الاحتلال وحظر وحذف ما يقارب (24) حساباً وموقعاً وصفحة لصحفيين وإعلاميين، وذلك استمراراً لسياستها في محاربة المحتوى الفلسطيني.
بقلم/ د.خالد معالي