التّلهّفُ المُتشرّد

بقلم: عطاالله شاهين

هو بكل تأكيد التّلهّف المتشرّد على مجرّةٍ باردة، سأبوح لها عند عودتي عن وميضٍ رأيته ذات عتمةٍ وسرّ عيوني التواقة لكوكبٍ بعدتُ عنه منذ دهرٍ، وبتّ ألفّ مع مجرّةٍ ورياح باردة تظلّ تلفح جسدي، فالتّلهّف لامرأةٍ بعيدةٍ عنّي سنوات ضوئية باتَ متشرّدا في مدارِ مجرةٍ صوتُ دورانها يصدّع رأسي..
هو الحُلْمُ يداهم انكساري بينما أرتجفُ تحت تساقطِ ثلجِ مجرّةٍ تدور بنظام ربّاني حول ذاتها، وجسدي ينكمش تحت معطفٍ تجمّد من برْدٍ مجنون هناك...
فعند عودتي لذاك الكوكبِ حيث تنتظرني امرأةٌ منذ دهرٍ سأبوح لها عن تلهّفي المتشرّد، وسأقنعها بأني حاولت العودة، لكنني عحزتُ عن تصليح مركبتي، التي تحطمّت في وادٍ سحيقٍ على حافّةِ مجرّة باردة..
بت رجلاً هرما منذ سنوات، ولم أعد قادرا على حلّ مشكلتي، وبت عالقاً على حافّةِ مجرّةٍ جوّها يجمّد جسدي منذ دهرٍ..
لدقائق معدودة أراني تحت الثلج حالة من تلهّفٍ لامرأة، لكنّ تلهّفي لها بات متشرّدا من مكوثي الطويل على حافّةِ مجرّةٍ تدور بسرعة كتورنادو..
أجلس بجسدي النحيف على صخرةٍ تحت الثلجِ ومعطفٌ لا يدفّأني كتلك المرأة، التي تنتظرني منذ دهرٍ على كوكبٍ ينعم بضوءِ الشّمس ..
يا لهذا الشيء العجيب بحبِّه الكوني المستحيل..
يا لهذا العقاب من عجزِي عن العودة إلى حُضنِ امرأة لتدفأني، فتلهّفي لها بات متشرّدا على حافّة مجرة تصدّع رأسي بهدير دورانها الرائع..
أنا أراني الآن توّاقا في تلهّفٍ جنوني يجتاحني كنبتة تتوق للدفء في جو باردٍ..
ها هي ندفُ الثلجِ تتساقط على وجهِي المتجعد منذ زمنٍ، فأراني أتغطّى تحت معطفِي كطفلٍ رضيعٍ يتشبّث بجوٍّ باردٍ بصدرِ أُمّه ويتوق لدفءٍ مجنون..
وهذه المجرة بيتي منذ دهرٍ، إنها مسكني، ورغم تجمّدي هنا منذ دهرٍ، إلا أنني بتّ أعشق المكان، لكن تلهّفي لحُبّ تلك المرأة يشدّني للعودةِ إليها..
هذه حياتي الحزينة على حافّةِ مجرّةٍ، وأرى ضوءا يلمعُ من بعيد، إنه ضوءُ كوكبٍ تنتظر عليه امرأةٌ بتّ متلهّفا لعناقها..

بكل تأكيد ما يهمّني الآن إمكانية عودتي إلى تلك المرأة،


عطا الله شاهين