داخل كل شخص نزعة إنسانية لعمل الخير، من خلالها نمارس إنسانيتنا لخدمة البشرية، ونترك أثرا حسنا لعمل نافع، فخير الناس أنفعهم للناس، ففطرتنا إنسانية، وقيمنا عظيمة، ولا يليق بنا إلا ذلك!
فلا يملك أي للخير إلا أن يقف إعجابا وإجلالا وتقديرا وفخرا أمام الكاتب والدكتور فهمي شراب خلال إطلاقه مبادرته التطوعية ( فك الغارمين) وتعد الأولى من نوعها في فلسطين، حيث تتمحور هذه المبادرة حول المواطنون الذين يقبعون خلف القضبان بسبب عجزهم عن سداد الديون التي تراكمت عليهم نتيجة الوضع الاقتصادي الذي يعاني منه قطاع غزّة.
فهؤاء أناس لم يجدوا سبيلاً سوى الاقتراض وتحمل عبء الديون بسبب الفقر والعوز، وهذه المبادرة تعمل على فك كربهم، بالإضافة إلى تمهيد الظروف بعد الإفراج عنهم لعيش حياة كريمة.
وفور إعلان الدكتور فهمي شراب عن الحملة عبر منصات التواصل الاجتماعي انهالت اتصالات المواطنين من الأصدقاء والمعارف وفاعلي الخير خارج وداخل الوطن مما يدل على مدى محبة المواطنين لفعل الخير ووجود التكافل الاجتماعي والإنساني بينهم
ظهرت بوادر أمل مع بداية هذه المبادرة الانسانية التي أعادت بث الإيجابية في مجتمعاتنا، والمساهمة في تغيير واقعنا تجاه الكثير من القضايا المجتمعية التي قد لا يُلقي لها الكثيرون بالاً، فالغارمين من أكثر الفئات في المجتمع احتياجا وأكثرها استحقاقا للدعم والمساندة، خاصة وأن شخص غارم قد يتسبب في تشرد وضياع أسرة بأكملها لأنه في معظم الحالات يكون الغارم أو الغارمة هو عائل الأسرة
أسهمت المبادرة في الدرجة الأولى بالتخفيف عن حياة المواطنين ولا سيما الفقراء منهم، عدا عن أجواء التسابق والتنافس لإضفاء الأجواء الرمضانية على أرض الواقع من خلال تفريج كربهم وصناعة الأمل وثقافة العطاء الإنساني ومد جسور الخير والتي تشكل جزءاً أساسياً من نسيج ثقافتنا وهويتنا فكراً وممارسة من أجل غد أفضل للإنسانية.
ان أهمية هذه المبادرة تعتبر جزء من تكريس العمل الإنساني والمجتمعي والتنموي المستدام باعتباره حجر الزاوية في بناء الإنسان وضمان السلم المجتمعي واستقراره وتحقيق التضامن الإنساني على مستوى أطياف شعبنا الفلسطيني.
فمثل هذه المبادرات تعد تعويضا لبعض الفئات عما يتحملونه من أعباء بسبب انعدام الأمن الغذائي بدرجة حادة أو متوسطة نتيجة للأزمات الممتدة والمتعاقبة التي يشهدها القطاع؛ اثنا عشر عاماً من الحصار الإسرائيلي والانقسام السياسي، الذي طالت تبعاته كل مناحي الحياة، والهجمات العسكرية المتتالية من الاحتلال الاسرائيلي التي تستهدف المواطنين وممتلكاتهم وسبل عيشهم.
ان مبادرة الدكتور فهمي شراب تعطينا مثالا متجددا وتجسد نموذجا متكررا كيف يكون الإنسان على تماس مباشر بهموم ومعاناة اخوانه، فبتلك المبادرة الانسانية يرسم مرة اخرى ملامح فلسطين كمركز للعمل الانساني، وكوطن تتمثل فيه قيم التكافل الاجتماعي والتعاضد الانساني وقيم مساعدة المضيوم واغاثة المحتاج
ومع انتهاء هذه المبادرة الانسانية التي أحرزت تقدم اجتماعي كبير جدا أوجدت تعاطفا كبيرا من المتبرعين لوجود ناس خلف القضبان بدون اَي ذنب غير أنهم حاولوا أن يساعدوا ويقدموا أبسط متطلبات الحياة لأهاليهم.
وبلغ إجمالي عدد الذين تم الإفراج عنهم من أصحاب الذمم المالية ما يزيد عن أكثر من 1500 غارم ، في فترة زمنية مدتها 45 يوم من مختلف سجون القطاع.
هذه المبادرة التي تحمل في طياتها الكثير من المعاني والقيم العظيمة والتي تتخذ منحى إنساني ومجمتعي وديني، أثبت نجاحاً كبيراً فاق كل التوقعات، موجها الشكر الي صاحب هذه المبادرة السامية الكاتب والدكتور فهمي شراب وجهاز الشرطة الذين تعاونوا بقلوبهم وكل جوارحهم.
بقلم/ عز أبو شنب