حب الوطن يجري في دمها وشرايينها منذ ولادتها .. سورية الهوية والهوى والانتماء .. عاشقة لمدينتها ووطنها السوري . إنها ابنة طرطوس الشاعرة والكاتبة رجاء صالح ، التي تبني بيتًا من المطر فوق جمرة القلب ، وتترنم بهمسات الحب لرجل يغمز لها وأحبته ، وباتت تنتظر الصيف الذي لم يأتِ وتحلم بالمطر ، وتصدح بأناشيد العشق للوطن والمرأة والانسان السوري الحالم بوطن جميل وغد سعيد .
رجاء صالح قدمت للحياة في طرطوس ، تلقت دراستها وعلومها الاولى في مدينتها ، وانهت دراستها الجامعية في سوريا ونالت شهادة في التربية والتعليم ، وحصلت على اجازة في الحقوق من جامعة بيروت العربية في العام 1987 .
شغفت بالكلمة منذ صغرها ، وبدأت الكتابة في جيل مبكر ، وكانت كتاباتها آنذاك مجرد خواطر تحمل ما تهفو اليه روح أية فتاة في سن المراهقة . وفي حينه قال عنها الشاعر نديم المحمد رحمه اللـه ، الذي كانت تُسمِعه ما كانت تكتبه وتطلب رايه في نصوصها بحكم الجيرة ، بأنها طفلة متمردة قوية .
نشرت رجاء كتاباتها في عدد من الصحف والمجلات الورقية السورية والعراقية واللبنانية والمصرية ، وخاصة في البناء اللبنانية ، وبعد ذلك نشرت كتاباتها في عدد من المواقع الالكترونية وعلى صفحتها الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي " فيسبوك " ، وتماهى القراء مع كتاباتها ، متنوعة المواضيع والأغراض ، وترجمت بعض نصوصها إلى لغات أخرى .
وشاركت رجاء في مهرجانات وأمسيات داخل القطر السوري ، واشتركت في مهرجان القصة القصيرة ، وتلقت الكثير من الدعوات للمشاركة في الأقطار العربية لكن الحرب حالت دون ذلك .
كتابات رجاء صالح تأخذ مناحي مختلفة ومتنوعة الألوان ، عن الوطن والطفولة والرجل وشؤون المجتمع وقضايا المرأة وما تعانيه من قهر وظلم مجتمعي .
وطبيعي أن تتأثر رجاء صالح ، بنت الشمس وبلاد الياسمين ، من الأحداث السياسية التي تجري في بلدها وموطنها ، ولذلك كتبت الكثير عن وطنها الجريح ، والذي يتماهي في كثير من الأحيان مع الحبيب في العديد من قصائدها .
نصوصها تمتلئ بعاطفة واحساس مرهف ، وبذائقة وشغف في بث الأشواق ودفء الحنين ، المغموسة بوجدانيات مشرعة على هموم وأحلام وآمال مشرعة ، وتفيض في التناغم ما بين اختيار الصور والكلمات الآتية من مفردات بسيطة مزنرة بحرارة التجربة وصدق العواطف وطقوس الحب والاشراق ، تنسج منها عبيرًا من الرؤى والأفكار الدالة على عناصر الجمال وسعة الخيال ، في حضرة الشعر الرومنسي ، والاستعارات المجازية المستحدثة التي تتعدى حدود الخيال ، فتبعث أعذب واشجى الألحان في النفس . فلنسمها في هذا البوح والشدو العذب ، حيث تقول :
أحببته فغدوت أضيع في بقايا غابة
تنتظر الصيف الذي لا يأت وتحلم بالمطر
كل السنين الآن في قاموس أيامي حجر
ومدينتي صارت حجر
فشوارع مثل الكهوف عميقة ومتحف تغري البصر
لكنها كمدائن الدنيا المغيبة المشاعر
لم تعد إلا حجر
حجر بلا بشر
كانت بأطراف المدينة غابة
الآن أدخلها لكي أبكي جفاف عناقيد الثمر
وانتحارات الشجر
بيتي الذي عانقت أراه الآن كهفا للضجر
ماتت أحاسيس المرايا
حتى الأثاث يكاد يسأل ما الخبر
فمتى
متى تأتي لتنزع من دمي
هذا الشعور البربري بالانكسار
متى تأتي لتزدهر الثواني
وأعرف بين ذراعيك مكاني
وأدخل في الزمان الأرجواني
وأعود أجمل من مرايا المهرجان
أيها الرجل
الذي مازال مختطفا زماني
وأصبحت بعده قصيدة من ألف بيت
خاصمتها كلمتان .. كلمتان
ومعظم قصائد رجاء صالح عبارة عن لوحات غنائية رومانسية مشحونة بالعواطف الجياشة الصادقة ، ومترعة بالدفقات الشعورية الحسية ، ونبضات القلب ، بلغة سلسة بسيطة عفوية وبوح شفيف رهيف .
ويمكننا القول ، أن أشعار رجاء صالح متسمة بالعواطف القوية ، والأخيلة الرحبة ، والالفاظ السلسة ، والتراكيب المتينة ، وتشيع فيها ومضات متميزة ، أهمها حب الوطن ، وحب الرجل ، وحب الحياة ، وحب الحرية ، وتتكثف هذه الومضات معًا ، لتجعل منها شاعرة لها حضوره على الساحة الثقافية والأدبية ، بين أسماء الموجة الشعرية الجديدة في سوريا .
إنني أحيي الشاعرة والكاتبة الصديقة رجاء صالح ، أشد على يديها ، وأتمنى لها النجاح والاستمرارية ، والمزيد من التألق والسطوع في مجال الإبداع .
بقلم : شاكر فريد حسن