منذ دهر وهو عالق بين المجرات ينتظر امرأة لتدفئه من برد غريب يجتاحه الاشتياق لحضن امرأة غادرت عنوة من موطنها وبات يلف بين متاهاتِ المجرّات الباردة منتظرا امرأة على أحر من الجمر.. سيبوح لها حين وصولها الاشتياق المجنون لدفئِها.. المجرات تهطل الثلج وهو عالق في صحراء كوكب أحمر غامض .. النزق والحنو يجتاحان ضعفه، بينما يظل واقفا بين المجرات يبحث عن امرأة لعلها تكون تائهة مثله في صجراء باردة .. سيبوح عن عذابه بلا دفئها.. يقول بينه وبين ذاته أين أنتِ لترينني كم أنا محتاج لدفئك المجنون.. ها أنا أراني رجُلا هرما منذ دهرٍ ولّى، ولدهرٍ أراني أقف تحت الثلج في حالة من لوعة اشتياق غريبة لكِ.. فمعطفي البالي لم يعد يدفّئ جسدي الذابل ..
يا لهذا الانكسار الآتي الآتية من المجرّات الباردة، فمن بردها يرتعش جسدي هنا منذ دهرٍ.. يا لهذا العقاب منكِ أيتها المجرات.. ها أنا أراني الآن إنسانا ضعيفا أمام لوعة اشتياق جنونية تجتاحني كنبتة تتوق للدفء في موسم الشتاء، ندفُ الثلجِ تجمّد وجهي المتجعد منذ زمنٍ، فأراني منكمشا تحت معطفي البالي كطفلٍ رضيع يبحث عن الدّفءِ في حضنِ أُمّه، وهذه الصحراء على هذا الكوكب الأحمر الغامض هي بيتي منذ دهرٍ سرْمدي، إنها مسكني، ولا أريد الابتعادَ عن حُبِّي لمكانٍ بت أعشقُه، لقد بات وطني، رغم أنني عالقٌ هنا بين المجرات منذ الخليقة.. هذه حياتي منذ دهر في صحراء يغطيها الثلج منذ بداية خلق الكون..
اللوعة للاشتياقِ لدفئكِ تزدادُ كل لحظة، فمتى ستأتين؟ فأنا محتاجٌ لدفئكِ الآن.. فهيا عودي قبل أن أموتَ هنا في متاهاتِ المجرّات العظيمة التي علقت بينها منذ ولادتي..
ها أنا عالق في صحراء مجرة تبتعد عن مجرة أخرى وأصرخُ بصوتٍ عالٍ تعالي لكي تدفّئيني من جنونِ برْدِ الثّلج، فلوعةُ الاشتياقِ لك باتتْ تصرخ ألماً من برْدٍ يجتاحني، فعودي، فأنا المتلهف لحُبِّكِ، فهل ستأتين قبل أن تموّتني العاصفة الثلجية؟ إنه الاشتياق المجنون لدفءِ امرأةٍ تركتني بعدما تجادلنا على لغز ابتعاد المجرات عن بعضها .. فتعالي ريْ ارتعاشي تحت معطفي البالي من برْدٍ مجنون من مجرات تبهرني بصمتها..
عطا الله شاهين