ليلة ربيعية

بقلم: عطاالله شاهين

كانتْ ليلة ربيعية، ولم تختلف في السّاعاتِ الأولى منها لأيّةِ ليلةٍ ربيعيةٍ أخرى، إلا أنّ العتمةَ حينها ظلّتْ بلونٍ غريب، بلوْنِ الصّمتِ المختلف، الذي لم أعهده في ليالٍ أخرى، فكالعادة أُحِبّ السّهر على شُرفتي المطلّة على وادٍ أخضر، رغم لسعات البرْدِ الخفيفة، التي عادة ما تجعلني أرتدي معطفاً خفيفاً في ساعاتِ السّهر المجنون.. أذكر أنه في تلك الليلة الربيعية بدتْ العتمة فيها غريبة.. الصمت عمّ المكان بكلّ جنون على غير عادته.. لا أصوات كانت تسمعُ من حولي .. القمرُ لم يطلّ في تلك الليلة الربيعية.. هبّاتُ رياحٍ خفيفة كانتْ تهبّ بين الفينةِ والفينة على وجهي الآتية من بحرٍ أُحِبّ السّباحةَ فيه في أيامِ الصّيفِ الحارّة .. كنتُ أقرأُ تحت ضوءٍ خافت رواية عن الحُبّ في زمن الحرب، لكنّ النّعاسَ دبّ فيّ فجأة، فأطفأتُ سيجارتي، وذهبت إلى فراشِي، لكنني بعد لحظاتٍ استيقظتُ على صوتٍ غريبٍ، فنهضتُ لأرى مصدرَ الصّوت، لكنني لم أرَ أي شيء، وأصابني الأرق في تلك الليلة الربيعية الرائعة بصمتها، ولم يعد يأتيني النوم مرة أخرى، وعند ساعات الفجر نمتُ على الأريكة حتى طلوع الشّمس، فقمتُ من فراشي، وقلت: يا للنوم في ليلة ربيعية تحت سماء صافية بلا قمر، ليلة صامتة بلون غريب، بلوْن عتمة مختلفة...

عطا الله شاهين