عن تجربة السورية جدعة أبو فخر والوطن في قصيدتها

بقلم: شاكر فريد حسن

يعج المشهد الثقافي والأدبي السوري المعاصر بالأسماء الشعرية النسوية الجديدة ، منها الشاعرة جدعة أبو فخر القادمة من عاصمة جبل العرب السويداء ، وتنتمي لعائلة معروفيه متعلمة ومثقفة ، ولها تاريخ نضالي ماجد ، وتعمل مدرسة للغة العربية .

تهوى جدعة أبو فخر كتابة الشعر منذ الصغر ، ولها الكثير من الخواطر والنصوص النثرية ، نشرت البعض منها في عدد من الصحف والمواقع الالكترونية ، وعلى صفحتها في الفيسبوك ، وساهمت في ديوان " ملوك الياسمين " مع مجموعة من شعراء وشاعرات سوريا الحبيبة ، وديوانها الشعري البكر لم يرَ النور بعد .

جدعة أبو فخر شاعرة متبتلة في محراب العشق للوطن السوري ، وانسانة عاشقة حد النخاع للوطن ، ملتزمة بقضاياه وهمومه وأوجاعه اليومية وأحزانه ومآسيه ، ومنحازة لسوريا وشعبها ، قلبًا وقالبًا .

إنها تعيش الحدث ، وتكتب قصيدتها من الأعماق بإحساسها الشاعري المرهف ، فتاتي عفوية صادقة . قصائدها ناعمة شفافة ، تحمل أبعادًا وايحاءات ودلالات واشارات عميقة متعددة ، وتغلف الرمز الشفاف بشعرية الاداء ، ولغتها الشعرية واضحة سلسة ممتنعة ، بعيدة عن الافتعال والإبهام ، نابضة بالحب والحياة والجمال ، وتتجلى في نصوصها الروح الوطنية العالية وكل معاني الوفاء والالتصاق بالثرى السوري ، وتتدفق صياغتها الشعرية كلحن سمفوني عذب يحمل طابع الشجن .

ونلمس في كتابتها طاقة إبداعية وقوة تعبير وتوصيف جميلة ، وهي لون من الكتابة النثرية المتوهجة التي أحسنت صنعها وأجادت فيها .

جدعة أبو فخر تتميز بأصالة وصدق الانتماء الوطني والقدرة على اجتراح الرؤى والأفكار والمعاني التي تنسجم مع نبضها وإيمانها ، فهي سورية الجذور والهوى والهوية ، وكتاباتها وطنية بامتياز .

تتناول جدعة أبو فخر موضوعات من قلب الحدث على أسس فكرية ومواقف سياسية وقومية عروبية ترتئيها وتؤمن بها وتجاهد في الذود عنها ، وتكافح لأجل تحقيقها . وهي تلفت الأنظار لصدقها في الاداء والتعبير عن مشاعرها واحاسيسها الوطنية ، وللعفوية والبساطة الآسرة التي تعلف بها نصوصها ، ولطاقتها الشعرية التي تتنفس من خلالها .

وفي جل كتاباتها نجدها شاعرة تتفاعل مع الحدث ، تعايشه بدقة ، تعانق الجرح وتسكن الألم ، وتجعل منه شعرًا ذا ملامح ومزايا إنسانية ، فتؤنسن الأشياء بلغة سلسة ، وبأسلوب بسيط سهل ممتنع ، وتبرز شاعرة الوطن والشمس المكافحة والمقاتلة بالكلمة والقصيدة في سبيل وطنها الجريح وغده الجميل .

فلنسمعها في قصيدة " في دمشق " ، التي ترسم فيها حلمها المشتهى باللقاء ، ونراها مسكونة بالهم الوطني العام ، منحازة لسوريا ودمشق ولشعبها وشهدائها وتاريخها ، ونحس فيها بروح وطنية وثابة ، دفاعًا عن الأرض السورية المجبولة بالحنين والدم والأفئدة التي تنتظر الخلاص والفرح القادم من بين ركام الحزن :

يمرّ السنونو حالماً بأطواق الياسمين

في دمشق

ينام الياسمين على صدر عاشق

لا يستكين

في دمشقَ

يأتي الخريف بلون الربيع

وخير الشتاء

بنكهة صيف جميل

***

وحدها دمشق

تزين الخريف

وحدها تجمع حبيبين حالمين

غارقين بين بردى و قاسيون

تعنيهم التفاصيل الصغيرة

وحدها

تربت على كتف عاشق أن أستفيق

ويبقى حالماً بالتفاصيل الصغيرة

بنكهة نبيذ عتيق

***

في دمشقَ وحدها

يرسم العاشق حلمه المشتهى بحبر اللقاء

فتولد القصيدة

نعم هذا يحدث في دمشقَ

وحدها

جدعة أبو فخر في تجدد دائم بين قصيدة وقصيدة ، في المبنى والمعنى ، في الحرف والمفردة ، ونلمس أن لها تجرتها وخصوصيتها في التعبير والتصوير والبوح ، وفي رؤيتها الممهورة بالصدق والحميمية والانتماء .

وفي الإجمال ، جدعة ابو فخر فارسة في محراب العشق الوطني والكلمة الوطنية الملتزمة الصادقة الهادفة ، ومقاتلة على درب الحرية لإنجاز المشروع الوطني القومي السوري ، متفانية في حمل الرسالة الوطنية دفاعًا عن بلدها ووطنها وسوريتها العزيزة على قلبها ، بوجه مؤامرة التفتيت والتفكيك الاستعمارية ، وهي كاسمها جدعة في التعبير والذود عن قضايا الوطن وهمومه .

تحية من القلب للصديقة الشاعرة ابنة جبل العرب جدعة ابو فخر ، وتمنياتي لها بالمزيد من الانتاج والعطاء والتجدد الشعري واغناء تجربتها وانضاجها أكثر ، وإلى الأمام .

بقلم : شاكر فريد حسن