هناك قاعدة جيوسياسية تقول: كل الأحداث الإقليمية مترابطة، وكل حدث محلي هو بالضرورة وبالتبعات إقليمي ودولي أيضاً، فهل ما يتوفر من معطيات بلسان لغة المنطق، تشير أنّ الحفاظ على الاتفاق النووي مع إيران ممكن أم لا يزال صعباً في ظل الظروف الحالية؟ حصول توفير الحواضن للاتفاق النووي إن تم، يعد استثناءً وهذا ليس مستحيلاً، ويحمل من المؤشرات والدلالات ما يتجاوز فكرة النووي الإيراني، إلى مرحلة تؤسس لعهد جديد في المنطقة في الترتيبات الإقليمية متضمنّاُ اعترافاً صريحاً بمدى النفوذ الإيراني، لذلك نرى محاولات ذات مخاضات مزمنة غير مكتملة، لتشكيل تحالف إقليمي سعودي مصري اماراتي بحريني(قد تشترك به الكويت)بامتدادات باكستانية، لبناء طوق صلب حول إيران يحيط بها من الجهات الأربع بمحيط متجانس مذهبيّاً إلى حد ما، لتحقيق نوع من التوازنات بمفهومها الشامل أو ليكون بمثابة حصان طراودة للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة(نلحظ اعادة انتشار للقوّات الامريكية في الخليج وبناء على طلب مملكات القلق العربي)، وفي ظل استمرار التحالف الأمريكي مع الإسلام السياسي في المنطقة وعبر نيولوك جديد(رغم وضع السعودية والامارات لهم على قوائم الارهاب، وهما يتحالفان مع حزب الاصلاح اليمني الاخواني- تحالفات سريالية بفيزيائية تعاكس لغة الحياة)، وخاصةً في حال تطويع وتأطير تنظيمات الأخوان المسلمين، في إطار قريب جداً من نموذج حزب العدالة والتمنية التركي، المراد تسيّده وأدلجته في المنطقة، وهذا من شأنه أن يجعل تنظيم الأخوان المسلمين بهويات وطنية كلّ في ساحته وهويته وظروفه، إن حدث هذا(السابق ذكره مع واشنطن دي سي)تصبح أي تنازلات إيرانية نووية ما بعد الاتفاق النووي الموقع دوليّاً، مسألة تفصيلية غير ذي صلة(المهم تأمين الحد الأدنى من حاجات إيران النووية). إيران وعلى مدار حياة التفاوض مع السداسي الدولي، وقبل التوقيع على الاتفاق في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، كانت مفاوضاتها تقنية صرفة، وقدّمت تسهيلات في متابعة برنامجها النووي وليس تنازلات تقنية، وأجابت على كافة تساؤلات السداسية الدولية حول برنامجها الذري، وأقرّها المرشد وقتها في خطاباته تمثلت في: إمكانيات وقف إنتاج اليورانيوم المخصّب بنسبة 20% وليس وقف إيران لتقنية التخصيب(التنازل في نسبة المخصّب)، إعادة برمجة العمل على تطوير أجهزة التخصيب لا وقفها، تنظيم العمل لا وقفه بمنشأة نووية في قم( فوردو)، احتمال تقنين العمل بمفاعل أراك والذي يعمل بالماء الثقيل وهو بتقنية باكستانية صرفة، ومع ذلك بقيت الحبكة أو العقدة تتعاظم وتتبلور في تعاظمها وحتى في عهد الرئيس طرامب دونالد ذو الفكر البنطلوني الساحل، في محاولات أمريكا الجمّة في الربط بين الحل النووي والترتيبات الإقليمية، وهي لعبة مزدوجة ذات بعد متعدد. تساؤلات عديدة على شاكلة التالي: هل تكيفت العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي مع القنبلة النووية الإيرانية، كما فعلت في الماضي القريب مع الباكستان والهند، وفي ظل معطى استراتيجي يتموضع في أنّ أمريكا تعتبر البرنامج النووي الإيراني تهديداً استراتيجيا،ً في حين أنّ"إسرائيل"تعتبره تهديداً وجوديّاً؟ هل صار البلدربيرغ الأمريكي يؤمن بحقيقة أنّ إيران دولة إقليمية حقيقية عقلانية ذات مجال حيوي تبني سلوكها على الربح والخسارة، وبالتالي لا بدّ من التعايش مع إيران نووية كخصم قوي؟ هل مشكلة وعقدة واشنطن مع إيران في مفاصل تقنية البرنامج النووي، أم في سلوك إيران ونفوذها الإقليمي؟. الامريكي حاول تفجير إيران وعبر القوّة الناعمة عام 2009م عقب تداعيات وعقابيل انتخابات الرئاسة في إيران وفشل، ثم ما لبث أن فرض عقوبات على إيران، وخاصةً عقوبات 2010 م وهي التي آلمت إيران بعمق بشهادة الايراني نفسه ولكنها صبر بعمق. تساؤل وأزيد، في حال تم التوصل إلى اتفاق ما عبر تخريجه من خلال قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي وتحت الفصل السابع أو السادس برفع العقوبات كاملة، مقابل تسوية نووية قد تكون مؤلمة لجهة إيران، فماذا يعكس هذا التحول الدراماتيكي في مفاصل المقاربات الأمريكية إزاء طهران وبرنامجها النووي؟ أعتقد أنّه تغير في الاستراتيجيات وليس التكتيك، تغير في أهداف ومنحنيات السياسة الأمريكية في جلّ المنطقة، ويعني تراجع أمريكي من مستوى تغير سلوك إيران وتقليص مساحات نفوذها، إلى العمل على احتوائه، ويعني التسليم بنفوذ إيراني ومحاولة رسم إطار له، إطاراً جغرافيّاً للنفوذ العسكري الإيراني وامتداداته الميدانية عبر الأنصار والحلفاء في المنطقة، حيث إيران وضعت كل بيضها خارج السلّة الأمريكية فنجا من الكسر، بينما العرب ومع كل أسف وضعوا كل بيضهم فيها وأزيد من بيضهم، لهذا سينكسر جلّه ويزحفون على بطونهم، فالعراق بالنسبة لإيران جزء من أمنها القومي، وسورية بالنسبة لحزب الله عمق استراتيجي، واللغة الدبلوماسية غير اللغة الأستخباراتية المواتية، ولا حليف لأمريكا سوى نفسها، والمشهد صار سرياليّاً، وان قام بعض العرب بزيارة إيران، فهي زيارة الضعيف للقوي، هكذا المعادلات تقول وتتحدث وبعلم الرياضيات السياسية التي لا تجامل أحداً، وهذا أجمل شيء في لغة الرياضيات السياسية الرقمية، والتي تتساوق مع منطق الأمور، حيث لا مكان للعواطف والمشاعر والرغبات والأمنيات والهوبرة، في ثناياها وتمفصلاتها وتحوصلاتها، في أصل جذورها التربيعية والتكعيبية، أنّها الرياضيات العقلية لغة الأرقام ولغة المنطق. إذاً، في الإطار التقني جلّ المسالة تتعلق بمستوى التخصيب وآلية الرقابة عليه، فإمّا المحافظ على اتفاق كامل ناجز، وإمّا حرب شاملة مع خصم قوي، وستكون حرباً وحشيةً وصعبةً ودمويةً، وبالتالي غير متماثلة، وهذا يعني حرب بين خصوم غير متكافئين في القوى العسكرية، وهذا يقود إلى استخدام أدوات أخرى لموازنة القوى على الأرض، وفي الفعل وردّة الفعل، إنّها حروب بالوكالة وما شابه، والذي قد يعرقل أي اتفاق نووي هو الإطار الزمني لأي اتفاق، بعبارة أخرى: أي عدد السنوات التي ستقبل بها إيران برقابة شاملة على كل جوانب برنامجها النووي، ومسألة إيقاف إيران لبرنامج تخصيب اليورانيوم، صار خارج جلسات النقاش، الأمريكان يريدون ضمان أنّ طهران لن تحصل على السلاح النووي(وقف هذا البرنامج وليس تجميده في هذا المنحنى والمعطى)وجعل البرنامج النووي بطيئاً بما يكفي. أحسب وأعتقد، أنّ إيران لن تنخرط مع غيرها من