كتيب قدوتنا رئيسنا،تعزيز للثقافة الوطنية أم لثقافة التبعية والولاء

بقلم: راسم عبيدات

بغض النظر عن موقفي من الرئيس عباس اتفاقاً او اختلافاً،فهذا له علاقة بالمنهج والبرنامج والفكر والسياسة والقناعات،ولكن ما هو مقلق حجم النفاق الذي وصل إليه البعض في الساحة الفلسطينية،وبما يحمله من مخاطر على وعي وثقافة أطفالنا وطلبتنا،بخلق جيل من " المسحجين" والمطلبين،والذيت سيتربون على ثقافة الولاء والتبعية،بدل الثقافة الوطنية،وان بإعتقادي الجازم بأن قيام البعض الفلسطيني،من أصحاب المصالح وممن أدمنوا على ثقافة الإرتزاق والإنتفاع،بطباعة هذا الكتيب،من اجل أن يغرسوا في أدمغة وعقول طلبتنا،بأن الرئيس ونهجه وخياره وفكره وفلسفته،هي خيار الشعب كله،فهذا يتعدى النفاق والتزلف الى مرحلة ما بعد التسحيج،فهذا الشعب المناضل والمضحي منذ الغزوة الصهيونية الأولى وحتى اليوم،قدوته وانمذجته قوافل الشهداء التي تدفع وتذبح على مذبح الحرية والإستقلال،والدفاع عن قضيتنا ومشروعنا الوطني،وكذلك هم الأسرى في سجون الإحتلال،والذين مر على وجود 26 منهم في سجون الاحتلال ربع قرن فما فوق،يتقدمهم الأسيران كريم يونس وماهر يونس واللذان مضى على إعتقالهما 37 عاماً.
المنهاج الفلسطيني يا حضرة وزير التربية والقائمين على النشر والترويج لهذا الكتيب،يجب ان يؤسس لعقلية نقدية،تحث على التفكير الإبداعي والخلاق ،وكذلك البحث وفق منهج علمي،وليس التأسيس لعقليات منقادة وتابعة ومطعية وذليلة تمتهن " التسحيج" والهتاف بحياة الزعيم القائد الملهم المفدى الذي لا ينطق عن الهوى.
نحن نتصدى ونحارب محاولة الاحتلال أسرلة المنهاج الفلسطيني في مدينة القدس،بما يطمس هوية شعبنا ويشكل تعدي صارخ على هويته وكينونته وثقافته،والسعي الحثيث ل "تطويع" و"صهر" و"كي" وعيه،وبما يمكن من السيطرة على ذاكرته الجمعية،ويخلق منه إنسان مفرغ وطنياً،غير منتمي،والآن يأتي البعض الفلسطيني،لكي يغرس في عقول طلبتنا ثقافة الولاء والتبعية وتأليه وتقديس الفرد،ونحن نرى بان مرحلة تقديس وعبادة الأفراد،يجب أن تذهب الى غير رجعة،والتاريخ يحكم على الأفراد من خلال أفعالهم وعملهم وما يتركونه من أثر إيجابي في ذاكرة وعقول أبناء شعبهم،ونحن يا وزير التربية والتعليم،حتى اللحظة في مرحلة تحرر وطني،لم ننجز تحرير أي جزء من الضفة الغربية المقسمة الى معازل و"جيتوهات"،حتى "الجيتو" ألف،والذي يفترض ان يكون للسلطة الفلسطينية سيادة عليه، لا تستطيع حمايته ولا تمتلك السيادة عليه،وأضحى وضع السلطة كما قال رئيسها أبو مازن سلطة بدون سلطة،والضفة يتهددها الإبتلاع والضم وفق خطة ما يسمى بصفقة القرن الأمريكية.
في التاريخ تعلمنا بأن هناك من قادوا الثورات وقادوا الشعوب نحو الحرية والإستقلال،او حققوا إنتصارات كبرى على من إحتلوا بلدانهم،خلدتهم شعوبهم وأصبحوا قدوة وأنمذجة للشعوب الأخرى،والأمثلة كثيرة في هذا الجانب والمجال،تستحق التعرف عليها ودراستها،مثل هزيمة الجيش السوفياتي للنازية في الحرب العالمية الثانية،وهزيمة الفيتناميين الشمالين لأمريكا التي قسمت شعبهم وجغرافيتهم،وكل ثوريي العالم والمثقفين والباحثين والدراسين يلمع في ذهنهم عند الحديث عن فيتنام، القادة هوشي منه ونجوين جياب،من حرروا الفيتناميين من الفرنسيين والأمريكان،ولا ننسى الثائر الأممي "تشي جيفارا" ملهم الشعوب والثورات،وكذلك ماوتسي تونغ باني الصين