ملّ حياة الفوضى والمجون، وأراد أن تنتهي حفلاتُ المجون في فيللته، التي يسكن بمفرده فيها، بعد أن ترك منذ زمن فيللته الأخرى، الأقل حجما لزوجته المنفصلة عنه قبل عقدٍ من الزمن.. ففي فيللته هذه فوضى وصراخ وحفلات مجون هبلة من فتياتٍ يأتين كل ليلة للسّهر..
الخادمةُ، التي أحضرها لتنظفِ الفيللا باتتْ تتعبُ من لملمةِ كل الفوضى في حجرة الصالون الواسعة بعد سهرات مجنونة، لكنه ملّ سهرات المجون، وذات صباحٍ قال لخادمتِه المؤدّبة: أتدرين بأنني لا أدري كيف ستنتهي فوضاي هنا، فقالتْ الخادمةُ: لا أدري، لكن أنتَ حرٌّ في حياتكَ الشّخصية، فصمتَ لثوانٍ معدودة، وقال لها: لا، ليس حُرّا، فأنت بتّ تشاركينني العيش هنا، ومهمٌ أن أستمعَ لنصيحتكِ، فابتسمتْ، وقالتْ له: ليس معقولاً أن تستمعَ لنصائحي، فأنا مجرّد خادمة، فقال لها: تعالي اجلسي هنا، فأنا فعلا أريد إنهاءَ حياة الفوضى هنا، فأنتِ ترين جنونَ حياتي الفوضوية هنا، وكنا ترين باتت تعمّ فيللتي، لكنْ اذهبي الآن، وأعدّي لنا فنجانيْن من الشّاي السّيلاني الفاخر، فذهبتْ الخادمةُ إلى المطبخِ، لكنها لم تصدّق كلام مشغلّها، وقالت في ذاتها: لا أصدّق، هل سأشربُ الشّاي مع رجُلٍ لم ينظر صوبي طيلة سنواتٍ، لا فأنا لست في حُلْمٍ، فقبل ثوان طلبَ نصيحتي..
وبغد مرورِ خمسِ دقائق أحضرتْ الخادمة فنجانيْن من الشّاي، وجلستْ معه تحتسي الشّاي على وقعِ نغمات موسيقى هادئة، فنظرَ صوبها، وقال لها: ما أروعكِ! فابتسمتْ له ابتسامةً مختلفة، وقالت له: كلّا، أنا امرأةٌ عادية، فردّ عليها كلّاـ، أنتِ ساحرة بروحكِ، فأنتِ التي ستخلّصينني من الفوضى، فقالت له: كيف؟ فردّ عليها اطردي الفتياتِ، حينما سيأتين، وقولي لهن بأنني مسافرٌ، فردّت عليه: كما تريد سأفعل، وحين حلّ الليل، قالت للفتيات اللواتي أتين: لقدْ سافر، ولم يقل لي متى سيعود؟ وهكذا لم تعد الفتيات يأتين إلى الفيللا مرة أخرى، فشكر الخادمةـ وقال لها: لولاكِ لكنتُ الآن غارق في الفوضى مع فتيات يردن السّهر والصراخ والضحك الهستيري، فقالت له: ربما سيعدن ذات يوم، فقال لها: قولي لهن بأنني تزوجتكِ، لكنّ الفتيات لم يعدن البتّة، وهكذا ظلّ يشكرها على إنهاء حياة المُجون، التي كادتْ أن تدمّره..
عطا الله شاهين