عندما قرأت خبر ملاحقة القضاء في غزة لصحيفة الحياة الجديدة ، ومنعها من التوزيع ، ومطالبة مثول مديرها العام ماجد الريماوي أمام محكمة صلح غزة ، بناء على تهم فضفاضة ومطاطية وحمالة أوجه ، ولا ترتكز على أسس وقواعد الجريمة المعلنة والصريحة بحسب نصوص القانون ، حينها تذكرت السيد بسام أبو شريف مستشار الرئيس الراحل ياسر عرفات في وصفه للإعلام في إحدى مقابلاته التلفزيونية ، حينما قال إن الساسة في الولايات المتحدة يخافون من الإعلام أكثر من الحروب والإرهاب ، فسأله المذيع ، ما السبب؟ فأجاب السيد بسام أبو شريف "عندما يكتب صحفي سطرين في وكالة أو صحيفة مشهورة في الولايات المتحدة عن أي سياسي أو رئيس بصيغة الإنتقاد ، فذلك يعني نهاية مستقبل هذا السياسي أو الرئيس".. وأيضاً تذكرت لائحة الإتهام الموجهة لنتنياهو في قضية الفساد ، وحسب اللائحة فإن نتنياهو قام بتسهيلات ضريبية لمالك موقع "واللا" الإخباري العبري مقابل نشر مقالات وأخبار تلمع من صورته أمام الرأي العام ، فهذا كله يعني قوة وتأثير الإعلام في توجية الرأي العام ، وصناعة القرار والمحاسبة وتغيير سياسات عالمية ، فلذلك قررو الساسة الأجانب واليهود أن يكسبو الإعلام لصفهم ، وبعكس الساسة العرب فهم قررو أن يكسرو الإعلام كي لا يبقى الشبح الذي يطاردهم نتيجة أخطائهم المتكررة ، وكما حدث في غزة من محاولة لكسر إرادة وقوة الإعلام كي يبقى الفساد حراً دون حسيب ولا رقيب .
إن الأنظمة القمعية وبالإضافة الى أنها قمعية فهي تتعامل بغباء نتيجة الهوس الأمني الذي يرافقها بإستمرار ، فهي تعتقد أن تسكير الفضائيات وحجب المواقع ووقف نشر الصحف وإعتقال الصحفيين وتهديد الكتاب ، يعني حجب الحقيقة عن الرأي العام ، بالطبع لا لأن هذه الأساليب القمعية بحد ذاتها تنقل الرسالة الأقوى للرأي العام بأن من يتعامل بهذا الشكل هو رأس المشكلة ، فمن ليس لديه مشكلة فهو ليس مطراً أن يتبع هذه الأساليب القمعية .
من الطبيعي جداً أن كل نظام حاكم أو شخص على رأس سلطة ، تنقصه النزاهة والشفافية ، أن يخاف من الإعلام ويحسب له ألف حساب ، فلو كان نزيهاً فهو لم يخاف بالأصل ، ولكن هناك من الخائفين الأذكياء اللذين يحاولون كسب الإعلام لصفهم ، مثلما يجري في الغرب وإسرائيل والولايات المتحدة ، وهناك أيضاً من الخائفين الأغبياء اللذين يصنعون عداوتاً بينهم وبين الإعلام ، وبالطبع هم دخلو معركة خاسرة ، لأن الإعلام هو فكرة وكلمة وحقيقة ، ولا يرتبطان بزمان ومكان معين ، ولا يرتبطان بأدوات معينة ، فنحن في القرن الواحد والعشرين ، وجميع الأدوات متاحة .
يجب أن يبقى الإعلام قلعة حصينة ، وسداً منيعاً أمام كل المآمرات المحاكة ضده ، ومن يخاف من الإعلام عليه أن يصلح نفسه أولاً ، فالإعلام هو الرأي العام فلا يستطيع أحد إخماد صوته.. ومن هنا يجب أن يدق ناقوس الخطر لكل من تعنيه المشكلة ، فإذا سقط الإعلام ، سقطت الدولة وسقطت القدوة وسقط كل شيئ .
بقلم/ أشرف صالح