إن الطبقة الحاكمة في المغرب، تفرغت لإنجاز مهمة أساسية، في عهد حكومة العدالة والتنمية. وهذه المهمة، تتمثل في تصفية ما هو عام، وما هو للشعب المغربي، وتحويله إلى ما هو خاص، حتى يصبح ملكا للطبقة الحاكمة، وللمستغلين، والمستفيدين من الاستغلال المادي، والمعنوي.
فمن خوصصة النقل العمومي، إلى خوصصة الإنتاج العمومي لمختلف المعادن المغربية، إلى خوصصة العديد من الخدمات، التي كانت تقدم لأبناء الشعب المغربي بمقابل رمزي، وأصبحت، بعد الخوصصة، تقدم بأثمان مضاعفة، تهدف إلى كنس جيوب المواطنين، الذين يتلقون تلك الخدمات، وفي نفس الوقت، تساهم، بشكل كبير، في الرفع من قيمة إيرادات الطبقات، التي أصبحت تملك المؤسسات المخوصصة، والتي تزداد ارتفاعا، سنة، بعد سنة.
والطبقة الحاكمة، لم تتوقف عند حدود خوصصة مؤسسات إنتاجية معينة، بل تجاوزتها إلى التخطيط لخوصصة المؤسسات الصحية، والتعليمية.
وإذا كانت المؤسسات الصحية، التي أصبحت وسيلة لكنس جيوب المواطنين البسطاء، في حكم المخوصصة، مع تقديم الخدمات الرديئة، والمنحطة، ومع تعالي العاملين في مختلف المؤسسات الصحية، على الوافدين عليها، من المرضى، فإن الطبقة الحاكمة، تعمل على تطبيق خطة ممنهجة، لجعل المؤسسة التعليمية فاقدة لقيمتها، نظرا لرداءة الأداء فيها، ولجعلها غير محققة لهدف، أو لأهداف وجودها أصلا، وبالتالي، فإن المؤسسات التعليمية الرسمية، باعتبارها الملاذ الوحيد، لأبناء وبنات الشعب المغربي العاجز: العاجزين، والعاجزات عن أداء قيمة التمدرس، في المؤسسات الخصوصي، في مستوياتها المختلفة.
ونظرا لمضاعفة المطالب الشعبية، بالعمل على المحافظة على الأداء الجيد للمدرسة العمومية، فإن الطبقة الحاكمة، تنظم هجوما ميدانيا عليها، ومنذ زمن، انطلاقا من السكوت على ما كان، ولا زال يقوم به بعض الأساتذة المحسوبين على المدرسة العمومية، والعاملين فيها، بإعطاء الدروس الخصوصية، داخل المؤسسات، أو خارجها، بمقابل مرتفع، قد يصل إلى خمسمائة درهم في الشهر، لكل أستاذ، مع العلم أن التلميذ في التعليم الثانوي الإعدادي، أو التأهيلي، يتلقى الدروس الخصوصية من أستاذ الفرنسية، أو من أستاذ الإنجليزية، وأستاذ الرياضيات، وأستاذ الفيزياء، وأستاذ الطبيعيات، إن لم يكن يتلقى الدروس على يد أستاذ العربية، وأستاذ الاجتماعيات، وأستاذ التربية الإسلامية.
وحتى إذا أصدرت الدولة المغربية، في عهد حكومة العدالة والتنمية، مذكراتها، فيما يخص منع الأساتذة من بيع الحصص الخصوصية للتلاميذ، فإن الأساتذة استمروا في عملية البيع بالمكشوف، للدروس الخصوصية، بمقابل أكثر ارتفاعا، خاصة، وأن بيوت الأساتذة تتحول يوميا، إلى مجرد مدارس ليلية، ترتادها التلميذات، والتلاميذ، من أجل تلقي دروس التقوية، في مواد معينة، بمقابل معين.
