من الواضح بان المواقف التي اتخذتها الممثلة العليا للخارجية الأوروبية فديريكا موغريني،والمتمثلة في مناصرتها للجلاد على الضحية في الحرب العدوانية الأخيرة التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة،والتي دعت فيها الى وقف ما أسمته بإطلاق الصواريخ الفلسطينية العبثية على " إسرائيل" ودعوة العالم للوقوف الى جانب "إسرائيل" في محنتها ومن بعد هذا الموقف استشرست موغريني وكشفت عن أنيابها وعدائها السافر والوقح للشعب الفلسطيني،حيث دعت الى مراجعة شاملة للمناهج الفلسطينية،تحت حجج وذرائع انها تحض على العنف والتحريض على دولة الاحتلال، وانها غير مطابقة لما اسمته بقيم التعايش والتسامح والسلام،رغم أنه جرى " تقزيم" المناهج الفلسطينية،وشكلت لجنة ثلاثية فلسطينية - اسرائيلية – أمريكية،بغرض فحص التحريض في المنهاج الفلسطينية والإسرائيلية،
ومن الواضح بأن موقف موغريني لا يعبر عن موقفها الشخصي،بل تعبير عن موقف الإتحاد الأوروبي،والذي نكتشف انه الوجه الناعم لمواقف الإدارة الأمريكية المعادية لشعبنا الفلسطيني والمشاركة في العدوان المباشر عليه،حيث تستعد لإعلان ما تسميه بصفقة القرن،والتي كشفت خطوطها العامة المسربة،بأنها تحمل تصفية شاملة لقضيتنا الفلسطينية ومرتكزات مشروعنا الوطني،بالإعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال،والسعي لشطب قضية اللاجئين،من خلال تصفية وكالة الغوث اللاجئين " الأونروا"،وإعادة تعريف من هو اللاجئء الفلسطيني، والموافقة على قرار نتنياهو وحكومته بضم مناطق واسعة من الضفة الغربية،حيث وزير الخارجية الأمريكي المتطرف بومبيو وصهر الرئيس المتصهين كوشنير،قالا بشكل واضح بان المشكلة لا تكمن في الإستيطان،بل في حركتي حماس والجهاد الإسلامي،وحسب المسؤولين الأمريكان وموغريني،اعتقد انه يجب الرد على العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة،وعدم إحترام "إسرائيل وتنفيذها لما يجري الاتفاق عليه من تفاهمات،وقتلها للرضع والحوامل والمدنيين العزل،بحمل باقات الورود وإطلاق البلالين في السماء إبتهاجاً بذلك..؟؟؟.
وما أقدم عليه البرلمان الألماني اول امس الجمعة من تجريم لحركة المقاطعة (Bds) واعتبارها معادية للسامية،وكذلك دعوته الحكومة الألمانية إلى عدم تمويل أو دعم أي مؤسسة تنفي "حقّ إسرائيل في الوجود والدفاع عن نفسها". على حد زعم البيان الصادر عن البرلمان الألماني "البوندستاغ"، من الواضح بان هذه المواقف المتسارعة من قبل دول الإتحاد الأوروبي،تندرج في إطار الهجمة الشاملة التي تشن على القيادة والشعب الفلسطيني،والموزعة أدوارها بين أمريكا والإتحاد الأوروبي،لتطويعهما للقبول بصفقة القرن الأمريكية، والتي يقترب نشرها بعد عيد الفطر المبارك.
ونحن نرى بان هذه المواقف الأوروبية الغربية المعادية لشعبنا الفلسطيني،تشكل انعكاس تاريخي للمواقف الأوروبية الغربية المعادية لشعبنا الفلسطيني،فهذه الدول الإستعمارية التي اقتسمت البلدان العربية وفرضت انتداباً بريطانياً على فلسطين،ولتصدر بعد ذلك بريطانيا وعدها المشؤوم المعروف بوعد بلفور في 2/11/1917 الذي اعطى ما لا يملك لمن لا يستحق،بمنح اليهود وطناً قومياً لهم في فلسطين،ولم تكتف الدول الإستعمارية بمنح الكيان الصهيوني لأرض فلسطين،بل استمرت في رعاية وحضانة دولة الاحتلال،وسعت لتكريسها في خاصرة العالم العربي،ولتجعل منها دولة فوق القانون الدولي،خارج أي عقاب او محاسبة على ما ترتكبه من جرائم وقمع وتنكيل بحق الشعب الفلسطيني.
