يذكرُ بأنّه كانَ كعادته متمدّدا على أريكته بعد أنْ أطفأ جهازَ التلفاز.. حاول أن ينامَ في تلك الليلة، لكنّه بقي قلقا، رغم أنّه نامَ لفترةٍ من الزمن، وبعد مرورِ وقت قصيرٍ سمعَ صوتا، فقام من على الأريكةِ ليرى من يدقّ بابَ شقّته في وقتٍ متأخرٍ، وفي طريقه إلى بابِ الشّقّة اصطدمَ بجسد طريّ، لأنه نسي أنْ يشعلَ الضّوءَ، فسمعَ صوتاً أُنثويّاً، وصرختْ بصوتِها النّاعم أنا لستُ لصّةً، فقال لها: وكيف دخلتِ؟ وماذا تريدين بعد أن أشعلَ ضوء غرفةِ المعيشة؟ فقالت: لقد سُرقتْ مِنّي شنطتي أثناء انتظاري في محطّةِ القطارات، وتذكّرت بأن لا أمل لي سوى الصّعود إلى هذه البناية، وبالصّدفة وجدتُ بابَ شقتكَ مفتوحاً، فدخلتُ، رغم أنني في البدايةِ ناديتُ صوتاً، لكنْ يبدو بأنك كنتَ نائماً، ولم تسمعْ مُناداتي، فقال لها: اجلسي، فأنتِ من ملابسكِ لا تبدين لصّةً، وسهرا سويةً، وأدار لها التلفاز لتشاهدَ أية برامجِ تعجبها، لكنها عزفتْ عن المشاهدة.. نظر إلى وجهِها الشّاحب وقال: امرأة غريبة بدا عليها القلق، فدنا منها وقال: لا تكترثي بموضوعِ النّقود، غدا سأعطيكِ ثمنَ تذكرةِ السّفر، فقالت: شكرا لكَ، فأنا أزعجتكَ بمجيئي، فردّ لها: كلّا، وبقيا ساهرين حتى الصّباح، فقام، وأعطاها ثمنَ التّذكرة، لأنها تريدُ أن تسافرَ بالقطار إلى مدينة بعيدة، فشكرته وقالت: لم أتوقّع بأنكَ ستكون هادئا، لكنكَ كنتُ مشاغبا، ففهمَ ماذا كانت تقصد، فقال لها: لا أتذكّر بأنني شاغبتُ معكِ، فقالت له: بلى، ووقفتْ على باب شقّته، وودّعته، وظلت تنظر صوبه، وقالت: شكرا، لقد كانتْ ليلة رائعة، لأنني شعرتُ فيها بأجملِ لحظات السّرور المفقود، فقال لها: أشكركِ لأنكِ كنتِ امرأة رائعة في الإصغاء لي، حينما كنتُ أقرأ لك نهايةَ قصّة قصيرة عن امرأةٍ غريبةٍ اقتحمت شقّتي ذات حُلْمٍ بدا لي مُشاغباً في مشاهدِه الأخيرة.
بقلم/ عطا الله شاهين