اكثر من يتحدث عن الصفة الامريكية هم الامريكان وخاصة طاقم السلام التابع للبيت الابيض و مستشاروترامب والمتابع لما يصدر عن هذا الفريق يلاحظ كثافة التصريحات المركزة خلال الفترة الاخيرة وهذا يعني ان الطاقم انتقل من مرحلة الاقناع والحشد التي باءت بالفشل الى مرحلة الضغط على الفلسطينين سياسيا عبر شن هجوم غير طبيعي على الموقفين الرسمي والفصائلي الفلسطيني , هذا يعني ان الطاقم يبذل جهد مكثف لمحاولة تذويب جبل الجليذ الفلسطيني امام الصفقة لعلهم يقبلوا اي من بنودها , في سبيل ذلك بدأ واضحا ان الفريق قسم الادوار بين اعضائه . غرينبلات بدأ هجومه على كل القيادات الفلسطينية دون استثناء و بدا يكيل الاتهامات لحماس والجهاد بانهم الوحيدين من يقع عليهم اللوم في معاناة الفلسطينين ولم يتوقف الامر عند هذا الحد بل بدأ يذكر القيادات الفلسطينية بالاسم وخاصة من يقول ان صفقة القرن ولدت ميته وتشكل تهديد حقيقي للفلسطينين. في الوقت ذاته ادارة البيت الابيض قررت اعطاء الفلسطينين مهلة عام لدراسة الصفقة وقبولها وبعد ذلك سيتخذ اجراءات ضد الطرف الذي يعرقل دون ان يحدد طبيعة الاجراءات وكأن البيت الابيض لم يتخذ اي اجراءات ضد الفلسطينين بسبب قرارهم النهائي حول رفض الخطة الامريكية . جاريد كوشنرف يالجانب الاخر يتولي مسألة التنظير للصفقة ومحاولة اقناع الفلسطينين بمجرد التفكير فيما تحتوية هذه الصفقة ووالكشف عن بعض الاغراءات المادية والاقتصادية التي ستغير حياة الفلسطيني راسا على عقب .
لم يخفي كوشنر اهم بنود الصفقة التي لم تعتمد حل الدوتلين كاساس لحل الصراع وجلب السلام وقال " ان حل الدولتين لم ينجح في السابق مما يتطلب التخلي عن هذا السياق و لدينا افكار خلاقة خارج الصندوق وقد تؤدي الى تحقيق السلام " دون ان نتسائل ما في الصندوق الامريكي من افكار..؟ فكلها لا تعتمد الحل على اساس حل الدولتين.., افكار اقتصادية لكيان فلسطيني بجناحين في غزة والضفة استثمار مليارات الدولارات في هذه المناطق والمحيط العربي بمشاركة خبراء اقتصاد امريكين لن يتركوا للفلسطينين الاستقلال براس المال او الاستقلال الاقتصادي بل ستكون مهمتهم رسم قنوات لتصفي الاموال التي ستدور في دائرة تشغيل الفسطينين نحو الخزانة الامريكية . ما في الصندوق الامريكي من افكار لا يمكن تسميتها على الاطلاق بخطة سلام بل خطة لتثبيت الدولة اليهودية القومية للشعب اليهودي واسنادها بمليارات الدولارات لتكون في مركز تفوق امني وسياسي وعسكري و اقتصادي كبير. ما في الصندوق الامريكي من افكار للسلام لا تعتمد اي اساس للحل غير الاساس الاقتصادي الوهمي حتي مبادرة السلام العربية 2002 التي طرحت في قمة بيروت ومازالت على الطاولة قال عنها كوشنر انها اصبحت شيئا من الماضي ولم تنجح لانها تحمل افكار تقليدية . ما في الصندوق الامريكي هو قبول العرب لاقامة علاقات سياسية ودبلوماسية مع هذا ااسرائيل دون ربط ذلك بتحقيق السلام او قيام الدولة الفلسطينية .
ما في الصندوق الامريكي افكار تزعم تغير حياة الفلسطينين للافضل وفتح مناطقهم امام الاستثمار كركيزة هامة تساعد الامريكان عن القفز عن اي حلول يرغب بها الفلسطينين للعيش في دولة مستقلة قابلة للحياة جنبا الى جنب مع دولة اسرائيل وهذا ما تحدث عنه كوشنر عندما قال " تركزينا ينصب على الحل من الاسفل الى الاعلي" مع ذلك لا اعتقد ان خطة البيت الابيض ستنتهي خلال فترة وجيزة بل تحتاج عقود وهذا يعني ان هناك اجيال من الساسة الفلسطينين تصنعهم الولايات المتحدة لهذه المراحل بالتتابع برغم رفض القيادة الحالية . . لعله بات واضحا ان ما بالصندوق الامريكي مجرد مشروع اقتصادي امروصهيوني يوظف الشعوب المسكينة والمغلوبة على امرها من الفلسطينين وبعض دول الاقليم كعبيد ليس اكثر لعشرات السنين مقابل الغذاء وتقديم حلول كافة الازماتهم الاقتصادية التي صنعها الامريكان والاسرائيلين ذاتهم. هذه هي الافكار الابداعية التي تحدث عنها فريق البيت الابيض الامريكي للسلام افكار ليس اخلاقية ولا خلاقة ولا ابداعية بقدر ما هي افكار استعبادية .
الافكار الابداعية الامريكية تمنح اسرائيل السيادة على الارض الفلسطينية وتوظف الفلسطينين كاجراء لدي شركات ضخمة براس مال امريكي دون اي سيادة سياسية او اقتصادية فلسطينية ولن تعترف الولايات المتحدة بعد ذلك بحق تقرير المصير للفلسطينين لانهم حققوا تقرير مصيرهم اقتصاديا واعطوهم الخبز والطعام والسيارات والبيوت والتنقل برقابة استخابراتية مركزية تلاحقهم في كل مكان يصلوا اليه وبالطبع سترسم ادارة البيت الابيض الخارطة السياسية للفلسطينين علي مدار عشرات السنوات وعبر مراحل بعيدة المدي. كل ما بالصندوق الامريكي مرفوض وقبولة يعني الخيانة واشتراك في تصفية القضية الفلسطينية وسيكتب التاريخ ان هذه الافكار هي افكار لصالح دولة الكيان اليهودي الجديد ليس اكثر . لذلك كل افكار الصندوق الامريكي ما هي الا قاذورات امريكية بحته يجب كبها في اودية النسيان ومزابل الشعوب الحرة , ولعل محاربتها شرف نضالي كبير ومواجهتها بات من معالم الانتماء الوطني الفلسطيني الخالص . وان مجرد الاطلاع على هذه الافكار او النظر لما في الصندوق الامريكي جريمة بحق الشهداء و الاسري و الارض والشعب وعلي فريق ترامب ان يدرك انه فريق فاشل بسبب لسانه االاسرائيلي وبنائه خطته على اساس مصلحة شعب اسرائيل دون مصلحة الفلسطينين وعليه ان يدرك ان جبهة الصد الفلسطيني باختلاف مكوناتها لن تنكسر وستبقي صبلة مهما حاول الفريق استخدام اساليب لتفتيت هذه الجبهة .
بقلم/ د. هاني العقاد