لن نعترف بـ (اسرائ

بقلم: محمد سيف الدولة

فى ذكرى النكبة، وفى مواجهة ما يسمى بصفقة القرن، وفى مواجهة الهرولة العربية الرسمية للارتماء فى احضان الولايات المتحدة الامريكية و(اسرائيل)، لا يسعنا سوى تأكيد العهد على مواقفنا المبدئية وعلى ثوابتنا الوطنية بأننا أبدا لن نعترف بـشرعية هذا الكيان المسمى بـ (اسرائيل).
 

·       فلسطين ارضنا، ارض عربية منذ الفتح العربى الاسلامى وقبله، اختصصنا بها على امتداد ما يزيد عن 14 قرن وعشنا عليها ولم نغادرها ابدا، وقاتلنا من اجلها جيلا وراء جيل، ونجحنا من قبل فى تحريرها من الغزو الصليبى 1096 – 1291.
·       والادعاءات الصهيونية بالحقوق اليهودية فى فلسطين هى ادعاءات كاذبة وكذلك كل الاساطير الزائفة حول ارض الميعاد والامة اليهودية والشعب اليهودى.
·       والوجود اليهودى الصهيونى الحالى على ارض فلسطين هو وجود غير مشروع يستند الى تواطؤ استعمارى ودولى على امتداد قرن من الزمان، فوعد بلفور وصك الانتداب البريطانى والهجرات اليهودية الكبرى فى القرن العشرين وقرار التقسيم واعلان قيام دولة اسرائيل، كلها غير مشروعة وتمت بالاكراه ضد رغبة الشعب العربى ورغما عنه فى ظل خضوعه لفترات طويلة من الاحتلال الاجنبى.
·       ولقد اغتصب الصهاينة فلسطين من خلال ارتكاب ابشع انواع المذابح وحروب الابادة ضدنا لاخراجنا من اراضينا، وما بنى على اغتصاب هو اغتصاب ولو طال به الزمن.
·       لكل ذلك فان هذا الكيان الصهيونى المسمى بدولة (اسرائيل) هو كيان غير مشروع ودولته دولة غير مشروعة ولن تكون.
·       وطول مدة الاغتصاب او قصرها لا يعطى اى مشروعية له، فالاوطان لا تضيع بالتقادم.
·       بالاضافة الى ذلك فان هذا الكيان قد تم زرعه بيننا لفصل مشرقنا عن مغربنا، ولمنع توحد امتنا فى دولة واحدة، وليكون عصا دائمة لتأديب شعوبنا ان هى حاولت الاستقلال والتقدم، فهو عدوان علينا جميعا وليس على فلسطين وحدها.
·       وان استمرار وجود الكيان الصهيونى هو عدوان يومى متكرر على حقنا فى الوجود، حقنا فى الاختصاص الهادىء باوطاننا وديارنا، حقنا فى التحرر، حقنا فى التوحد، حقنا فى التطور والتقدم، حقنا فى ان نعيش حياة آمنة طبيعية مثل باقى شعوب الارض.
·       وكل من اسس ودعم وما زال يدعم اسرائيل هو مشارك فى العدوان علينا وهو عدو لنا.
·       ان الامل الوحيد امامنا فى الحفاظ على وجودنا وفى استرداد حياتنا الطبيعية هو فى استرداد ارضنا المغتصبة وانهاء وجود الكيان الصهيونى.
·       وعلى ذلك فان المطالبة بالاعتراف باسرائيل تمثل تنازلا عن ارضنا وتهديدا لوجودنا واستسلاما لعدونا.
·       فالاعتراف يعنى القبول " بمشروعية" الدولة الاسرائيلية، بمشروعية الاغتصاب الصهيونى لفلسطين، والقبول بصحة الاساطير الصهيونية حول الامة اليهودية والشعب اليهودى وحقه التاريخى فى ارض الميعاد.
·       وهو ما يعنى التسليم بالعقيدة الصهيونية فى الصراع وبالتالى تبنى رؤية عدونا فى صراعنا معه، انها الهزيمة العربية الكبرى التى يحلم بها الصهاينة منذ قرن من الزمان.
