يحكى ان جنكيز خان - ومن لا يعرف جنكيز خان لا يصلح حتى أن يكون حمارا و ليفارقنا من الان..-
كان متنكرا في زي عامة الناس عندما رأي رجلا يضرب حماره بقسوة في صعود .. فقال له :يا أخي حرام عليك .. اتق الله. في هذا الحمار. وإذا بالحمار يفلص أسنانه ويرد :وأنت مالك يا بارد ؟! ومن أنت لكي تتدخل فيما بيننا؟ ثم من أدراك بأني حمار ؟!
دهش الإمبراطور وقال :يا رب سلم هي الحمير بتتكلم ؟ وكمان ببلاغة الزمخشري..!
فعاجله الحمار :لا تدهش ياهذا ، فأنا في الأصل كنت إنسانا مثقفا جدا أطمح ان أكون في يوم من الأيام كاتبا عظيما ثم وزيرا للثقافة أو حتى أمينا عاما لاتحاد الكتاب !
كنت وصوليا جدا إلى درجة أني قررت السير على أربع ليركبني كل من أقابل من الولاة والكبار الواصلين ذوي العز والجاه لأ صل بهم الى ما أتمناه وبمرور الايام وجدت نفسي على هذه الحال .. !
سأل جنكيز خان : وأذناك... ما الذي أطالهما هكذا دون لسانك ؟ فرد الحمار لأني كنت (مندوبا) لأسيادي أتسمع بهما وأتعسس أكثر مما أستعمل لساني!
نكتفي بهذا القدر من الرواية وقد وصلنا بسلامة الله الى الغاية ..شاكرا الكاتب الفلسطيني (زكريا تامر) وتاركا الاسقاطات للقراء ..كل كما يشاء !
وأقول محقا كم من الحمير القبرصية تتسكع في البلاد والبرية ولا زالت على صورة آدمية .. وطبعا كما خيمة عن خيمة تفرق..فان حمارا عن حمار أيضا يفرق..!
فمنها من يفهم نفسه وما حوله.. يفضل الصمت والتواضع.. في الوقت بدل الضائع.. راضيا بقسمته. يستهين به الجاهلون عندما يرون مظهره وهات يانكت بايخة وهم يجهلون مخبره.. حمارلا يبخل بعلمه .. يجتهد ويكد ويتعب....حاملا هموم الدنيا على كتفيه ومن أرذل الناس يستغل و يركب..!
ومنها حمار مثلي ساخر... صريح وغير مريح ..لا يعجبه العجب ولا الغش في أدب..يرى الانسان موقف .. يمتص الخيانات ..ويتحمل الخوازيق من أجل وطن لا يفيق ! فقط يريد للدنيا في (زمن الشيطنة) أن تعود الى أيام الحارة والوفاء والذوق والقيم وهو يسمع للست ( لسه فاكر..كان زمان ) فينهق ما شاء من فرط الالم !
ومنها من يقدم نفسه مبدعا (ثلاثة في واحد) كاتبا ومحللا وشاعرا.. يكيل العلم بالمغرفة.. وتكتشف في ساعة الحقيقة انه بالكاد ربع مثقف.. ساقط إملاء .. وسارق إبداع ..ومدع للمعرفة !
ومنها من يبدو لك ناقدا مفوها بحرف ال دي أ وسياسيا (مفيش منه) في مؤتمر صحفي او ندوة أومحاضرة .. يجعجع وكأنه صوت العرب من القاهرة.. فتصدمك افكاره.. ويزعجك رفسه وغباره.. وعندما تسأله.. تكتشف انه لا يحمل الدكتوراه بل تحمله!
ومنها من يظهر لك منفوخا على شكل بالون العيد.. يلبس بذلة وربطة عنق ويتعطر ويدخن ويشيش وقد حفظ النص ونسخ ويقول فاتحا صدره وهو يعلم من نفخ :يا أرض اهتدي ..ماعليكي قدي! وما أن تراه حتى تحسبه بيت ملم ..تطنب عليه وعندما تسمع الوكسة وترى أثره.. تهمس : يااااللفضيحة وانت تلملم بعره ..!
و في الختام ..نصل وإياكم بعد هذه السياحة والصحبة في عالم المثقفين والنخبة الى المثل القائل "الحمار حمار ..ولو صار ع البلد مختار.." وديتك يا بهيم.. رطل شعير وكيس برسيم .. وحااااا جي..!
بقلم :توفيق الحاج