“التهدئة“ أمام جدار سياسة المماطلة .. وأزمات نتنياهو

بقلم: وسام زغبر

تواصل دولة الاحتلال الإسرائيلي مماطلتها في تطبيق تخفيف إجراءات الحصار على قطاع غزة، التي جرى التأكيد عليها في اتفاق وقف إطلاق النار الذي أبرم بمفاوضات غير مباشرة مع فصائل المقاومة الفلسطينية برعاية مصر والأمم المتحدة وقطر، والذي دخل حيز التنفيذ في (6/5/2019)،على أن يكون متبادلاً ومتزامناً.

وجرى حينها الاتفاق (غير المكتوب) عبر الوسطاء بالبدء في تخفيف إجراءات الحصار في غضون أسبوع من بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار بعد تعطيل بنود التفاهمات ومنها إغلاق معبري كرم أبو سالم وبيت حانون «إيرز» وإغلاق البحر أمام صيادي قطاع غزة.

ولم تسمح دولة الاحتلال بتوسيع مساحة الصيد البحري لـ15 ميلاً بحرياً، وإدخال المواد الممنوعة «مزدوجة الاستخدام» وهي 40 صنفاً (تمثل 30% من مجموعة الأصناف الممنوعة)، كما كان مقرراً في (26/5). فيما لم تلتزم دولة الاحتلال أيضا بزيادة كمية وأنواع السلع المصدرة من القطاع إلى الضفة، كما كان مقرراً في (20/5)، بل تواصل إطلاق الرصاص الحي على المشاركين في مسيرات العودة واستهداف الصيادين في غزة إلى جانب التسويف في إدخال الأموال لغزة والتي يتم إدخالها بعد تدخل الوسطاء.

تقسيم البحر

وتقسم دولة الاحتلال بحر قطاع غزة إلى مساحات صيد متفاوتة، حيث تبدأ من عمق 6 أميال بحرية من ميناء غزة وحتى بحر بيت لاهيا شمال القطاع، و12 ميلاً بحرياً من ميناء غزة إلى رفح جنوباً، فيما وعدت إسرائيل بتوسعة مساحة الصيد البحري لـ15 ميلاً من وادي غزة وسط القطاع إلى رفح لأصحاب مراكب «الجر» فقط، بعد أن قلصتها إلى عشرة أميال بزعم إطلاق بالونات حارقة من قطاع غزة نحو مستوطنات (غلاف غزة).

من جهته،أوضح مسؤول اتحاد لجان الصيادين في قطاع غزة زكريا بكر، أن الارتباط الفلسطيني أبلغنا بقرار الاحتلال توسعة مساحة الصيد في بحر غزة إلى 15 ميلاً بحرياً في مناطق محدودة ولأصحاب مراكب «الجر» فقط بدءاً من (26/5). مستدركاً: «لكن لم يطبق القرار على أرض الواقع».

وقال بكر إن «عدد مراكب «الجر» في قطاع غزة 12 مركباً، في حين عدم إدخال سلطات الاحتلال معدات الصيادين ومادة «الفايبر غلاس» التي تعد من المواد الممنوعة «مزدوجة الاستخدام» وتستخدم في صناعة قوارب الصيد، فإن زيادة مساحة الصيد لـ15 ميلاً بحرياً ليس لها معنى».

وأضاف بكر أن «إسرائيل قسمت البحر إلى برك متباعدة، مساحة محدودة 6 أميال وأخرى 12 ميلاً وثالثة 15 ميلاً، وهذا يلحق الأذى بالصيادين ويعرضهم للمطاردة والاعتقال من بحرية الاحتلال».ويرى مراقبون فلسطينيون أن استمرار مماطلة دولة الاحتلال وتلكؤها في تطبيق تخفيف إجراءات الحصار ينذر بانهيار اتفاق وقف إطلاق النار.

بنود «تخفيف إجراءات الحصار»

وحسب مراقبين، فإن «ما طبق من بنود الاتفاق هو إدخال الوقود والأجهزة الطبية والأدوية و30 مليوناً إلى غزة، وإقامة مشاريع تشغيلية مؤقتة، وإعطاء تصاريح للتجار، والبدء بإنشاء الخط الكهربائي الناقل 161».

ويرجح المراقبون أن استمرار المماطلة الإسرائيلية يعود لبازار تشكيل حكومة الاحتلال وتعثر المفاوضات بشأنها، وتخوف بنيامين نتنياهو من أحزاب اليمين الإسرائيلية ومنها زعيم «إسرائيل بيتنا» أفيغدور ليبرمان الذي يكيل الاتهامات لنتنياهو بتقديم تسهيلات لغزة.

وتنص «تخفيف إجراءات الحصار» (غير المكتوبة) والمبرمة بالرعاية المصرية والأممية في المرحلة الأولى، على زيادة مساحة الصيد البحري وتحسين العمل في المعابر وتوسعتها لزيادة صادرات وواردات البضائع، وتحسين الكهرباء، وتسهيل إدخال الأموال القطرية في بداية كل شهر، وزيادة أعداد التشغيل المؤقت «البطالة» للعمال والخريجين ليصل إلى 20 ألفاً حتى نهاية العام الجاري، وإدخال الأدوية لمشافي القطاع، وإنشاء المنطقة الصناعية قرب معبر بيت حانون «إيرز» والتي تضم مستشفى لمرضى السرطان توفر 15 ألف فرصة عمل.

فيما المرحلة الثانية، تشمل حل مشكلة الكهرباء عبر الربط بخط 161 إلى جانب خط الغاز ومشاريع بنية تحتية كبرى، كمشروع تحلية المياه للمساهمة في علاج ملوحة المياه، ومشاريع معالجة تلوث مياه الصرف الصحي لإنقاذ قطاع غزة من التلوث البيئي، وإدخال باقي المواد «مزدوجة الاستخدام».

في المقابل تتعهد الفصائل الفلسطينية بوقف تصعيد أدوات المقاومة الشعبية في «مسيرات العودة وكسر الحصار» مثل الإرباك الليلي والبالونات الحارقة، وضمان عدم وصول المتظاهرين السلميين للسياج الحدودي الفاصل شرقي قطاع غزة.

التحذير من الفشل

من جهته، حذر المبعوث الخاص للأمم المتحدة نيكولاي ملادينوف (22/5)، من فشل جهود الأمم المتحدة لتخفيف حدة الأوضاع الإنسانية المتردية في قطاع غزة، ما لم يتم إحراز تقدم نحو إنهاء الانقسام الفلسطيني؛ فيما دعا إلى «توثيق» تفاهمات اتفاق وقف إطلاق النار التي جرت برعاية مصرية والعمل على توسيعها.

وأضاف ملادينوف، خلال جلسة دورية لمجلس الأمن بشأن الوضع في الشرق الأوسط، أن «مقدمي الخدمات الصحية في غزة يكافحون لمعالجة الأعداد الكبيرة من جرحى مسيرات العودة وكسر الحصار الأسبوعية، الذين أصيبوا برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي». وقال ملادينوف في إفادة عبر دائرة تلفزيونية من القدس: «يحتاج الكثير من الجرحى لعمليات جراحية معقدة غير متوفرة حاليا. ومع ذلك، ما يزال الوصول إلى العلاج خارج غزة يمثل تحدياً».

وكشف أنه خلال تشرين الأول/ أكتوبر 2018 ونيسان/ أبريل 2019، تم جمع حوالي 112 مليون دولار، مما أتاح زيادة كبيرة في إمدادات الكهرباء، عبر محطة غزة للطاقة، وإيجاد آلاف الوظائف المؤقتة.

بقلم/ وسام زغبر