العنف في الوسط العربي بات ارهابا مدنيا

بقلم: نبيل عودة

*بعض القوى السياسية تحاول استغلال العنف لمكاسبها الحزبية* التلويح بأكاذيب عن ضلوع افراد من عائلة رئيس بلدية الناصرة بأعمال عنف، سيفضح نهجكم المريض سياسيا*

أبرز أحداث مجتمعنا العربي الصغير داخل اسرائيل، هي احداث العنف التي وصلت لدرجة قتل مواطنين يوميا، او خلال بضع ساعات كما حدث بمقتل مواطن من طمرة وبعد 5 ساعات قتل مواطن من باقة الغربية.

لا اريد الولوج لاتهام مؤسسات السلطة، فهي تتحمل بالطبع القسط الأوفر من المسؤولية. لكن هل تحميل السلطة ينهي واقع العنف المستشري بدون ضوابط؟ السلطة، عبر عجزها كما يرتسم في الواقع العربي، لا يعفيها الأمر من توفير الحماية لكل فرد ولكل انسان، بغض النظر عن لونه وعن دينه وعن جنسه وعن قوميته.

ان موضوع العنف بات أكثر تشعبا من مجرد صياغة مقال وتوجيه اللوم لطرف سلطوي او طرف اجرامي. الجريمة لم تنشأ في فراغ ومنفذي الجرائم لم يولدوا مع اسلحة قتل بأيديهم. واطفالنا لم ننشأهم على كراهية الآخر، بل على احترام الحياة، حياة كل انسان، بغض النظر عن قربنا منه او كرهنا له. نحن لسنا المخولين بعقاب أي شخص، بالعنف او بالقتل.

التساؤل اليوم بالشارع العربي: حتى متى؟

صرنا نمشي بالشارع ونتوقع رصاصة طائشة، كالتي وضعت حدا لحياة فنان نصراوي، عازف عود مبدع لم يؤذ بحياته شخصا، هو الفنان توفيق الزهر. او رصاصة مصوبة قصدا. لا اعرف اعداء لي مثلا يمكن ان يفكروا بقتلي الا إذا اعتبرنا الخلاف السياسي او المنافسة على سلطة محلية سببا لممارسة العنف المنظم، او الأصح تسميته ب "الارهاب المدني"!!

ما فاجأني ان التنظيم السياسي الأكبر والأهم في الوسط العربي في اسرائيل، يكتفي برفع شعارات احيانا، وبالتصريحات المستنكرة، وهو التنظيم الأقدر، كما كان خلال العقود الماضية، على ضبط الشارع العربي وادارته مدنيا. لكنه اليوم كما لاحظت يحاول هذا التنظيم استغلال حوادث مؤلمة، كما جرى في الناصرة لترويج مواقف مسيئة جدا ولن تكسبه الا الذم، حين يتطاول على رئيس بلدية جرى انتخابه بمنافسة ديموقراطية تماما، بالتلويح الى ضلوع افراد من اسرته بأعمال عنف. هذا الترويج للأكاذيب لن يكسبكم سياسيا، بل قد يعود عليكم بردة فعل جماهيرية تسقط آخر اوراق التوت عن عوراتكم.

جمهور الناصرة قرر انتخاب علي سلام ليس خوفا ورعبا من العنف بأشكاله المختلفة، بدءا من ترويج الاشاعات وصولا الى لوم ادارة بلدية الناصرة ورئيسها، كأنه يملك جيشا وشرطة مختصة بعلاج هذا العنف والارهاب المدني. وليس سرا ان بلدية الناصرة تنشط الحياة الفنية والثقافية كرد فعل لتقليص العنف، فماذا تفعلون بالمقابل؟

واجبكم أن تحملوا المؤسسات الأمنية والشرطية كامل المسؤولية وبدون تلعثم واضافات تحريضية، عن حالة التسيب المخيف الذي أصبح يشكل حالة اجتماعية مؤلمة لنا جميعا. واجبكم ان تتعاونوا مع بلدية الناصرة ورئيسها، ومع سائر رؤساء السلطات المحلية، بالتشاور واقرار مواقف وخطوات عملية للضغط على السلطات المسؤولة عن حالة التسيب الأمني الذي يسود المجتمع العربي.

