للقدس، معاني ودلالات راسخة، ومزروعة في قلب وعقل كل مسلم وعربي وفلسطيني، وعقيدة دينية متجذرة، تزداد لهيبا في شهر رمضان المبارك، لا يريد "نتياهو" أن يعرفها أو يفهمها، فراح يهودها ظنا منه، بان الغلبة له تحت سقف القوة الغاشمة.
في شهر رمضان، الدفاع عن القدس المحتلة، وحماية عروبتها وهويتها ومقدساتها لا تخص الفلسطينيين وحدهم دون غيرهم من امة المليار ونصف، وصفقة القرن لتصفية القضية الفلسطينية تريد ان تفرض بالقوة واعتبار القدس ليست عاصمة لفلسطين، والمؤسف أن بعض القيادات العربية تمارس الضغط على الفلسطينيين لتقديم التنازلات في موضوعة القدس وغيرها من حقوق الشعب الفلسطيني لتمرير صفقة القرن للتصفية الشاملة.
تحدي، عبر مواصلة اقتحام المستوطنين للمسجد الاقصى في شهر رمضان واستباحتهم له، "نتنياهو" يقوم بجس نبض الفلسطينيين والشارع العربي والإسلامي في هذا الأمر لبناء كنيس لاحقا، وهو ما فشل فيه حتى اللحظة، مع أنه يواصل خنق القدس بكتل استيطانية وتدمير بيوت أهلها، وجعل اليهود أغلبية مطلقة فيها وهو ما نجح فيه إلى حد ما.
في شهر رمضان، ما يجري للقدس من تهويد ساعة بساعة، ليس مقتصرا على حي من أحيائها كالمكبر أو سلوان أو الشيخ جراح او البلدة القديمة، وغيرها، بل يطال الاستهداف كل نقطة وحتى ذرة تراب في المدينة المقدسة، ووفق خطة ممنهجة ومدروسة، ذات رؤى وأبعاد إستراتيجية ما عادت تخفى على أي متابع ومهتم بشأن القدس.
انها القدس، التي مكث الصليبيون فيها قرابة مائتي عام واحتلوها 90 عاما متواصلا، فهل رضخت القدس لهم ورضيت بهم واستكانت لهم! اذن هذا هو حال الاحتلال الحالي للقدس، والذي سيخرج منها صاغرا ذليلا مهما طال الزمن.
القدس المحتلة، في شهر رمضان، وعبر التاريخ كانت وما زالت المفتاح للحرب والسلام، وملازمة للوعي السياسي الجمعي للأمة، فدولة المشروع الصهيوني تطوق القدس بالمستوطنات وتهود المدينة المقدسة، كنسخة معاصرة للإمارات الصليبية التي أقامتها فتوحات الفرنجة في المنطقة قبل ألف عام، فهل الإمارات خلدت الاحتلال الصليبي المدعوم من دول أوروبا قاطبة، وقتها؟!
يعتقد قادة دولة الاحتلال إن من يسيطر على القدس يسيطر على فلسطين، ويهيمن على محيطها الجغرافي – السياسي، ولذلك كانت القدس، وما زالت، هي رأس رمح الغزو الاستيطاني اليهودي لفلسطين التي لا تقوم قائمة لدولة المشروع الصهيوني بدونها، وكان واقع وجود الاحتلال وان طال ظاهريا في فلسطين هو كشوكة في حلق امة المليار ونصف سرعان ما تجد الأمة الإسلامية طريقة لإزالة الشوكة ولفظها.
في شهر رمضان لا يطلب اهل القدس الكثير، فهم يطالبوا الدول العربية بخطوات عملية بسيطة وسهلة، مثل إغلاق سفارات الاحتلال، ودعم الجهود المناوئة للاحتلال، وشن حملات إعلامية مكثفة تعري الاحتلال أمام الدول وشعوب العالم، فهل هذا كثير على القدس وأقصاها وقبة صخرتها التي فداها المسلمون بالغالي والنفيس؟
في شهر رمضان وغيره من شهور السنة، ما يمارس بحق القدس وسكانها ومقدساتها ساعة بساعة على درجة عالية جداً من الخطورة، وصل وتعدى الخطوط الحمر جميعها ويتطلب مواقف وأفعال فلسطينية وعربية وإسلامية نوعية، تتجاوز الروتين المعروف من استنكار وشجب وتنديد لا طائل منه سوى اسعاد وادخال البهجة والسرور على نفس"نتنياهو".
قبل فوات الاوان، على الأمة أن تتحرك لنصرة الفلسطينيين والقدس والأقصى ولو بأضعف الإيمان، وعدم تركهم وحدهم ليستفرد فيهم "نتنياهو"، فصفقة القرن ما هي الا جس نبض، وان بقي العرب نيام فان عرباتها ستسير، ولولا المقاومة والنفس المقاوم، لصار حال الامة والقدس في خبر كان.
بقلم/ د.خالد معالي