حين يضجركَ الضّجرُ السّمِج

بقلم: عطاالله شاهين

حين يضجرُكَ الضّجر السّمج تعلمُ حينها كيف تنامُ على أريكةٍ مهترئة تنتظرُ رجوع امرأةً عشِقتَها منذ دهرٍ، وهربتْ ذات مساءٍ من حربٍ مجنونة دون أنْ تفعل لها شيئا لتقنعها بالعدول عن فكرة مجنونةٍ، قد تقلقكَ جارتكَ اللطيفة، التي تظل تصرخ على أطفالها كل ليلةٍ لكي يراجعوا دروسَهم، وقد تدري كيف تنظرُ في عينيها، حينما توصّل أطفالها كلّ صباحٍ لغايةِ بابِ البناية، وتدركُ حينها غضبها، وتتراجعُ إلى الخلف عدة خطوات من نظرات عينيها، بعدما تقول لها يسعد صباحكَ أيتها الجارة، وتعود مرة أخرى إلى ضجرِكَ، وتستلقي على الأريكةِ المهترئة، وتقول: أين تلك المرأة، التي كانت تبعدُ الضّجرَ عنّي؟ فلماذا هربتْ إلى بلادِ الغربة؟ فحين يضجرُكَ الضّجرُ السّمج تعلمُ حينها كيف ترسمُ لوحةً لها، لكي تتذكّر مشاغاباتها في الحُبِّ، فحين تظلّ ضجراً، رغم رسمكَ لها فعندها تدركُ الاشتياقَ المجنون لحضنِها الدّافئ، وتعلمُ أنّ ضجرَكَ لا يبدّده سوى تلك المرأة، التي تعيش في غربة صعبةٍ وتتمنّى أنْ تعودَ إلى وطنِها بعدما تنتهي الحربُ المجنونة. فلا امرأةٌ غيرها تبدّد ضجرَكَ السّمج، فحين يضجرُكَ الضّجر السّمج منذ زمنٍ وتظلّ نائما على أريكتكَ، وتحلمُ بها حينما يسكتُ صراخُ الجارةِ اللطيفة، فعندها ترتاحُ قليلا من ضجرٍ ما زالَ محاصراً لكَ منذ دهر، فتعاودُ رسمَ لوحةٍ صاخبةٍ لها، وتدركُ حينها بأنّ الحُبّ هو الذي يبدّد الضجر وحده في زمنٍ بات مُملّا من ويلاتِ الحروبِ المستمرة..


عطا الله شاهين