ما اراه ان المسؤولين في الحزب الشيوعي والجبهة، والمؤسسات الشعبية شكلا التي يديرونها كلجنة المتابعة العليا، وجدوا ان القاء التهم العشوائية، خاصة ضد رئيس بلدية الناصرة المنتخب بمنافسة ديموقراطية وبأكثرية مطلقة، قد يوفر لهم مكاسب سياسية، تعيد لهم بعض مجدهم الغابر.

مثل هذه التصرفات ستعمق فقط التسيب ليس السياسي، فهو حالة منتشرة في السنوات الأخيرة، انما التسيب الارهابي المدني للمجتمع العربي في اسرائيل عامة وليس في الناصرة تحديدا.

كحزب مركزي في اسرائيل، نحترم دوره السياسي التاريخي كل الاحترام، ونأمل ان يقبل حسم المصوتين في الناصرة وأن يتعامل بدون حساسيات مع رئيس بلدية منتخب، خاصة من اجل حصار العنف المدني، بالتالي يجب البدء بإقامة نشاط جماهيري واسع ضد العنف، لكن للأسف من يجلس برئاسة لجنة المتابعة العليا لم يبق أي مساحة للناصرة ودورها في مجمل نشاط لجنة المتابعة بسبب موقفه الشخصي المعادي لعلي سلام وبالتالي لبلدية الناصرة، والذي جعل لجنة المتابعة بتصريحاته المختلفة جزء من سياسة لجنته التي يرأسها ولم تعد لجنة متابعة اطلاقا، بل لجنة لحزبه الشيوعي. وربما على رؤساء السلطات المحلية واعضاء الكنيست العرب ان يقرروا اما تغيير الجالس برئاسة لجنة المتابعة او تجاوزها عبر تنظيم يجمع ويحترم خيار كل البلدات عربية.

طبعا لا انفي اهمية وجود لجنة متابعة، وآمل ان يقدم بركة استقالته إذا كان غيورا على سلامة مجتمعنا، لأنه لم يبق حتى نافذة مفتوحة للتعاون مع أكبر واهم بلدية في الوسط العربي، لا اريد ان اقول من اهم المدن اسرائيليا وعالميا. لذا ترويجك سابقا لمواقف غير مسؤولة هو وراء شلل لجنة المتابعة وغياب الناصرة عنها.

العنف بتعريفه، كما يطرحه علم النفس الاجتماعي هو ليس العنف المسلح فقط، بل هو سلوك مقصود له هدف، قد يكون عنفا كلاميا(باللسان)، او عنف عبر المواجهة الشخصية لآخرين، لأسباب مادية او معنوية. الحاق الأذى بالكلام، كما هو الحال بالتهجم على رئيس بلدية منتخب. او باليد، عبر استعمال القوة العضلية او ادوات قاتلة. كل سلوك ايذائي لأي شخص يقع حتما في مجال العنف، وانا اميل لتسميته ب "الارهاب المدني".

طبعا لست في باب اعداد دراسة مفصلة، لكن ساءني جدا، ودفعني لهذا المقال الأول عن العنف، بعد ان رأيت ان جسما سياسيا مركزيا يقوم بنشاط يقصد منه ترويج اكاذيب تخص مدينة محددة ورئيس بلدية محدد. رغم ان الإرهاب المدني أصبح حالة منتشرة في كل الوسط العربي.

 فهل يعود رفاقنا الى وعيهم قبل فوات الأوان؟

هل يتجاوزون عدائهم لرئيس بلدية الناصرة المنتخب بأكثرية مطلقة للتعاون لما فيه خير الناصرة وخير مجتمعنا العربي في إسرائيل؟!

الناصرة ستبقى دائما المفتاح والأرضية الصلبة لأي خطوات تخدم مجمل المجتمع العربي في إسرائيل!!

أبواب بلدية الناصرة مفتوحة ولن تغلق امام أي انسان يحرص على مستقبل الناصرة وسائر البلدات العربية!!

[email protected]

بقلم/ نبيل عودة