العظيمة ،والآن جميعنا نتحدث عن الزعيم الماليزي مهاتير محمد الذي حرر ماليزيا من الفساد والفاسدين،وكذلك هي فنزويلا، لا احد ينسى الثائر البوليفاري " هوغو تشافيز" الذي أحدث ثورة اقتصادية – إجتماعية في بلده،وأحدث نقلة نوعية في أوضاع الشعب الفنزويلي ،التعليم،السكن والصحة والنمو الاقتصادي،وضرب اوكار الإقطاعيين والإحتكاريين،والتصدي للقوى الإستعمارية والإمبريالية وفي مقدمتها أمريكا التي سعت اكثر من مرة لقلب نظام حكمه وحكم خلفه القائد البوليفاري مادورو الذي يتعرض لمؤامرات أمريكية متواصلة.
لا اعرف إن كان الرئيس أبو مازن موافق على ما قمت به يا وزير التربية والتعليم،انت والمروجين لهذا الكتيب،فالمفروض ان يكون في اول الرافضين لهذا العمل،حتى لا يكرس نهج ثقافة الولاء والتبعية والزبائنية،وخصوصاً اننا نتحدث عن ثقافة ستغرس في عقول أطفالنا.
وعن ماذا سنعلم أطفالنا يا وزير التربية،هل سنقول لهم بأننا سلطة بدون سلطة،وهذا بلغة الرئيس نفسه..؟؟أم سنقول لهم بأننا حتى اللحظة،من بعد مرور خمسة وعشرين عاماً على كارثة اتفاق أوسلو،النصر الثاني لدولة الاحتلال بعد النكبة بلغة ثعلب السياسة الإسرائيلية المغدور بيرس،ما زلنا نتمسك بأوسلو،رغم ان الاحتلال لم يبق منه سوى،التنسيق الأمني واتفاقية باريس الاقتصادية..؟؟ فرغم ان المجلس الوطني والمركزي في أكثر من جلسة واللجنة التنفيذية للمنظمة،قررت إعادة صياغة العلاقات الأمنية والإقتصادية والسياسية مع دولة الاحتلال،وقف التنسيق الأمني ووقف العمل بإتفاقية باريس الاقتصادية وسحب الإعتراف بدولة الاحتلال،إلا أننا حتى اللحظة،لم نترجم أي من ذلك الى فعل على أرض الواقع.
هل سنعلمهم بان الإنقسام في وطننا يتشرعن ويتكرس،ونسير نحو الإنفصال جغرافياً وسياسياً،ووصل الأمر بنا ليس التحريض على بعضنا البعض فقط،بل اصبحنا نحاصر بعضنا البعض..؟؟ .
هل تستطيع يا سيادة الوزير ان تعلم طلبتنا،بأن فلسطين التاريخية من نهرها لبحرها هي لشعبنا الفلسطيني..؟؟ فنتنياهو وكل أركان حكومته من الأحزاب اليمينية المتطرفة،يقولون بشكل واضح وصريح لا للدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران/1967،والقدس عاصمة موحدة وغير مقسمة لكل يهود العالم،والمستوطنات المقامة على أراضي عام 1967 جزء من دولة الإحتلال كبيرة أو صغيرة .
لا أعتقد بأنك قادر على قول ذلك يا وزير التربية والتعليم،إترك الرئيس وشأنه،والتفت للتربية والتعليم،إلتفت للمنهاج التعليمي،كيف تطوره ويواكب التطورات العلمية والتكنولوجية، وأن يكون منهاج قائم على النقد والتحليل وإطلاق حرية الرأي والإبداع،لا منهاج يكرس ثقافة الولاء والتبعية والإستكانة،إلتفت للمنهاج الفلسطيني الذي "يأسرل" في مدينة القدس،إلتفت للمدارس التابعة لوزارة التربية والتعليم الفلسطينية في القدس،إعمل على تطويرها وضخ الأموال إليها وتحسين نوعية وجودة التعليم فيها، فالعديد منها شبه فارغة من الطلبة،ونحن نتحدث عن التجهيل من قبل الإحتلال لطلبتنا،إبحث لماذا أصبحت مدارسنا في القدس طاردة على مستوى المعلمين والطلبة..؟؟،ودعك من الرئيس وكتيب قدوتنا...فالوطن اكبر من الجميع،والرئيس وغيره يحكي عنه فعله المتكلم ،فهو لا يحتاج الى كتيبات ولا كراريس ولا يحتاج الى " تسحيج" و"تهريج" .

بقلم :- راسم عبيدات
القدس المحتلة – فلسطين
10/5/2019
[email protected]

المصدر: كتب: راسم عبيدات -