تحتفل الطبقة العاملة الفلسطينية وعمال العالم اليوم في الأول من أيار (مايو) بعيد العمال العالمي، فألف تحية لهم في عيدهم وفي نضالهم العادل. فليس هناك متسع من الوقت فيا عمال العالم ويا عمال فلسطين اتحدوا اتحدوا.
فمطالب العمال في يومهم السنوي كثيرة وأخص عمالنا الفلسطينيين الذين يطالبون المجتمع الدولي بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي لوقف تدمير مؤسساتنا الاقتصادية، وحماية أدوات الإنتاج الفلسطيني دون النظر أن مؤسساتنا الوطنية لم تعد إنتاجية، نظراً أن قطاع الخدمات يضم 66% من إجمالي الناتج المحلي على حساب القطاعات الإنتاجية، في حين أن قطاع الزراعة لا يزيد عن 3% والصناعة عن 13% والإنشاءات عن 8% مما زاد التشوهات الاقتصادية، والتي أدت لإغلاق مؤسسات اقتصادية بكاملها وهجرة عمالها لسوق البطالة والفقر والعوز الاجتماعي، جراء عوامل كثيرة أبرزها القيود التي كبلها اتفاق باريس الاقتصادي إلى جانب السياسات الحكومية الفاشلة لحكومتي السلطة الفلسطينية والأمر الواقع في قطاع غزة.
أين حقوق عمالنا في أراضي الـ48 والتي تقدر بمليارات الشواقل، ولماذا تواصل السلطة الفلسطينية الصمت على ذلك، لماذا لا ننظر ونجري مراجعة لواقع مؤسساتنا الاقتصادية وأسباب هروب رأس المال الفلسطيني إلى الخارج، ولماذا لا نجري مراجعة للشركات الكبرى كمجموعة الاتصالات والبنوك وسواها والتي أرباحها السنوية في تزايد وتقدر بعشرات بل ومئات الملايين من الدولارات فيما اقتصادنا في تراجع دائم والبطالة تتفاقم وتصل إلى نسب لا مثيل لها.
قطاع غزة يعيش على صفيح ساخن والاقتصاد المدمر أصلا يتجه نحو الهاوية مع استمرار الحصار والخنق الإسرائيلي للعام الثالث عشر على التوالي، بالتزامن مع استمرار الإجراءات العقابية للعام الثاني على التوالي، من خصومات للرواتب والتقاعد المبكر والتهديد بقطع مخصصات موظفين وفقراء، وارتفاع نسب البطالة حيث وصلت إلى 52% في صفوف من هم في سن العمل و69% في صفوف الخريجين، وكذلك مياه الشرب التي لم تعد أصلاً صالحة للاستخدام الآدمي، فيما مياه الصرف الصحي تُضخ في البحر وتلوث مياهه، فيما مئات الفنادق والمنتجعات والشاليهات والمولات الضخمة تفتح أبوابها وتعج بأصحاب الدخول العالية، فيا لها من مفارقة غريبة.
إن النضال الوطني الفلسطيني يقف على مفترق طرق في الوقت الذي تسقط الإدارة الأميركية الحقوق الوطنية في صفقة ترامب، واحدة تلو الأخرى من القدس للاجئين.. الخ، فيما الاقتصاد الوطني يقف أيضاً على مفترق طرق مع سرقة الاحتلال لأموال المقاصة الفلسطينية فيما القيادة الرسمية والسلطة الفلسطينية ما زالت تراوح مكانها في التحرر من قيود اتفاق باريس الاقتصادي لفتح تنمية مستدامة واقتصاد وطني فلسطيني قادر على النمو والتطور وفق شروط وطنية، والتحرر من قيود اتفاق أوسلو الفاسد الذي أطاحت به الحكومات الإسرائيلية والإدارات الأميركية المتعاقبة.
حكومة السلطة الفلسطينية مطلوب منها اليوم إصدار قانون الضمان الاجتماعي، والأخذ بعين الاعتبار مصالح الفئات الدنيا من الطبقات الفقيرة والطبقة الوسطى، من أجل العدالة الاجتماعية ووضع حد لسياسات الاستغلال التي يتعرض لها عمالنا وأبناء شعبنا الفلسطيني.
حكومة السلطة أقرت قانون الحد الأدنى للأجور ولكن لم تطبقه ولم تضع خططاً لإلزام أرباب العمل بتطبيقه وخصوصا القطاع الخاص، فيما لم تفعل الصندوق الوطني للتشغيل والحماية الاجتماعية للمساهمة في الحد من معدلات الفقر والبطالة في صفوف العمال لمواصلة دورهم النضالي والاجتماعي، كما لم تعدل قانون العمل الفلسطيني لأجل توفير الحماية لحقوق العمال والعاملات في سوق العمل الفلسطيني لحماية حقوق العمال والعاملات في سوق العمل، وإنشاء المحاكم العمالية المتخصصة لفض النزاعات العمالية وحلها بين العمال وأصحاب العمل بعيداً عن التسويف والمماطلة.
وللأسف أصحاب المصالح الضيقة في غزة والضفة لم يتركوا شيئا لعمالنا وشبابنا ولأجيالنا القادمة إلا وأغلقوها في وجوههم دون أي بصيص أمل لمستقبلهم.
يجب على السلطة الفلسطينية وصناع القرار بالاعتراف بخطورة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في الضفة وغزة ورفض شروط المؤسسات المالية الدولية التي تزيد من إفقار الفئات الفقيرة وتعمق تبعية الاقتصاد الفلسطيني للاقتصاد الإسرائيلي، والعمل على معالجتها قبل فوات الأوان بتبني سياسات اجتماعية واقتصادية تعزز صمود المواطنين وحقوق الطبقة العاملة في مواجهة السياسات الإسرائيلية الهادفة لتركيع شعبنا وضرب كافة المرتكزات الاجتماعية والاقتصادية له.
فواقعنا مؤلم والانفجار قادم والانقسام دمر حياتنا بأكملها، فأصبحنا سلطة بلا سلطة وضحايا التوحش الرأسمالي، وأصبحت الحركة العمالية والنقابية الفلسطينية تعيش تحت سطوة الهياكل البيروقراطية والمصالح الطبقية والاجتماعية الفئوية بل وأصبح الاحتلال بلا تكلفة.
بقلم/ وسام زغبر