الدول لسد العجز الكبير الذي يعاني منه الدولار الأمريكي، وفي هذا المضمار تقول المعلومات، أنّ تياراً في البلدربيرغ الأمريكي لعب دوراً فاعلاً في وصول روسيّا إلى موقع الند لواشنطن، وشريك فاعل في كينونة أرضية جديدة، من أجل احتواء القوى العالمية المناهضة لواشنطن بمن فيها إيران والصين والدول الأوروبية والعربية والإسلامية، والقوى اللاتينية الجنوبية من الجهة الامريكية، مع الذهاب إلى حد تفكيك الإتحاد الأوروبي، ولكن على قاعدة الشراكات مع موسكو في ظل عالم متعدد الأقطاب. والسؤال هنا الذي يطرح نفسه: ما هو مصير مشاريع التقسيم لكل من روسيّا والصين التي جهّزتها نواة البلدربيرغ الأمريكي، كبداية لتقسيم أوروبا، وعبر مشروع يبدأ بحرب عالمية أرادها الأمريكيون لتداعيات انفجار طائفي اثني في الشرق الأوسط ينطلق من سورية؟ هل ابتلعها اتفاق(سيرجي لافروف كيري)في صيف 2013 م ؟ أم أنّ الذي أنهى مشروعهم كأمريكان هو حصولهم على التزامات دولية بمصالحهم ومجالاتهم الحيوية؟ إذا كان الأمر كذلك، ما هو مسار الضمانات التنفيذية على الأرض لتلك الالتزامات الأممية للمصالح الأمريكية وكيف ستتحقق؟. الأمريكان قدّموا تنازل لروسيّا وضمانة لدمشق حتّى لا يتم اعتراض طائراتهم ضمن ما يسمى بالتحالف الدولي لمحاربة داعش في العراق وسورية، من خلال وصول أنصار إيران(الحوثي)إلى السلطة في اليمن، وأنصار روسيّا(إلى حد ما الناصريون)إلى السلطة في مصر، بالرغم من عمل واشنطن على إعادة إنتاج الإسلام السياسي، ليصار للتحالف معه من جديد في صورة مكتملة التناقضات والمفارقات، تؤشّر على تخبط السياسة الأمريكية وتقلبها بين ليلة وضحاها. في المنظور الأسرائيلي الصهيوني لجلّ الاتفاق النووي مع ايران بأنّه عمليّاً: هو نتاج صمود الدولة الوطنية السورية وتماسك جيشها وأجهزتها الأمنية ومؤسسات القطاع العام، وبالمجمل صمود النسق السياسي السوري. "اسرائيل" الصهيونية ترى في مفاعيل وتفاعلات الاتفاق النووي وأي اتفاق آخر حتّى اللحظة، يعني الأعتراف بايران دولة اقليمية لها نفوذها ومجالها الحيوي في جلّ منطقة الشرق الأوسط، وبحق ايران في تخصيب اليورانيوم كعملية تقنية فنيّه نووية وبعيداً عن نسبة التخصيب، ويعني ضخ المزيد من الأموال المجمّدة، وهذا يقود الى تحسين الأقتصاد الأيراني وبالتالي تحسن وانتعاشات في الأقتصاد السوري المأزوم نتيجة المسألة السورية(ان تم رفع العقوبات لاحقاً، لذا تل أبيب تكافح لبقاء المفروض من العقوبات، واستصدار المزيد تلو المزيد على ايران، للتأثير على برامج الحكومات الايرانية التي تستهدف الطبقة الوسطى الايرانية، صمّام الأمان للصراع الطبقي في المجتمع الايراني، وحتّى لا تذهب ايران الى توفير دعومات اقتصادية لاقتصاد الجمهورية العربية السورية). ويعني تخفيض نسبة البطالة في ايران بشكل ملموس، وتخفيض نسبة التضخم المالي، واستعادة العمله الأيرانية لما فقدته من قيمتها، وبالنتيجة احياءات متصاعدة لدورة الأقتصاد الأيراني. وفي ذات السياق العام ترى "اسرائيل" الصهيونية، أنّ الاتفاق النووي مع ايران ما زال غامضاً ويحتاج الى مزيد من الأيضاحات والكشف عن مفاصل المعلومات، وصحيح أنّ ايران لم تتنازل عن حقها في التخصيب، والتخصيب