من نظراتِ عينيه بدا لها بأنه شابٌّ بسيط، حينما رأته ذات مساء، ودنتْ منه وكان يقفُ على جرفٍ صخري وكأنه أراد الموْتَ من وقفته هناك، فدنتْ منه أكثر وعانقته بعفويةٍ، ومن عناقِها راح يهذي، وقال لها: لم يعانقني أيّ أحدٍ في هذه الدُّنيا، بعدما وجدتُ نفسي أعيش وحيداً في بيتٍ متواضع تدلفُ مياه الأمطار من سقفِه كل شتاء، فقالت له المرأة: أراكَ هدأت قليلا، فردّ عليها: بلى، لكنني لا أصدق بأنّ العناقَ يجعل المرؤ يهذي مثلي، فأنت أولُ امرأة تعانقني، فردّت عليه: لهذا أراكَ تهذي من سخونة التصاقٍ عاديّ وعفويّ لجسدكَ البارد منذ زمنٍ، فردّ عليها: أتدرين بأنّ هذياني الآن هو بسبب التصاقٍ أهبل لجسدِ امرأةٍ عطفتْ عليّ في هذا المساء، الذي أرى فيه لون الطبيعة بات يميل لألوان الحُبّ، فقالت له قبل أن تتركه: لا تفكّر بعد الآن في الموت، فقال لها: بعد هذا الهذيان، الذي أصابني منكِ، فبكل تأكيد لن أفكّر بأيّ شيء يا ساحرة الإصغاء إلى قلبي الحزين، فابتسمت له، وسارتْ في طريقِها، أمّا هو فعادَ إلى بيته وقال: معقول بأن العناقَ للجنس الآخر يجعل المرؤ يهذي ربما، ونام على فراشِه مسرورا..
عطا الله شاهين