وإذا كان كل أستاذ، ممن لا ضمير لهم، يبيع الدروس إلى خمسين تلميذا، على الأقل، في كل شهر، وإذا قدرنا أن كل تلميذ يدفع 300 درهم، لكل أستاذ، مرة في الشهر، فإن مجموع مداخيل لجميع الدروس الخصوصية يصل إلى 300 درهم × 50 تلميذا × 9 = 135000 درهم في السنة، لكل أستاذ، والدولة، لا تسأل هؤلاء عن أداء الضرائب الواجبة عليهم، والتي قد تصل نسبتها إلى 38 في المائة، أو أكثر، من دخل كل أستاذ، من الدروس الخصوصية، في مستوى أستاذ التعليم الثانوي الإعدادي، أو التعليم الثانوي التأهيلي.
والهجوم الثاني الذي تعرضت له المدرسة العمومية، والتعليم العمومي، يتمثل في إعطاء الرخص، لكل من هب، ودب، من أجل العمل على فتح مدرسة خصوصية، على المستوى الابتدائي، أو الإعدادي، أو الثانوي، أو الجامعي. وهذا الترخيص، في حد ذاته، يعتبر بمثابة الضربة القاضية للتعليم العمومي، وللمدرسة العمومية؛ لأن فتح مدرسة خصوصية، في أي مسنوى من المستويات، لا يمكن أن يكون إلا تضييقا على التعليم العمومي، وعلى المدرسة العمومية، كوافد على الساحة التعليمية، من عالم الرأسمال، الذي سلع كل شيء، بما في ذلك الخدمات، ومنها خدمة التعليم، التي أصبحت وسيلة لمضاعفة رأسمال المستغلين، الذين لا يهمهم من استغلال خدمة الدين، إلا مضاعفة الأرباح الرأسمالية، التي تشجع على الإقبال على مضاعفة المدارس الخصوصية، التي انتشرت، وبكثافة، في كل المدن.
والهجوم الثالث، يتمثل في الامتيازات التي لا حدود لها، والتي تقدمها الدولة، من أموال الشعب المغربي، أو على حساب التعليم الخصوصي، الذي يزداد، بذلك، جنيا للأرباح، والامتيازات التي لا حدود لها.
وهذه الامتيازات، البالغة الأثر، لا تعني، بالنسبة إلينا، إلا المبالغة في التضييق على المدرسة العمومية، التي أخذت تفقد مبرر وجودها، أمام هذا الكم الهائل من المدارس الخصوصية، التي تتمتع بامتيازات لا حدود لها، والتي يمكن أن تتجاوز حاجيات المدرسة الخصوصية، إلى ما سواها، كما هو الشأن بالنسبة إلى توريد الكثير من الحاجيات، من الخارج، على حساب المدرسة الخصوصية، وما أن تصل إلى المغرب، حتى تباع إلى التجار، بأثمان تفوق قيمة التوريد بكثير.
والضربة الموالية، تتمثل في تعريض المدرسة العمومية للمزيد من الإهمال، بالإضافة إلى الاكتظاظ المخل بالعملية التربوية، التي تجعل الأستاذ، لا يستطيع أن ينجز المهام الموكولة إليه، في شروط مناسبة، مما يجعل الأستاذ محرجا مع تلاميذه، ومع المدرسة، ومع الآباء، والأمهات، والأولياء، والوليات، الأمر الذي يترتب عته إقناع الآباء، والأمهات، والأولياء، والوليات، بضرورة الذهاب بأبنائهم، وبناتهم إلى المدرسة الخصوصية. إنهم أرادوا أن يتعلم أبناؤهم، وأن تتعلم بناتهم، تعلما جيدا، وفي مستوى متطلبات العصر.
أما الضربة القاضية، التي أفقدت المدرسة أهميتها، فهي كثافة البرامج، وكثافة الحصص المدرسية، وقلة الكتاب المدرسي المتداول بين التلاميذ، وكون غالبية التلاميذ يعانون من التخلف المدرسي، في هذه المادة، أو تلك، أو في مجموع المواد، مما جعل غالبية التلاميذ، والتلميذات، لا يعيرون، ولا يعرن الدروس التي يتلقونها، أية أهمية، ترفع شأنهم، وشأنهن، وترفع مستواهم ومستواهن المعرفي، والعلمي، والمنهجي.