كعملية من حق ايران. من جانب حذر، تنظر "اسرائيل" الصهيونية الى الاتفاق النووي مع ايران كحدث سياسي، قد يقود الى حالة استراتيجية من العلاقات المختلفه مع العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي(رغم عسكرة المنطقة والخليج من قبل طرامب بفعل رباعي الحرب الامريكي: جون بولتون، جينا هاسبل، كوشنير، مايك بومبيو)، ومن جانب آخر كنتيجة مفعّلة سوف يقود الى التقليل من الرقعة الجيواستراتيجية، التي تسيطر عليها روسيّا والصين في منطقة الخليج، وقد يقود هذا الى احياء عودة النفوذ الأمريكي الى أسيا الوسطى عبر ايران، ويقود الى تراجع تركيا وتمايز في علاقاتها مع واشنطن. ولكن "اسرائيل" الصهيونية تحاول اخفاء ابتسامة هنا: أنّ الاتفاق النووي مع ايران سوف يؤسس الى تغير تدريجي في نواة المجتمع الأيراني عبر الطبقة الوسطى الأيرانية، واستعادة الأخيرة لديناميكياتها بسبب تحسن الأقتصاد الأيراني، كونها الطبقة التي يمكن الرهان عليها في احداث التغيير المنشود والمأمول أمريكيّاً وغربيّاً وصهيونيّاً، كونها طبقة لها آفاق سياسية كبيرة في ايران وهي ذات مكون بشري شاب، والطبقة الوسطى في ايران هي مصنع القيادات السياسية والثقافية والفكرية والعلمية والعسكرية والأستخباراتية، وهي التي تحافظ على الصراع الطبقي في المجتمع، بينما "اسرائيل"الصهيونية تضحك بتشفي بأنّ الطبقة الوسطى في الأردن تم تذويبها والغائها ضمن نهج محدد في السياسات الأقتصادية وغيرها، لتأجيل وأو الغاء أي رهان سياسي عليها في التغيير مع كل أسف، ففي حالة اندلاع الصراع وأو التنافس لمستويات ساخنة على المدى الطويل في الداخل الأردني، فسوف تكون النتائج عنيفة بالمعنى السياسي والأمني والمورد البشري، فلا طبقة وسطى يمكن لنواة الدولة الأردنية عندها الركون اليها، لأعادة التوازن للصراع المجتمعي أو ان شئت سميه التنافس بفعل المحفزات الداخلية الديمغرافية والأقليمية، والتي يصار لتوظيفها عبر البلدربيرغ الأمريكي ونواته الأممية، بعد تعثر المشروع الأمريكي في سورية. اذاً أمريكا والغرب الأوروبي وعبر الاتفاق النووي مع ايران أو حتّى بدونه، يسعون الى تغير طبيعة النظام السياسي في ايران، عبر الطبقة الوسطى الفاعلة في المجتمع الأيراني، كمقدمة لأنهاء البرنامج النووي الأيراني وعبر اطلاق العنان وافساحات للمجال السياسي لطهران وادماجها في بيئة الأقتصاد العالمي، والأعتراض الأسرائيلي الصهيوني هنا: هو أنّ هذا يحتاج الى وقت طويل ومثابرة وهذا لا يصب في الصالح الأستراتيجي الأسرائيلي مع وجود نخب سياسية وعسكرية واستخباراتية واقتصادية ايرانية تلتف حول الدولة الأيرانية وولاية الفقيه. ونظرة"اسرائيل"الصهيونية أنّ الاتفاق النووي مع ايران يعزّز مكانة ايران كقوّة نفوذ في منطقة البحر الأبيض المتوسط، ويقود الى تقاربات ومزيد من العلاقات مع غالبية الشعب الأذري في شمال ايران حيث أذربيجان، والى تفاهمات خاصة وجديدة مع باكو حول مخزونات بحر قزوين في الشمال الأيراني للتوصل، الى اتفاقيات اطار قانوني مع الدول الأربعة الأخرى المطله عليه وهل هو بحر أم بحيرة؟ كذلك الى تفاهمات ايرانية أذربيجانية حول الوجود العسكري والأستخباري الأسرائيلي المستتر في الداخل الأذربيجاني. "اسرائيل" الصهيونية تسعى الى توظيفات لاتفاق ايران النووي وتعمل عليها، للحصول على ثمن(متمثلاً بما تسمى بصفقة القرن) ما غير واضح في مجمل الصراع العربي الأسرائيلي وخاصةً على المسار الفلسطيني – "الإسرائيلي"، خاصة مع عودة بنيامين نتنياهو للحكم وللمرة، كأن يكون مثلاً بقاء المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، تفاهم حول القدس بعد نقل سفارة واشنطن الي القدس الشرقية المحتلة، والقدس كلها محتلة بانسانها وحجرها، والتقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى، وحول كل موضوعات الحل النهائي بما فيها اللاجئين والنازحين، وأنّه في حالة عدم منح "اسرائيل" هذا الثمن فسوف تعيقه وعبر أدواتها في الداخل الأمريكي وفي الكونغرس وغيره من مؤسسات الدولة الأمريكية وعبر أدواتها في الخارج الأمريكي وفي أوروبا(انسحاب طرامب من الاتفاق النووي كانسحاب أحادي نتيجة الفعل الاسرائيلي النافذ في مفاصل الادارة الامريكية)، الاّ في حالة واحدة محتملة وهي رفض الحكومة الأممية(البلدربيرغ)الأمريكي التوجهات الصهيونية! وهنا قد تقوم "اسرائيل"بخطوة عسكرية حمقاء ازاء ايران أو في الساحات المحيطة بها، ساحات مملكات القلق العربي لخلط الأوراق فرأينا ما جرى في ميناء الفجيرة تحديداُ، وفي السياسة الاحتمال ليس يقيناً. وترى "اسرائيل" الصهيونية في اتفاق ايران النووي، أنّه أشّر الى حد ما على انتصار المكون الشيعي السياسي ضد المكون السنّي السياسي، واستمرار النسق السياسي السوري، وبقاء الرئيس لقيادته المرحلة الأنتقالية القادمة والتي يمكن أن تنتجها أي عملية سياسية تسووية قادمة، واتفاق ايران النووي أدخل الدول العربية المطلة على الخليج كساحات سياسية واقتصادية في دائرة الخطر الأستراتيجي، والتمهيد للثورات فيها لأحداث التغيرات المطلوبة أمريكيّاً، وهذا ما لاتريده "اسرائيل" الصهيونية الآن على الأقل. وترى اسرائيل الصهيونية أنّ اتفاق ايران ضمن لطهران حتّى اللحظة عدم تدمير ولا جهاز طرد مركزي واحد واستمرار العمل حتّى الآن في مفاعل(آراك)، والذي يعمل بالمياه الثقيلة وهو مفاعل بحثي طبي، كما مهّد هذا الأتفاق المؤقت لشرعنة التخصيب، فالصراع مع الغرب وأمريكا ومن ورائهم "اسرائيل" وبقايا البعض العربي، كان وما زال في موضوع التخصيب كعملية وليس بنسب التخصيب. تل أبيب الصهيونية ترى أنّ ايران قدّمت تنازلات في الهوامش ونسب التخصيب وتفاصيل أخرى غير معلومة لا تعيق حقها في التخصيب الذي شرعنه الأتفاق في جنيفها المؤقت. "اسرائيل"الصهيونية ترى في اتفاق ايران النووي يعني استخدام الجمهورية الأسلامية الأيرانية لأوراقها السياسية، وأدواتها العملياتية في داخل الباكستان وأفغانستان ومع حركة طالبان أفغانستان وطالبان باكستان، لتسهيل عمليات انسحاب جزئية لبعض القوّات الأمريكية من أفغانستان مع عدم عرقلة ومواجهة المصالح الأمريكية هناك، وهذا من شأنه أن يقود الى حالة من التسكين على طول خطوط العلاقات الأمريكية الأيرانية، وهذا لا يصب في الصالح الأسرائيلي الصهيوني. ومن أجل الأساءة الى صورة ايران في المنطقة، ذهبت بعض وسائل الميديا الأمريكية المتصهينة في الداخل الأمريكي وفي الداخل الأوروبي، وبعض