يا لها من مفارقات! فمع اشراقة شمس الأول من أيار؛ وفي يوم العمال العالمي؛ توجه مئات ألاف العمال في الضفة الغربية والوطن إلى أعمالهم وأشغالهم بهمة ونشاط؛ سواء في الضفة او الداخل المحتل، فيما كان عشرات الاف الموظفين في اجازة بمناسبة عيد العمال.
يعيش اغلب العمال تحت خط الفقر الوطني الذي اعتمده جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني وحدده بقيمة 2350 شيكلا ما يقارب 677 دولارا أمريكيا، وهناك من العاملات من تتقاضى أجرة شهرية ب600 شيكل ، وهو اقل من الحد الأدنى للأجور البالغ 1450 شيكلا.
واقع تعيس تعيشه شريحة العمال؛ نتيجة وقوعهم تحت أشرس وأظلم احتلال عرفه التاريخ؛ رغم أن جميع عمال العالم يفرحون به؛ عبر تحقيقهم الانجاز تلو الانجاز، وتحصيل حقوقهم من حلوق مشغليهم من أصحاب رؤوس الأموال، الا انه لا يوجد جسم يحمي حقوقهم التي من المفترض انهم متحدون لحمايتها على اقل تقدير، وليس ان تهدر حقوقهم صباح مساء.
عمال الضفة، مستهدفون من الاحتلال، على مدار الساعة في لقمة خبزهم المغمسة بالدم؛ فخبر وفاة عامل خلال عمله بات خبرا عاديا، فعشرات الوفيات تقع بينهم سنويا بسبب ملاحقة الاحتلال، وبسبب حالة القلق والخوف خلال العمل أو بسبب اجتيازهم للحواجز والجدار العنصري للوصول إلى أماكن عملهم في الداخل المحتل، حيث لا مفر لهم سوى تحدي كافة المخاطر.
برغم الأجرة المرتفعة نسبيا التي يحسبها هكذا البعض؛ معاناة العمال في الداخل المحتل لا توصف ومتعددة الأوجه في الضفة الغربية؛ حيث يتم ابتزاز بعضهم والضغط عليهم بطرق عديدة، من بينها أكل وهضم حقوقهم، ومحاولة الإسقاط والتخابر عبر التصاريح، عدا عن حالات الوفيات العديدة، والابتزاز الجنسي والمخدرات وغيرها.
العامل كل حياته مشاكل وتحديات، فمشكلة تصاريح العمل هي الأصعب؛ وهي نقطة ضعف كبيرة للعمال يستغلها المشغلين بأكل حقوقهم ومخابرات الاحتلال في إسقاطهم في وحل الخيانة ان استطاعوا إلى ذلك سبيلا؛ وباقي العمال يعملون بشكل غير قانوني، حيث يكون الموت والحبس يترصدهم في كل لحظة على يد شرطة الاحتلال وجنود حرس الحدود وجيش الاحتلال وغيرهم.
كل عامل لا يحمل تصريحا هو أيضا معرض للابتزاز ومن يحتج أو يعترض يقول له مشغله سوف أسجنك عبر الاتصال بالشرطة ويتهمه بأنه مخالف، وكثير من العمال تذهب حقوقهم هدرا بعلمهم او بجهلم، وكل حسب ظرفه ووضعه.
في المحصلة معاناة عمالنا البواسل هي جزء من معاناة الشعب الفلسطيني، لكن اللوم يقع بشكل كبير على معاناة العمال التي هي من صنع ايدينا، فهل يعقل ان يشغل طبيب، او شركة او رجل اعمال عنده، امرأة ب400 شيكل شهري فقط، لا غير!؟
بقلم/ د. خالد معالي