وبذلك نصل إلى خلاصة:
1) أن الدولة المخزنية، وأداتها الحكومية، تعمل على الحط من قيمة التعليم العمومي، في الوقت الذي تعطي أهمية بالغة للتعليم الخصوصي.
2) حرمان التعليم العمومي، من كل امتياز يرفع من شأن المدرسة العمومية، في الوقت الذي تقدم فيه امتيازات لا محدودة، للتعليم الخصوصي.
3) جعل التعليم العمومي، بدون أفق، في الوقت الذي تفتح فيه كل الآفاق، للتعليم الخصوصي.
4) الوقوف وراء تدني مستوى التعليم العمومي، في الوقت الذي يتم فيه الحرص على أن يكون التعليم جيدا، في المدرسة الخصوصية.
5) إعداد، وفتح مناصب الشغل، في وجه خريجي التعليم الخصوصي، في الوقت الذي يجد فيه خريجو التعليم العمومي أنفسهم، وجها لوجه أمام العطالة القاتلة. وقلما تتاح الفرصة لبعضهم، من أجل إيجاد الشغل المناسب، والمتناسب مع المؤهل الذي يحمله.
6) أن التوظيف بواسطة العقدة، الذي لجأت إليه الدولة، في مختلف المستويات التعليمية، ينعكس سلبا على المستوى التعليمي/ سواء تعلق الأمر بالمدرسة العمومية، أو بالمدرسة الخصوصية، حتى وإن كانت المدرسة العمومية التي فقدت أهميتها، جملة، وتفصيلا، بالنسبة للمدرسة الخصوصية، التي لا زالت، نسبيا، تحافظ على مستواها التعليمي.
7) وسواء تعلق الأمر بالمدرسة العمومية، أو المدرسة الخصوصية، فإن المستوى التعليمي تراجع إلى الوراء، بفعل التوظيف بواسطة العقدة، بالنسبة لحاملي الإجازة، الذين كانوا يعملون في التعليم الخصوصي، مما جعل المدارس، تستغني، نهائيا، عن توظيف حاملي الإجازة، الذين يلتحقون، كل سنة، بالتعليم العمومي. واكتفت، فقط، بتوظيف حاملي الباكالوريا، أو ما دونها، من المستويات التعليمية، لتدريس نفس ما كان يدرسه أساتذة التعليم الخصوصي، الحاملين للإجازة. وهو ما يمكن أن يعتبر غصة في حلق التعليم الخصوصي، الذي يعرف تدهورا بسبب ذلك.
وإذا كانت المدرسة الخصوصية، قد صارت لها الريادة، وتتلقى المزيد من الدعم، على شكل امتيازات من الدولة، ويجد خريجوها العمل مباشرة في القطاع الخاص، فإن المدرسة العمومية، صارت تعرف الكثير من الإهمال، على جميع المستويات، مما يجعل أداء العمل فيها، يعرف تراجعا، وخريجوها لا يجدون طريقا إلى العمل، لا في المؤسسات العمومية، ولا في المؤسسات الخصوصية، إلا إذا كان ذلك الخريج ذا علاقة مع ذوي النفوذ، الذين يجدون له عملا، كما هو الشأن بالنسبة لبنكيران، الذي وظف ابنته العاطلة في رئاسة الحكومة، وفي منصب لا تحمل مؤهلاته، وكما هو الشأن بالنسبة للشكر، الذي استغل نفوذه على الوزراء الاتحاديين، الذين وظفوا ابنه، وابنته، وبأجور خيالية، وكما هو الشأن، أيضا، بالنسبة لحزب العدالة والتنمية، وكل حزب مشارك في الحكومة، يستغل نفوذه، ويوظف أبناء، وبنات (مناضليه) المقربين منه، وكل أفراد شبيبته المقربين، بطريقة، أو بأخرى، ومن ليس مقربا، حتى ولو كان من نفس الحزب الانتهازي، الذي يستغل نفوذه، لا يعرف طريقا إلى التوظيف، حتى وإن كان يحمل الدكتوراه.