وسائل الميديا العربية وبعض الخليجية والتي تمثل خط الليكود الأسرائيلي الصهيوني في الأعلام العربي، والمتحالفة مع ذلك البعض الأمريكي والبعض الأوروبي، صاروا جميعاً يتحدثون عن أن مباحثات سريّة ترعاها"واشنطن" و"أوروبا"تجري بين طهران وتل أبيب هذا الأوان في "جنيف" وأماكن أخرى كمرحلة، وبذلك تكسر تل أبيب حصارها السياسي جزئياً لنظام طهران الديني وتنفتح جزئياً أيضاً على حوار سياسي إيراني إسرائيلي. وآضاف مجتمع وسائل الميديا هذا بالتحديد والذي يفبرك ويحلّل ويسرّب:- أنّ عورات طهران تكشّفت بتنازلها عن نوويها ونووي غيرها، بحثاً عن مدخل لحوار مع واشنطن فتل أبيب واستبدال هياجها المذهبي بسلوك معتدل طمعاً بدور إقليمي مفقود بعد سقوط "الشاه"، كونه منذ قيام النظام الديني في طهران أحاطته واشنطن بسياج من العزل السياسي وسحبت دوره الإقليمي وكان موقعه الثالث في منظومة الدفاع الغربية: (تركيا، إسرائيل، وإيران قبل سقوط الشاه)، يتساءل هؤلاء اليوم تساؤل ينم عن خبث سياسي دفين لا براغماتية سياسية، ولضرب وحدة النسيج الأيراني الواحد والموحد ضد الخطر الخارجي، حيث الأخير يوحّد ايران، وتساؤل هؤلاء هو:- اليوم هل تتهيأ طهران الى الإنضمام لهذه المجموعة السابقة بفعل العوامل التالية: أولاً: تركيا علمانية الهوى إسلامية الجذور والهوية، أعطت ظهرها لهذا الحلف وانسحبت منه وسلمت وجهها لقـِبلّة "دينها- موروثها- مشاعرها" بتحسس ألم المسلمين العرب والأجانب، الذين يعتبرونها آخر قلاع الدفاع عن حقوقهم بعد إنهيار "العراق- مصر- سورية" وإنسحاب السعودية لجغرافيتها ومصالحها الخليجية. ثانياً: ولأنّ ايران تُجيد سياسة مواجهة المصالح والسياسات الأميركية في المنطقة، وكان آخرها مشروع "الشرق الأوسط الجديد" الذي تم افشاله عبر المقاومة في حرب تموز 2006 م، وبقدر مانجحت واشنطن في عزل طهران، نجحت طهران في توظيف أخطاء واشنطن الإستراتيجية في المنطقة وكان أعظمها "إحتلال العراق"، الذي بدأت معه المواجهة تتخذ شكلها الحاد، فعلى أرض العراق التي تعرفها طهران جيداً وتحسن إستخدام تناقضاتها المذهبية تمت المواجهة الحادة رأسيّاً وعرضيّاً. ثالثاً: يد طهران التي كانت مغلولة إلى عنقها إنبسطت بزوال نظامين "سُنيين" معاديين لها على طرفي حدودها في العراق وأفغانستان، فاستثمرت الفرصة بشكل ممتاز وساعدها في ذلك غياب وأو تغيّب لأي دور للعرب، وبقدر ما أساءت واشنطن والغرب تقدير نتائج سقوط النظامين، أحسنت طهران إستغلال هذه النتائج وتوظيفها وتوليفها لمصلحتها. رابعاً: قاد الصراع الشرس بين طهران وواشنطن على أرض العراق، رفضاً لسياسة القطيعة من نحو، وطلباً للوصل من نحوٍ آخر، إلى إعادة النظر في كل ماسبق، وهاهي واشنطن فتل أبيب تستخلص الدروس من حربها السياسية الطويلة ضد نظام طهران وتحاول بحكم مأزق العراق والمسألة السورية الإستماع لمطالب النظام وشكواه وربما إستيعابه واحتوائه. ويضيف ويسرّب مجتمع الميديا هذا وبخبث أيضاً، أنّ طهران لم ترفض قط الحوار مع واشنطن وتل أبيب! لا بل كانت تطلبه وتسعى إليه، غير أن الشروط التي مرت بها العلاقات بينهم لم تسمح لواشنطن وتل أبيب بالإنفتاح على نظام بدائي الفكر والمشاعر والممارسة، حتى