·       وهو يعنى الاعتراف بان الحركة الصهيونية حركة تحرر وطنى نجحت عام 1948 فى تحرير وطنها المغتصب من الاستعمار العربى الاسلامى والتى يحتفلون بذكراها كل عام فى عيد يطلقون عليه "عيد الاستقلال".
·       واذا كان هذا صحيحا ــ وهو ليس كذلك ــ فان الضفة الغربية وغزة، هى الاخرى، وبذات المنطق، ارض يهودية مما يستوجب تحريرها عاجلا ام آجلا من الاحتلال العربى لها
·       وسيكون وبالقياس وجودنا نحن ايضا هنا فى مصر وجودا غير مشروعا، فنحن نمثل احتلالا عربيا اسلاميا لاراضى الغير
·       وسيعطى الاعتراف ضوءا اخضرا لكل القوى الطائفية فى المنطقة بالسعى لتكرار وتقليد التجربة الصهيونية، وانشاء دويلات محررة من الاحتلال العربى، دويلات كردية وشيعية وسنية ومارونية وزنجية وقبطية ..الخ . ان الاعتراف يؤدى الى تفتيت الامة.
·       ان الاعتراف باسرائيل فى حقيقته هو عملية انتحار جماعى، بموجبه تقرر الامة العربية الانتحار وتعترف بان وجودها على هذه الارض هو وجود باطل وغير مشروع على امتداد 14 قرن.
·       كما انه اذا كانت اسرائيل مشروعة ــ وهى ليست كذلك ــ فمن حقها ان تفعل ما تريد للحفاظ على وجودها وعلى امنها، ان الاعتراف بها يجعل من المقاومة ارهابا ومن ارهابها دفاعا مشروعا عن النفس، فاعترافنا بها يعطيها رخصة لقتل اهالينا وابادة شعبنا.
·       ان الاعتراف هو جريمة تاريخية وعملية انتحار مجنونة، ناهيك عن كونه استسلاما للعدو
·       كما ان التنازل عن الاوطان ليس من صلاحيات احد، فهى مشاع مشترك بين كل الاجيال الراحلة والحالية والقادمة. وليس للجيل الحالى بكامله، حتى ان اراد، الا حق الانتفاع بالوطن فقط، فليس من حقه التنازل او التفريط او التصرف فيه.
·       ان هناك 50 جيلا قبلنا ناضل وقاتل واستشهد لكى تكون هذه الارض لنا.
·       فلسنا نحن الذى جلبناها لانفسنا لكى نملك حق التخلى عنها.
·       كما ان الاوطان ليست سلعا يمكن ان تباع او تستبدل، وليست هناك اسواق نجلب منها اوطانا بديلة عن تلك التى فرطنا فيها.
·       اما عن اعتراف الانظمة العربية ولو بالاجماع بدولة (اسرائيل)، فهو اعتراف غير مشروع وانحياز للعدو، كما انه حق لا يملكوه.
·       خاصة وان من اعترف منهم، انما فعل ذلك تحت الضغط والاكراه، والاكراه يبطل الارادة وبالتالى يبطل الاعتراف.
·       ودول العالم ولو اجمعت على الاعتراف باسرائيل فان هذا لا يلزمنا بشىء.
·       اما الامم المتحدة وما يسمى بالشرعية الدولية فلا يجب ان تكون مرجعية لنا على اى وجه، فكل الشرعيات الدولية والقوى الكبرى على امتداد قرنين من الزمان هى التى سلبت منا حياتنا واحتلت اوطاننا وناصبتنا العداء ولا تزال، انهم العدو الاصلى.
·       كما ان هذه الدول الكبرى التى تدعونا للاعتراف باسرائيل، لماذا لم تعترف هى بشرعية اعدائها؟ لماذا لم تعترف فرنسا بالاحتلال الالمانى لاراضيها فى الحرب العالمية الثانية؟ ولماذا لم تعترف امريكا بالاحتلال البريطانى لها فى القرن الثامن عشر؟
·       ان العجز المؤقت عن تحرير اراضينا، وتأخر النصر بسبب اختلال موازين القوى لا يعطى مبررا للاستسلام وانما يفرض علينا الصمود لحين توفير شروط النجاح ولو جاءت من الاجيال القادمة.
