الولايات المتحدة لا تكتفي بتوفير الدعم المطلق وفي كل المجالات (للمستعمرة الإسرائيلية) وانما تشرع بسن القوانين التي تعاقب من يدعو لمقاطعتها أو إدانة افعالها العنصرية وكشف جرائمها في حق الشعب الفلسطيني من مواطنيها وغيرهم .. هكذا توفر الولايات المتحدة الدعم والحماية والغطاء القانوني للممارسات العدوانية والعنصرية التي ترتكبها المستعمرة الاسرائيلية في حق الشعب الفلسطيني إلى درجة تهدد حرية الرأي والتعبير لمواطنيها وغيرهم والتي يكفلها الدستور الامريكي ... وتصادر هذه الحرية في كل ما من شأنه ان يكشف او يشجب او يدين او يستنكر افعال المستعمرة الاسرائيلية او يدعو لمقاطعتها فهي فوق الشبهات وفوق الدستور الامريكي الذي يكفل الحريات ومنها حرية الرأي والتعبير ...
فقد باتت المواجهة اليوم وبشكل مباشر من قبل الولايات المتحدة مع الشعب الفلسطيني ومع كل شخص يؤيد عدالة قضيته في الولايات المتحدة او يكشف ممارسات الكيان الصهيوني او يدينها او يدعو لاتخاذ موقف منها ... فهل هناك انحياز اشد واوقح من هذا الانحياز الذي بات مؤكدا بموجب جملة من القوانين الأمريكية على مستوى قوانين الولايات وقوانيين الإتحاد الفدرالي...!!
وفي هذا الشأن لنطلع على ما كتبه محمد السماك....
(يكتب محمد السماك: أقرت حتى الآن 24 ولاية أميركية قوانين جديدة تنص على معاقبة كل من يدعو إلى مقاطعة إسرائيل، أو يدعو إلى سحب الاستثمارات منها أو يحرّض لفرض عقوبات عليها.
وهناك 12 ولاية أخرى تقوم الآن بدراسة مقترحات مماثلة لإصدار قوانين بشأنها، مما قد يرفع عدد الولايات التي تحظر أي عمل أو مجرد دعوة لمقاطعة إسرائيل إلى 36 ولاية. والحبل على الجرار..
أكثر من ذلك هناك مشروع قانون اتحادي يقوم بإعداده عدد من أعضاء الكونجرس الأميركي من الحزبين «الجمهوري» و«الديموقراطي» (يبلغ عددهم 57 عضواً من مجلس الشيوخ و290 عضواً من مجلس النواب) وينص المشروع على «تجريم» العمل على، أو الدعوة إلى مقاطعة إسرائيل في الولايات المتحدة .. حتى ولو كانت الدعوة صادرة من الأمم المتحدة. وعلى الرغم من أن هذا المشروع يمس بحرية الرأي والتعبير والتي تعتبر واحدة من الحريات الأساسية التي يقوم عليها المجتمع الأميركي، فإن الأكثرية في المجلسين تبدو متحمسة لإقراره.
غير أن السيناتور «الجمهوري» تشاك شومر الذي يقود هذه الحملة، وصف أمام «إيباك» (اللجنة الأميركية الإسرائيلية للعلاقات العامة وهي أقوى لوبي سياسي في الولايات المتحدة) وصف الداعين إلى المقاطعة باللاسامية، وقال إنه بموجب هذه «التهمة» فإنهم يخرقون القانون الأميركي، وبالتالي يستحقون الإدانة والعقاب.)..
بعد كل تلك المواقف السافرة الإنحياز للصهيونية ومستعمرتها على ارض فلسطين واجراءاتها العدوانية في حق الشعب الفلسطيني وقيادته وفي حق ممثله الشرعي والوحيد م.ت.ف وتنكرها لحقه في العودة الى وطنه واسقاط صفة اللاجيء عن ابناء واحفاد اللاجئين الفلسطينيين .. ووقف كافة اشكال المساعدات الانسانية عن الشعب الفلسطيني سواء عن طريق السلطة الفلسطينية او عن طريق المؤسسات والمنظمات الدولية .. وغيرها من المواقف العدائية والعقابية للشعب الفلسطيني من اغلاق مكتب التمثيل الفلسطيني في واشنطن ونقل السفارة الامريكية الى القدس واضفاء طابع الشرعية على المستوطنات الإسرائيلية في الارضي الفلسطينية المحتلة واسقاط صفة الإحتلال عنها .. فالسؤال الذي يطرح نفسه على كل عاقل .. هل يعقل ان تكون الولايات المتحدة تسعى الى اقرار السلام والامن والتوصل إلى تسوية سياسية بين الشعب الفلسطيني والمستعمرة الإسرائيلية ؟!
وهل يبقى هناك ادنى شك فيما تروج له الولايات المتحدة تحت مسمى (صفقة القرن ) بأنها خطة للإجهاز على الحقوق الوطنية الفلسطينية؟!
الحقيقة الصارخة والواضحة تؤكد ان الولايات المتحدة تسعى الى فرض صورة من صور الأستسلام على الشعب الفلسطيني .. وتعمل على تصفية قضيته .... واختزالها الى جوانب اقتصادية ..... وفرض خضوعه لنظام فصل عنصري صهيوني .... أسوأ واقبح من نظام الفصل العنصري البائد الذي كان مفروضا في جنوب افريقيا ...!!! هذه هي امريكا اذا الداعم والراعي الأول لنظام الفصل العنصري والداعم له وكافلة استمراره في فلسطين المحتلة ..
فالمشكلة اليوم مع أمريكا كما هي مع كيان المستعمرة الإسرائيلية ...
د. عبد الرحيم جاموس
رئيس المجلس الإداري لإتحاد الحقوقيين الفلسطينيين
عضو المجلس الوطني الفلسطيني
3 / 5 / 2019 م