تهديد المقاومة القادم من الجنوب

بقلم: حمزة إسماعيل أبوشنب

على صعيد العدو الإسرائيلي، فقد واصل التعامل بنفس سلوكه في جولات التصعيد السابقة، وركّز جل اعتماده على الاستهدافات بطائرات F16، وعمد إلى استهداف مبانٍ سكنية بهدف إرباك المقاومة، بالإضافة إلى مواصلة ضرب المواقع العسكرية، والتي باتت أوساطه العسكرية على قناعة بأنها لن تشكل حالة ردع في مواجهة المقاومة التي نجحت بدورها في التكيف مع هذا النوع من الاستهداف.
إلا أنه خلال الجولة العاشرة صعّد العدو من استهداف المنازل المأهولة بالسكان، فقام بقصف العديد من الشقق السكنية والبيوت والتي أدت إلى استشهاد عائلات بأكملها، كما فعّل استهداف المقاتلين الميدانيين، في محاولة منه للحد من إطلاق الرشقات الصاروخية على الأراضي المحتلة عام48، وعاود سياسة الاغتيالات للنشطاء العسكريين أو من يقدم الدعم المالي للمقاومة.
وقد سجلت الجولة اعترافاً إسرائيلياً هو الأول من نوعه منذ عدوان 2014 بالخسائر المادية في المدن الإسرائيلية، فخلال العدوان على غزة عام 2014 خضعت أخبار الأضرار المادية للرقابة العسكرية، بعد أن وسعت من سلطتها إثر عدوان 2006 على لبنان، وكانت الرقابة العسكرية تبرر هذا السلوك بأن المقاومة تستفيد من المعلومات الإخبارية في توجيه وتكثيف الصواريخ، مستحضراً تجربة حزب الله في لبنان 2006.
ما تم نشره حققته بواسطة صندوق التعويضات عن حجم الأضرار التي ألحقتها المقاومة بالعدو الإسرائيلي، شكّل له حالة من عدم التوقع لقدرة المقاومة على إحداث الضرر الناجم عن الصواريخ المصنعة محلياً والمدعومة إيرانياً، فخلال يومين من المواجهة بين المقاومة والعدو تضرر حوالي 166 مبنى بصورة مباشرة في مدينة أسدود، 182 في مدينة عسقلان، و130 في منطقة غلاف غزة، بالإضافة إلى عشرات المركبات، مما جعل العدو يتخيل سنياريو ما سيكون عليه الوضع في حال حدثت مواجهة شاملة مع المقاومة.
أما جديد المقاومة الفلسطينية في هذه الجولة بالنسبة للعدو، هو استخدامها لكثافة نارية عبر إطلاق عشرات الصواريخ على كبريات مدن الجنوب، وبلغت أعداد ما أُطلق من صواريخ خلال 42 ساعة قتال نحو 700 صاروخ، بمعدل 416 صاروخاً في اليوم، وهو أربعة أضعاف كثافة صواريخ حزب الله في حرب 2006، كما أن عدد الصواريخ خلال 48 ساعة تساوي 15% مما أطلقته المقاومة في 51 يوماً عام 2014.
وصل عدد القتلى الإسرائيليين إلى أربعة، ونحو مائة وثمانون جريحاً، جراح بعضهم خطيرة، كما أحدث صفارات الإنذار _التي لم تتوقف طوال المواجهة_ حالة غير مسبوقة من الهلع، مما دفع بالعديد من الكتاب والقادة السابقين في الجيش للحديث عن تعاظم الخطر القادم من الجنوب، باعتباره الجبهة الأسرع اشتعالاً، وأن لا أحد من القادة الحاليين قدّم حلاً جذرياً.
ما جرى خلال الجولة العاشرة سيترسخ في ذهن القادة الإسرائيليين، وسيفرض عليهم كوابح في آليات اتخاذ القرار، فالمقاومة في قطاع غزة ولبنان نجحت في إدخال الجبهة الداخلية في معادلة المواجهة وهي العصب الأكثر ضعفاً، مما يكبل قادة العدو في اتخاذ العديد من القرارات التي قد ينتج عنها مواجهة شاملة.
نتائج هذه الجولة يجعل العدو أمام تحديات قوى المقاومة، تحديات لا تتوقف عند حدود قطاع غزة، لكنها أيضاً تشمل التهديدات الإيرانية وقدرة حزب الله في الجبهة الشمالية.

 حمزة أبو شنب

محلل وباحث في الشأن الفلسطيني