·       كما ان فى تاريخنا الحديث انتصارات كبيرة ومعارك تحرر ناجحة على امتداد الوطن العربى. وبعض معاركنا استمرت 130 عاما مثل الجزائر، فهل نستسلم الان ؟؟
·       كما ان فى تاريخنا القريب انتصارات حقيقية على الكيان الصهيونى وحلفائه، مصر 1973 ولبنان 2000 و2006 والانتفاضات الفلسطينية 1987 و2000 وصمود غزة 2008ـ 2019 فلماذا نستسلم ونحن قادرون على النصر؟؟
·       وشعوبنا والحمد لله واعية وجاهزة للاشتباك فى معارك التحرير، كما ظهر منها فى دعمها الدائم لحركات المقاومة. فلماذا نخذلها ؟؟
·       وانظروا حولنا لشعوب عظيمة قد تحررت وغيرت مصيرها، شعوبا لا نقل عنها حضارة او وطنية، انظروا للصين والهند وفيتنام وامريكا اللاتينية وغيرها.
·       كما ان السلوك العدوانى المتكرر للعدو الصهيونى يقوى من قناعاتنا باستحالة القبول بوجوده على ارضنا، فمذابح دير ياسين وكفر قاسم وغزة 55 وعدوان 56 و67 و82 وصابرا وشاتيلا وقانا وغزة وغيرها، هو تاكيد لصحة مواقفنا المبدئية.
·       وبالاضافة الى كل ذلك فان الاعتراف العربى باسرائيل يفتح الباب لكل دول العالم، ان تعيد علاقتها باسرائيل، وهو ما حدث بالفعل بعد كامب ديفيد، اذ اعادت اكثر من 80 دولة علاقتها باسرائيل، وكان بمثابة ضخ لدماء جديدة فى اقتصاد كاد ان يحتضر، ناهيك على انه قام بتخفيف العبء عن امريكا وحلفائها. ان الاعتراف يطيل امد الكيان ويصعب مهمة انهاء وجوده على الاجيال القادم.
·       ثم الذين اعترفوا منا باسرائيل ماذا اخذوا فى المقابل؟  لم ياخذوا شيئا، انهم فاقدوا السيادة حتى على ابسط قراراتهم.
·       وقولوا لنا: ماذا اخذت جماعة اوسلو لفلسطين؟  لم تأخذ شيئا ولن تأخذ. وحتى ان اعطوها شيئا، سيعطونها مسخ دولة منزوعة السلاح، منزوعة السيادة لا تملك الدفاع عن نفسها امام كتيبة صهيونية واحدة، وستضطر الى الارتماء فى احضان (اسرائيل) وامريكا للحفاظ على بقائها.
·       ان الذين يتصورون انهم باعترافهم باسرائيل، انما يأخذون الممكن والواقعى الوحيد فى ظل موازين القوى الحالية، الى ان تتغير الظروف الدولية فى المستقبل لصالح القضية، انما هم واهمون، فهم يتناسون تاريخنا على امتداد قرن كامل.  فتسويات الحرب العالمية الاولى ما زالت قائمة حتى الان، لم نستطع المساس بها رغم الاجماع على رفضها.
·       وها هى مصر بجلالة قدرها وقوتها ومكانتها عاجزة عن انجاز تعديل طفيف فى الترتيبات الامنية المفروضة عليها فى اتفاقية كامب ديفيد منذ 1979 والتى تقيد ارادتها الى ابلغ حد وتمس سيادتها على ارضها.
·       فلا تغامروا باوطاننا املا فى متغيرات مستقبلية لن تحدث. ما ستأخذونه من (اسرائيل) بالتسوية الان، سيكون هو نهاية المطاف لعقود طويلة قادمة. هذا ان اعطتكم شيئا. ولن تفعل.
·       فكفى تعاميا وتفريطا وذلا وتواطؤاً.
*****

محمد سيف الدولة
[email protected]