فرضت الظروف ومشروع إيران النووي ومتاعب واشنطن في العراق والمنطقة وتآكُل النظام العربي، إلى قدر من التطبيع وعلاقات وصل تحلم به طهران كما تشير وسائل الميديا هذه لتشويه صورة ايران، وقد يفضي إلى تطبيع آخر بين إيران وإسرائيل، يدفع ثمنه العرب خاصةً العراقيون "السُنة" الذين سيمتلأ إقليمهم الموعود، والذي ستشيده الجماجِمُ والدّمُ بـ"عرب اللجوء" بتفريغ محيط إسرائيل منهم، وسيتخذ إقليمهم مستقبلاً شكل "جمهورية"(كوسوفو نموذجاً)وهو مايدفعنا لفهم أسباب تصفية "عوائل وزعامات سُنية" داخل بيوتها بالكواتم في مرحلة ما، والآن عبر الدواعش كأداة صهيونية أمريكية حيث غالبية الضحايا من السنّة، لكي يسارع الآخرين الإنتقال إلى المحافظات السُنية، بانتظار مدفع الإقليم الذي سيفطر عليه صائمو دهر العبودية الجديدة. إذاً تكرس وسائل الميديا الأمريكية والأوروبية المتصهينة، والمتحالفة مع بعض وسائل اعلام عربية وخليجية تمثل التيّار الليكودي الأسرائيلي الصهيوني في الأعلام العربي، يكرّسون هؤلاء بخبث سياسي دور إيران الجديد، وهو إقامة الإقليم السُني، إذ تفُضّل إسرائيل هجرة الفلسطينيين على توطينهم بالقرب منها أو على حدودها، فالهجرة تعني نسيان الوطن، أما التوطين فيُذكّر به. لقد سبق هؤلاء الآنفون وزير الخارجية الأيراني الدكتور محمد جواد ظريف، ومعه سلفه ورفيقه وصديقه الدكتور علي أكبر صالحي(كاتب السطور يعرفه جيداً)، عندما أكّدا أنّ البعض من أجنحة الأدارة الأمريكية ومن تقاطع معهم من بقايا العرب، يسعون الى ضرب الوحدة الوطنية الأيرانية ونسيجها الأجتماعي. ويضيف كاتب هذه السطور التالي: ... ومن خلفهم النواة الصلبة في الكيان الصهيوني عبر مجتمع المخابرات الأسرائيلي الصهيوني، ومن تساوق معه من العالم السفلي في"اسرائيل"المافيا الأسرائيلية، بالتعاون مع شبكات زعيم مافيا سابق اسمه(شالوم دومراني)ذهب الى المغرب ليعيد هيكلة نفسه من جديد هناك، ويحمل الجنسية المغربية وله استثمارات اقتصادية هائلة هناك وعلى علاقة قوية جداً مع اليهودي المغربي أوزولايAZOULAY، وعاد إلى الجنوب الفلسطيني المحتل الآن" جنوب اسرائيل"، وشبكة زعيم مافيا آخر اسمه(عمير مولتز)، وشبكة المافيوي(ريكو سيرازي)، بجانب شبكات المافيا من عائلة(كراجه)في نتانيا مختصة بتخزين مخزونات السلاح وتبيض الأموال، وعائلة(الحريري)في الطيبة مختصة بتخزين السلاح أيضاً وتبيض الأموال، وهما من الأكثر رعباً في الوسط العربي المحتل – الشمال الفلسطيني المحتل " اسرائيل" الآن. وتتحدث المعلومات، أنّ هذا العالم السفلي في الكيان الصهيوني، وبالتنسيق مع مجتمع المخابرات الصهيوني والشرطة الأسرائيلية، وخاصة مع وحدة(يمار)ومع طاقم خاص من قوة لاهف(433)في الشرطة الأسرائيلية، وهما المختصتين بمحاربة هذا العالم السفلي، قاموا ويقومون الآن بأدوار عميقة في العراق لأنشاء اقليم سنّى وآخر شيعي وآخر كردي تريده واشنطن وبلدربيرغها اسرائيل ثانية في الشمال العراقي، وهذا هو محور خلاف وصراع مستتر على طول خطوط العلاقات الأسرائيلية الأمريكية، حيث تريده اسرائيل الحالية مجرد اقليم لا أكثر ولا أقل وكجيب أمني وجغرافي لها، وهناك أدوار ما زالت مستتره ازاء الداخل الأيراني، ان لجهة