من يتابع تصريحات القيادة الفلسطينية في رام الله حول صفقة القرن يخلص بنتيجة مفادها أن صفقة القرن لا تستهدف سوى قطاع غزة، وبذلك مطلوب مواجهتها فقط في قطاع غزة.
فهل قيادة السلطة الفلسطينية في رام الله محقة في ذلك…؟ وأين موقع الضفة الغربية في صفقة القرن…؟ وهل وضعت القيادة الفلسطينية في رام الله خطط لمواجهة صفقة القرن…؟ وأين حركة حماس من الصفقة…؟
لم تنشر صفقة القرن بعد، ولكن السياسة الأمريكية والإسرائيلية على أرض الواقع تكشف لك أبرز ملامحها، والجوهر العام للصفقة هو تصفية القضية الفلسطينية وإعادة رسم الخارطة السياسية لمنطقة الشرق الأوسط بما يخدم المصالح الأمريكية والإسرائيلية.
وعليه فإن الإجابات على أسئلة المقال ستركز على سبب تركيز الإعلام الصهيوني على قطاع غزة عبر تسريبات لخرائط وأخبار تقول أن جزء من سيناء سينضم لقطاع غزة لإقامة دولة غزة الكبرى، وأيضاً في نفس الاتجاه تتكرر التصريحات الصادرة من قيادات السلطة الفلسطينية في رام الله والتي تتهم حماس بأنها تتساوق مع صفقة القرن لإقامة إمارتها في قطاع غزة وهو ما يشكل طعنة في قلب المشروع الوطني.
لا أقلل من أن خطر الانقسام يحقق لإسرائيل الكثير من المكاسب الاستراتيجية على كافة المستويات، وأن فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية هدف استراتيجي إسرائيلي، ولكن أيضاً صناعة الخبر والحدث وكأنه في قطاع غزة فقط هو أخطر من صفقة القرن نفسها، فالضفة الغربية والقدس هي جوهر الصفقة والهدية التي ستقدم لإسرائيل عبر الاقرار بالسيادة الصهيونية على الضفة الغربية كما حصل مع القدس والجولان، وهو ما تحدث به أكثر من مسئول إسرائيلي وأمريكي، وتدعمه المعطيات على الأرض من استيطان وجدار وتهويد وحواجز، وبذلك ضم (مناطق ج) لدولة الاحتلال والتي تشكل ما مساحته 72% من مساحة الضفة الغربية، 42% منها مستوطنات إسرائيلية، بالإضافة إلى رفع سلم غلاء المعيشة في الضفة الغربية عبر زيادة أعداد من يعملون داخل الخط الأخضر بمعنى آخر ربط مستوى المعيشة في الضفة الغربية مع إسرائيل وهو يشكل استهداف غير مباشر لموظفي السلطة الفلسطينية والعاطلين عن العمل، ومن يعمل بالسوق المحلي، وبذلك إبقاء السلطة ضعيفة، وهو ما يسهل عملية ضم الضفة الغربية لإسرائيل لو أرادت الأخيرة ذلك.
في ظل التحديات القائمة فإن المطلوب فلسطينياً لمواجهة صفقة القرن يتمثل أولاً بالعمل الجاد على إنهاء الانقسام ودعوة الاطار القيادي المؤقت للاجتماع لمناقشة ما يمكن عمله لتحويل أي تهديد لفرصة، وأن يبدأ الرئيس عباس بخطوات عملية لتعزيز صمود قطاع غزة عبر وقف الإجراءات العقابية التي أقرها في مارس/2017م، ووقف التراشق الاعلامي فمواجهة صفقة القرن لا يتم عبر الاتهامات المتبادلة التي تضعف الموقف الفلسطيني وتسهل تمرير الصفقة لأنها في النتيجة تصنع رأي عام فلسطيني محتقن ومستقطب وعاجز على اتخاذ أي خطوات.
كما أن المطلوب من حركة حماس العمل بكل قوة لمنع تمرير الصفقة وفتح صفحة جديدة في العلاقة مع حركة فتح، وما قامت به حركة حماس مؤخراً في جمع أغلب فصائل العمل الوطني والإسلامي ضمن مؤتمر متحدون من أجل اسقاط صفقة القرن، وهذا الخطاب الهادئ والمتزن للسيد إسماعيل هنية ودعوته للقاء الرئيس عباس وحركة فتح من الممكن أن يشكل مدخلاً لوضع خطة لمواجهة الصفقة، فصفقة القرن تستهدف المشروع الوطني ولا فرق بين غزة والضفة والقدس، وما لم يتحرك الجميع تحت مظلة وطنية واحدة ستمرر الصفقة، فالتصريحات لا يمكن أن تشكل معيقاً لمرورها بل القرارات الصادمة وعلى رأسها استعادة الوحدة الوطنية والعودة إلى كافة أشكال المقاومة، وتطبيق كافة مخرجات المجلس المركزي هي الخطوات الواجب اتخاذها لمواجهة صفقة القرن، دون ذلك فإن المعطّل لتحقيق ما سبق هو شريك بقصد أو بدون قصد في تمرير صفقة القرن.
د. حسام الدجني
المصدر: موقع قناة الغد