إن الفرق بين المدرسة العمومية، والمدرسة الخصوصية، كالفرق بين بنات، وأبناء العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وبين بنات، وأبناء الطبقات المستغلة، والمستفيدة من الاستغلال المادي، والمعنوي، الذين لا يدخلون بناتهم، وأبنائهم، إلا إلى المدارس، والجامعات الخصوصية، للحصول على شواهد عليا متخصصة، تمكنهم مباشرة من الالتحاق بالمناصب السامية، أو المعتبرة كذلك، بينما يبقى بنات، وأبناء الشعب، معرضات، ومعرضين لكافة الأخطار، لا لشيء، لا نهن، ولأنهم من بنات، وأبناء العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وكفاءتهم لا يتم الاعتراف بها؛ لأن آباءهم ليسوا أثرياء، وليسوا من ذوي النفوذ.
فالطبقة الحاكمة، التي صارت تستبد بالمال، والسلطة، وكل الخيرات المادية، والمعنوية، ومعها كل من يمارس الاستغلال المادي، والمعنوي، وكل المستفيدين من ذلك الاستغلال، خططت، ولا زالت تخطط، لتخريب المدرسة العمومية، كما خربت كل المؤسسات العمومية، قبل تفويتها إلى الخواص، بدرهم رمزي بعد تخريبها، وهي تعمل في نفس الوقت، على تفويت المدرسة العمومية إلى الخواص، بدراهم رمزية، حتى لا يبقى لها وجود، استجابوا لإملاءات صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، والمؤسسات المالية الدولية، وخدمة للنظام الرأسمالي الوطني التابع، والرأسمال العالمي المركزي، وسعيا إلى استبعاد الإنسان، مهما كان هذا الإنسان، وفرض الاستبداد بمصيره، وتعميق استغلاله الهمجي.
وما عليه التعليم الخصوصي في بلادنا، الذي أصبح وسيلة لنهب الأسر، ما هو إلا وسيلة لإعادة إنتاج البورجوازية المتخلفة، والتحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، وكل المتخلفين، والمستفيدين من الاستغلال المادي، والمعنوي، لكل كادحي المجتمع المغربي، الذين لا يحصلون من كدهم، إلا على الفتات الذي لا يكفيهم حتى في إعادة نتاج قوة العمل.
وتخريب المدرسة العمومية، ليس إلا إعلان موت الشعب، وموت أبناء، وبنات الشعب، الذين، واللواتي، لا يجدون، ولا يجدن سبيلا لإبراز مواهبهم، ومواهبهن، حتى لا يبقى ذلك فقط من خاصيات بنات، وأبناء البورجوازية، والتحالف البوجوازي الإقطاعي المتخلف، اللواتي، والذين، يقفن، ويقفون، وراء تجديد البورجوازية المغربية، والتحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، في مقابل تحول بنات وأبناء العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، إلى عاملات، وعمالا، وأجيرات، وأجراء، وكادحات، وكادحين، من منطلق المثل الشعبي المتخلف، القائل (شبه بوك ليغلبوك). وهو مثل تفرض العمل به الطبقة الحاكمة، وكل المستغلين، والمستفيدين من الاستغلال المادي، والمعنوي.