الشمال الأيراني، وان لجهة شمال غرب ايران، وان لجهة شمال شرق ايران، وان لجهة الحدود مع العراق واقليم كردستان. بل تناسى هؤلاء المطلعون، أنّ من يقوم بقتل العوائل في بيوتها، ان من جهة السنّة، وان من جهة الشيعة، وفي بيوتهم بكواتم صوت، هم فرق الموت من دواعش ودوامس وغيرها(باسنادات مافويه اسرائلية صهيونية حاقدة)التي أنشاها جون نيغوربنتي وزميله السفير الأمريكي السابق في سورية روبرت فورد، عندما كان الأخير قائماً بالأعمال الأمريكي في العراق. دمشق في السابق، سمحت بطريقة ما لواشنطن وعبر تحالفها غير الشرعي بالقضاء على الأوروبيين في عصابة داعش، وكامل التنظيمات والتشكيلات الأخرى في الميدان(مع الامتعاض الإيراني والروسي) لأنّه يصب في مصلحة دمشق، القضاء على عصابة داعش وحرر بوتين من الضغوط الغربية في تسليم اس 300 لدمشق، حيث تم تسليمها قبل أشهر دون تفعيلها حتّى اللحظة(نلحظ معلومات تقول أنّها مفعّلة الان)، اعترضت موسكو وطهران على ضربات التحالف وصمتت سورية ولم تعلّق لحاجة في نفس يعقوب، بعد ذلك تحرك الجيش السوري وبالتنسيق براً وجواً مع العراق وبدعم إيراني كبير بتوجيه ضربات قويّة قاصمة إلى عصابة داعش، والتي صارت أمريكية بامتياز نقية من الأوروبيين(التأثير الأوروبي)، فتبخر الحديث عن تنظيم خراسان والذي ثاني من تحدثت عنه جينا هاسبل وقبلها جون برينان في عهد أوباما، وصار الحديث الآن هو في كيفية جلب قوّات بريّة أمرييكية بجانب تدريب معارضات هنا وهناك. حيث واشنطن تعمل الآن على إعادة توجيه عصابة داعش، لتوظيفها في عملية الفصل الميداني ما بين إيران والعراق شرقاً وما بين سورية ولبنان غرباً، تمهيداً لإعادة إشعال الصراع بين العراق وإيران والخليج، وبين سورية ولبنان وإسرائيل. وتعمل واشنطن على حماية أسطولها الخامس، وهو الوحيد القادر على تحييد الدفاعات الجوية السورية الروسية عبر صواريخ التوماهوك والكروز، والتي تنطلق من القطع البحرية الجاثمة على سطوح البحار، حيث الأسطول الخامس يتواجد في أحد خلجان دول الجوار السوري، وتحاول واشنطن بالرغم من وجود القوّات الروسية على جلّ الساحل السوري، على فصل هذا الساحل السوري عن سلطة الدولة المركزية في دمشق، كونه الأمر الوحيد الذي يحدث شرخاً في مؤسسة القصر والجيش ويغير المعادلات. قامت واشنطن بحماية أسطولها الخامس من القوارب المفخخة القادمة من اليمن ومصر، عبر إعلان عدّة أقاليم يمنية انفصالها عن الدولة المركزية، وأنشأت عاصمة لها في عدن، ثم أشعلت شبه جزيرة سيناء في حرب دموية ضد القوات المصرية، ثم أشعلت الجبهة الليبية المصرية لتشتيت الجيش المصري، وكان الطلق الأمريكي الأخير، عبر محاولة انقلابية على الرئيس الأسد في الداخل السوري، مدعومة عسكرياً أمريكياً عبر طائرة الاستطلاع الأمريكية ذات الصواريخ الأربعة المتطورة والقنابل الذكية، والتي تم إسقاطها بعد تحرير وحماية واشنطن لصواريخ الأسطول الخامس الأمريكي المتواجد في أحد خلجان دول الجوار السوري.
*كتب:المحامي محمد احمد الروسان*
*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية*
عنوان قناتي على اليوتيوب البث عبرها أسبوعيا:
https://www.youtube.com/channel/UCq_0WD18Y5SH-HZywLfAy-A