بينما كانت تهمّ امرأته للخروج من الشّقّة ذات صباح، سمعها تتكلّم عبر الموبايل، بأنها تريد أن تذهبَ إلى نوفوتيه مشهور لشراءِ بنطالاتِ جينز عصرية، فقال في ذاته: لماذا لا أُحِبّ التّسوق لوحدي، فأنا لا أحِبّ أن أشتريَ بنطالَ جينز بمفردي، فهي دائما تشتري لي بناطيلي، وبعد أن أنهتْ مكالمتها مع صديقتها أتتْ صوبه، وقالت له: سأخرجُ إلى النوفوتيه، سمعتُ بأنه جلبَ موديلات حديثة من بنطالات الجينز.. فهزّ رأسَه وقال لها: إذهبي..
وحين خرجت نظر صوبها من الشّرفةِ، وقال قبل أسبوعٍ اشترتْ بنطالاً من النوع الفاخر، فلماذا عليّ أن أظلّ مرتديا ذات البنطال القديم؟ فبعد حين سأخرجُ مثلها لشراءِ كل ما أرغبه من بنطالٍ يليق بي..
جلسَ صامتا على أريكته، وفي عقلِه دارَ حديثٌ باطني، وقال: أمعقولٌ لا أستطيع القيام بشراء ملابسي.. شيء ما بداخله كصوتٍ خفي قال له أخرج أيها الجاهل، لا تبقى عاجزاً عن معرفتِكَ بشراء الملابس، لا يمكن أن تبقى متلحّفا بعباءةِ الخجل إلى الأبد..
وقف ونظر إلى وجهه في المرآة، وقال: فعلا لماذا لا أتشجّع للذهابِ إلى أيّ نوفيته يبيع البنطالاتِ ذات الماركات العالمية لشراء بنطالٍ مثلها؟ لماذا هي دائما تشتري لي بنطايل رخيصة، أما هي فتشتري لها بناطيل غالية الثّمن، فصوتي بداخلي يحثّني ويحرّضني على الخروج، سأفلتُ من جهلي، سأذهبُ لشراءِ ملابس عصرية، سأكون متأنقا، فلماذا هي تخرج أنيقة دائما؟ نظر إلى المرآة مرة أخرى، وقال: سأخرج إلى السّوقِ، وأغلق موبايله عند خروجه من الشّقّة لئلا تهاتفه امرأته، وخرج..
دخل نوفيته لا يبيع إلا الماركات العالمية، أعجبَ ببنطالٍ، وراح يقيسه في غرفةِ تغيير الملابس.. ناولَ البائعَ ثمنه، وعاد إلى الشقة، فتح هاتفه، وجلسَ على الأريكة، ونعسَ هناك، لكنه استيقظَ على صوتِ فتحِ بابِ شقّته، فقام من على الأريكة، وأخفى البنطالَ في الخزانة، دخلتْ امرأته وقالت له: لماذا كان هاتفك مغلقاً أتخفي أحدا هنا؟ وراحتْ تفتّش الشّقّة، وفتحتْ بابَ الخزانة، ورأتْ كيساً جديدا، ففتحته، وحينما رأتْ البنطالَ، ابتسمتْ وقالت له: أترى بأنَّ ذوقكَ جميلٌ، فابتسمَ لها، وقال: لم يكُنْ عند البائعِ غيره، لأنّ المحلَّ أعلن إفلاسَه، ولهذا وجدتُ آخر بنطالٍ عنده، ولحسن الحظ أتى على مقاسي، فهزّتْ المرأة رأسها، وقالت له :المهم أنكَ خرجتَ، ولم تعدْ تتحجّج بأنكّ لا تعرف بالشراء، فأنتَ لست خجلا وجاهلا في الحُبِّ، فهلْ يصعب عليكَ شراء ملابس، فأنتَ وقح في إثارة الحُبِّ، فلماذا لا تكون مثلي بالجرأة، كُنْ وقحاً.. فقال في ذاته: فعلا أنا لستُ خجلا في تأجيجِ الحُبِّ...
بقلم/ عطا الله شاهين