فهل يعتمد اليسار المناضل بصفة عامة، واليسار الديمقراطي بصفة خاصة، خطة محكمة، وهادفة، قابلة للأجرأة السريعة، والنضال من أجل فرضها، لإعادة الاعتبار للمدرسة العمومية؟
وهل تدعو فيدرالية اليسار الديمقراطي، إلى تكوين جبهة للنضال، من أجل جعل المدرسة العمومية في مستوى متطلبات العصر؟
ألا يجب على فيدرالية اليسار الديمقراطي، أن تدعو إلى تكوين جبهة اجتماعية للنضال من أجل فرض الاستجابة إلى مطالب العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وفرض احترام حقوقهم، كما هي في الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وخاصة تلك الصادرة عن منظمة العمل الدولية؟
أليس من واجب فيدرالية اليسار الديمقراطي، أن تحرص على بناء جبهة حقوقية، يتمحور عملها حول المطالب الحقوقية، التي تطرحها الجمعيات الحقوقية، المبدئية، من خلال فرض الاستجابة إليها، والقيام بحملة واسعة من أجل ملاءمة كافة القوانين المعمول بها، مع كافة الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وحقوق العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين؟
أليس العمل من أجل تحرير الإنسان، من كافة القيود، التي تحول دون إبداعه، في مختلف المجالات، من أوجب واجبات فيدرالية اليسار الديمقراطي؟
أليس من مهام فيدرالية اليسار الديمقراطي، أن تواجه كل الأفكار السالبة للحريات، مهما كانت، وكيفما كانت، بعيدا عن القوانين المعمول بها، والمتلائمة مع الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وحقوق العمال؟
ألا يمكن أن نعتبر، أن تشكيل الجبهة الوطنية للنضال من أجل المدرسة العمومية، يجب أن يأتي تتويجا لجبهة من الجبهات، التي تهتم بمجالات محددة، بما فيها فك الحصار المضروب على المدرسة العمومية، وعلى المستشفى العمومي؟
ألا نعتبر أن المدرسة العمومية، جزء لا يتجزأ من الاهتمام، بكل ما يهم المجتمع المغربي؟
أليست المدرسة العمومية إطارا لتدريس حقوق الإنسان، وحقوق العمال، والتربية عليها؟
أليست الأجيال الصاعدة، هي المستهدفة بتدريس حقوق الإنسان، والتربية عليها؟
لماذا لا تعتبر فيدرالية اليسار، أن التربية التي تستهدف إعداد الأجيال الصاعدة، مهمة مجتمعية؟
ألا يمكن القول: بأن الدولة مسئولة، عن عدم تفعيل إلزام جميع أفراد المجتمع، باحترام إعداد الأجيال، إعدادا جيدا لتحمل المسؤوليات المستقبلية؟
أليس فساد التربية، إعلانا عن فساد السلوك العام، انطلاقا من الأسرة، والمدرسة، ومرورا بمختلف المؤسسات العامة، وانتهاء بالفساد الإداري، والسياسي، الذي أصبح بشكل عادي، وأمام أعين السلطات المسئولة؟
وكيفما كان الأمر، فإن فيدرالية اليسار الديمقراطي، تجد نفسها، وجها لوجه، مع إفراغ المدرسة العمومية من محتواها المعرفي، والعلمي، والإنساني، والمنهجي، والتربوي. هذا المحتوى الذي يستهدف الأجيال الصاعدة، ويحرص على تقويم شخصية كل فرد، من تلك الأجيال، حتى يصير مغرقا للمجتمع في الوحل، الذي يختار الاستقرار فيه، لترتفع بذلك قيمة المجتمع، في كل مجالات الحياة، وبما أن هذا المحتوى، في تنوعه، لم يعد موجودا في المدرسة العمومية، فإن الأجيال الصاعدة، تتخرج من المدرسة فاسدة، وتسعى إلى جعل الفساد هدفها، ليصير المجتمع فاسدا، وتصير النقابات، في معظم الأحيان، فاسدة، ويصير التعاطي مع الإطارات الحقوقية منعدما، ويصير إنشاء الجمعيات المختلفة وسيلة للارتزاق، الأمر الذي يترتب عنه: أن كل من أراد أن ينجو أبناؤه، وبناته من الفساد، يلحقهم بالمدرسة الخصوصية، التي أصبحت ملاذا.
ابن جرير في 30 / 05 / 2019
بقلم/ محمد الحنفي