نميمة البلد: أزمة الرواتب واتجاه الانفجار

بقلم: جهاد حرب

يُثار في الاوساط الفلسطينية السياسية والاجتماعية ثلاثة أسئلة حول ازمة أموال المقاصة المتمثلة باقتطاع الحكومة الإسرائيلية أموال أُسر الشهداء والأسرى. تتعلق هذه الأسئلة بقدرة الفلسطينيين على الصمود في ظل ضيق حال لم تشهده الاراضي الفلسطينية في الخمسين سنة الماضية أي قبل انشاء السلطة وبعدها، واتجاه الانفجار وحسن تدبير السلطة لهذه الأزمة.

حاولت الحكومة الإسرائيلية أن تزرع الشك في نوايا السلطة الفلسطينية عند إعلانها أنها أودعت/ حولت المبالغ المالية في حساب السلطة الفلسطينية في أحد البنوك لعاملة في فلسطين، بمعنى ان السلطة لديها القدرة على صرف الرواتب وأنها غير مهتمة بأحوال الفلسطينيين أو انها تحاصر الفلسطينيين بقرار ذاتي. أثار هذا الخبر القول ما الضير بدفع الرواتب ما دام أن الحكومة الإسرائيلية قد حولت الأموال الفلسطينية؟ قد يكون الجواب هنا بتشبيه حالة السلطة الفلسطينية بالأسرى ذاتهم حيث يحتجون بإرجاع الوجبات وأحيانا المخاطرة بحياتهم من أجل عدم تمرير قرار أو فعل لإدارة السجن؛ بحيث لا تستلم السلطة الفلسطينية الأموال احتجاجا على قرار الحكومة الإسرائيلية على اقتطاع مبلغ مالي من الأموال التي تجبيها نيابة عن السلطة مساوي لم تخصصه السلطة لرعاية ذوي الشهداء والاسرى وهو أمر يصل الى حد المخاطرة بحياة السلطة ذاتها.

في ظني أن الأمر يستحق التشبث بالموقف للدواعي الوطنية التي وقفت خلفه كعدم تجريم النضال الفلسطيني من ناحية وعدم منح إسرائيل مزيدا من مجالات القرصنة على الاموال الفلسطينية. لكن الجواب على السؤال المتعلق باستلام الحكومة أموال المقاصة التي أودعتها الحكومة الإسرائيلية في أحد البنوك العاملة في فلسطين يحتاج إلى توضيح الإجراءات المتبعة في عملية التقاص بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي التي تتم في جلسة نهاية كل شهر يتم فيها الحصول على البيانات والمعلومات وأثرها يتم الاتفاق والتوقيع على المخالصة بين الطرفين التي يتم بموجبها خصم الديوان على السلطة كأثمان الكهرباء والماء والتحويلات الطبية.  

أما المسألة المتعلقة باتجاه الانفجار بسبب الأوضاع الاقتصادية نحو السلطة أم الاحتلال. تتعلق هذه المسألة بالكرامة الوطنية التي تطغى على معالجة هذه المسألة "قضية الاسرى"، وبقدرة الفلسطينيين على الصمود فعلى الرغم من التحولات في السلوك الاستهلاكي لدى الفلسطينيين الا أنهم ما زالوا يعتمدون على المثل القائل "خبي قرشك الابيض ليومك الأسود" وعلى المونة السنوية لمواد أساسية قد تجعل من قدرتهم على الصمود لأشهر أخرى ممكنة. لكن هذا الامر لن يطول فسلبية تعامل المواطنين لا تعني قبولهم بالأمر الواقع أو أنها لا تخفي انفجارا في أغلب الظن نحو الاحتلال وادواته وليس باتجاه السلطة.

إن حسن تدبير إدارة الازمة هي العامل الحاسم في المعركة الدائرة مع سلطات الاحتلال، هذه الإدارة لا تتعلق بالحوار أو استخدام ادوات الضغط على الحكومة الإسرائيلية فقط بل أيضا القدرة على توفير الدعم الشعبي لقرار السلطة الفلسطينية عبر السير بمزيد من الشفافية والوضوح مع المواطنين. وتوفير أدوات اقناع في الخطاب الفلسطيني للمجتمع الدولي. وهذه الأوجه الثلاث تحتاج بكل تأكيد الى تناغم في الأداء وحجية الطرح ودونهما سيخسر الفلسطينيون معركة قلعتهم الأخيرة "الكفاح ضد الاستعمار وحقهم به".  

جهاد حرب