المتصهينة فيدريكا موغريني،لم تدن الاحتلال والحصار المستمر على قطاع غزة،وغياب كل مظاهر الحياة الإنسانية فيه منذ اثني عشر عاماً،وكذلك ترى بأن ما قامت به إسرائيل من إطلاق للنار واستخدام القوة ضد مسيرات العودة التي خلفت أكثر من ثلاثمائة شهيد وأكثر من 30 ألف جريح،بينهم الرضع والأطفال والنساء الحوامل،هو شكل من أشكال الدفاع عن النفس،..؟؟والشعب الواقع تحت الاحتلال،يحرم من كل حقوقه،ويحاصر ويعاقب في لقمة عيشه،محظور عليه ان يدافع عن وجوده،او ان يستخدم المقاومة لرد وصد العدوان الصهيوني،وموغريني التي تدعي انها تحمل قيم الإنسانية والعدل والحرية والتسامح،تعلم تماماً،بأن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة،ادان دولة الاحتلال على استخدامها للقوة ضد مسيرات العودة السلمية،وحتى هذا المجلس يريدون ان يلغوا وجوده،لكي لا يتطرق لجرائم إسرائيل بحق شعبنا الفلسطيني...ولماذا لا تبادر موغريني وغيرها من دول الغرب الإستعماري الى فرض عقوبات دولية على إسرائيل لخرقها للقانون الدولي،بإستمرار الإستيطان والقمع والتنكيل بالشعب الفلسطيني ..؟؟.
موغريني وغيرها لا تعني حياة الفلسطيني والعربي بالنسبة لها وللغرب الإستعماري شيئاً،ولذلك ليس من المستغرب منها ومن الإتحاد الأوروبي هذا السلوك،الذي يشبعنا بيانات شجب واستنكار وإدانات خجولة لدولة الاحتلال وممارستها العنصرية بحق شعبنا الفلسطيني،وبالمقابل يقدمون كل أشكال الدعم لدولة الاحتلال ويتصدون لأي قرارات قد تتخذ بحق إسرائيل او عقوبات قد تفرض عليها،فإسرائيل فوق القانون الدولي يمنع مساءلتها ومحاسبتها،ولذلك ليس بالمستغرب أن تنفث موغريني سمومها تجاه المنهاج الفلسطيني،وهي تعلم علم اليقين بان محتويات المنهاج الإسرائيلي فيها الكثير من التحريض والكراهية تجاه شعبنا الفلسطيني،ونفي لكل أشكال وجوده في أرضه التي طرد وهجر منها قسراً،بل والمنهاج الإسرائيلي يكرس الرواية الصهيونية ويفرضها،ليس على العملية التعليمية،بل على كامل المسار التاريخي،والمناهج التي يدرسها اليهود المتدينين،توغل في التحريض على شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية،وتصفهم بأقذع الأوصاف أقلها قتلة وأبناء أفاعي.
إتفاقية جنيف الرابعة وكل الإتفاقيات الدولية،تمنع الدولة المحتلة من فرض مناهجها على الشعوب الواقعة تحت الاحتلال،بل من حقهم استخدام لغتهم ومنهاجهم،وبما يتوافق مع عقيدتهم وثقافتهم وهويتهم.
الكثير من الدول الأوروبية الغربية عدلت أنظمتها وقوانينها وتشريعاتها، القضائية والقانونية،لكي تحارب وتجرم وتعاقب مجموعات المقاطعة وبالذات حركة المقاطعة الوطنية" BDS"،التي تدعو الى مقاطعة دولة الاحتلال وسحب الإستثمارات منها على خلفية إحتلالها للأراضي الفلسطينية وإرتكابها لكل اشكال القمع والتنكيل والتميز العنصري بحق الشعب الفلسطيني،وإسرائيل نظرت الى حركة المقاطعة على أساس انها تشكل خطر وجودي على دولة الاحتلال،يوازي الخطر النووي الإيراني،ولذلك اتخذت وسنت مجموعة من القرارات التشريعة والقضائية التي تمنع دخول أعضاء حركة المقاطعة او المناصرين لها إلى دولة الإحتلال،وفرض عقوبات مشددة عليهم تصل للسجن عدة سنوات.
نتنياهو قال بشكل واضح بان إسرائيل خصصت ملايين الشواقل لمحامين،من أجل التصدي لحركة المقاطعة.
وفي النهاية أقول بأن الإتحاد الأوروبي بتجنده للدفاع عن دولة الاحتلال وتجريم حركة المقاطعة ،فهذا بحد ذاته تشجيع ودعم وانحياز أعمى للاحتلال والاستيطان والتمييز العنصري الذي تمارسه إسرائيل ضد شعبنا الفلسطيني من أكثر من 71 عاما، وموقف موغريني والبرلمان الألماني "البوندستاغ" يشكل إصطفافا سافراً الى جانب الاحتلال والرواية الصهيونية المزيفة التي تقلب حقائق الواقع والتاريخ وتعمل على تصدير الاكاذيب والاباطيل حول واقع الصراع بين الشعب الفلسطيني الاعزل والاحتلال الصهيوني الذي يمتهن العربدة والفجور والتنكيل بحق النساء والاطفال والشيوخ من ابناء شعبنا صباح مساء ويقصف البيوت والممتلكات ويهجر ويشرد العائلات الفلسطينية ويمارس الاستيطان والتهويد في طول وعرض أرضنا الفلسطينية على مرأى من المجتمع الدولي وتحت سمع وبصر العالم."
بقلم :- راسم عبيدات
فلسطين - القدس المحتلة
19/5/2019
[email protected]