نعم يمكن إسقاط صفقة القرن

بقلم: راسم عبيدات

القول الفصل في إسقاط او تشريع صفقة القرن يبقى للفلسطينيين وحدهم،فهم من يمنحون الشرعية او ينزعونها،فحتى لو حضرتها كل الدول العربية بدون استثناء فالرفض والتماسك في الموقف الفلسطيني ووحدته،ستحيل هذه القمة الى مجرد تظاهرة إعلامية،كما حصل في القمم الثلاثة التي عقدت في الرياض،والتي كانت تستهدف خلق اصطفاف عربي - إسلامي خلف الموقف السعودي- الإماراتي من ايران وتحميلها مسؤولية الهجمات التي طالت منشأت ومصالح حيوية في البلدين،ودفع امريكا الى شن حرب على طهران على خلفية ذلك.
امريكا تستخدم كل نفوذها وقدراتها الشاملة من اجل فرض مشروعها على الشعب الفلسطيني،وهي تمتلك من الطاقات والإمكانيات الشيء الكثير،ولذلك هي تدرك تماماً بان شق الطريق لتطبيق صفقة القرن،لا بد ان يسير بالتوازي مع رفع سقف الحروب التي تشنها على المحور المضاد،محور المقاومة والمحور المعادي للمشروع الأمريكي في المنطقة والعالم، بإعتماد سياسة التهديدات العسكرية والحروب الإقتصادية والتجارية والمالية وحتى النفسية،والعمل على تفتيت مواقف الحلف المضاد،ومحاولة خلق حالة من الشرخ والإنقسام بين أطرافه،ولذلك تستجمع امريكا طاقاتها وإمكانياتها لكي لا يفشل مشروعها،ولذلك ما يجري من تصعيد امريكي على اكثر من جبهة،هو في إطار الإعداد للمسرحين الإقليمي والدولي لصفقة القرن،وهناك نقطة جوهرية يجب التنبه لها بان النظام الرسمي العربي الذي وصل الى حالة من التعفن والإنهيار والتبعية،وفي ظل انظمة بنيتها هشة وينخرها الفساد،واقتصاد متهالك،لا يمكن الرهان عليها في ان تكون في موقع الرافض للأوامر والتعليمات الأمريكية بحضور ورشة البحرين الإقتصادية،وهي تحاول ان توازن بين الحالة الشعبية الرافضة للمشروع الأمريكي وبين مصالحها ،ولكن لا يغيير هذا من طبيعتها كانظمة،هي جزء من منظومة المشروع الأمريكي،منها ما هو مشارك بشكل مباشر مثل المحميات الخليجية،ومنها من هو مطلوب منه المشاركة لكي يعطي المصداقية والمشروعية للمشروع الأمريكي،وربما يناله من الحب جانب،بالحصول على مشاريع اقتصادية واموال،تمكنه من التخفيف من حدة ازماته الإقتصادية،ولذلك نجد بان هذه الأنظمة بشقيها في العلن تقول نحن مع الشعب الفلسطيني والدفاع عن قضيته وحقوقه وثوابته،ولا نقبل إلا بما يقبل به الفلسطينيون،ولكن في سياق الترجمات العملية،يتنصلون من كل ذلك،فالفلسطينيون قالوا بشكل موحد لا لحضور ورشة البحرين الإقتصادية التي تقايض ارضهم ووطنهم بالمال والمشاريع الاقتصادية،وكذلك هذه الأنظمة مع إدراكها لطبيعة المشروع الأمريكي ومخاطره،وهو الذي يصيبها في قلب جغرافيتها ومصالحها ،إلا أنها اعجز من ان تقول لاء،وهي تريد استخدام الحالة الشعبية،وليس الإستقواء والتكامل معها في رفض المشروع الأمريكي،ولذلك وجدنا انها عاجزة عن إدانة أقوال المتصهينيين كوشنر وفريدمان،حول عدم قدرة الفلسطينيين على حكم أنفسهم،وحق إسرائيل بضم أجزاء من الضفة الغربية.وهذا الحال ينطبق على المؤسسات الدولية التي تخضع لسطوة وسيطرة أمريكا ولذلك أعلنت الأمم المتحدة عن حضورها لورشة البحرين المالية.
ولذلك نجد أمريكا رفعت من درجة عقوباتها الاقتصادية على طهران وحشدت أساطيلها وحاملاتها وبوارجها وقاذفاتها في الخليج العربي وبحر العرب،وصعدت من حربها التجارية على الصين،وزادت من حدة صراعها مع موسكو بالإنسحاب من الإتفاقيات النووية ومحاصرتها بالدرع الصاروخية وفرض المزيد من العقوبات عليها،واستمرار غوصها في المستنقع الأوكراني،وهذا أيضا ينسحب على بقية الأطراف المتشكل منها هذا الحلف،حيث شهدنا توحيد للمجاميع الإرهابية في سوريا،وتصعيد شن هجماتها في إدلب بغرض استنزاف الجيش السوري،وإستغلال الورقة الكردية في شرق سوريا وضخ المليارات السعودية – الإماراتية من اجل شراء ولاء القبائل العربية في تلك المنطقة،والعراق أبقوا قضية الدواعش كسيف مسلط على رقبة العراق،لكي لا تستقر أوضاعه،وحزب الله عدا عن تصنيفه كحزب إرهابي،شدد الحصار الاقتصادي والمالي عليه،والتهديدات بفرض عقوبات اقتصادية شاملة على لبنان،لكي يستنزفوا الحزب في صراعات داخلية لبنانية،واليمن الحرب العدوانية عليه مستمرة ومتواصلة من قبل السعودية وتحالفها،ناهيك عن إدخال الجزائر والسودان وليبيا في أزمات داخلية،مع دعم خليجي كبير للعسكر باوامر أمريكية،لقطع الطريق على أية ثورات شعبية حقيقية.
نعم أمريكا من خلال كل ما ذكر مع اعداد المنطقة لتشكل حلف عربي- إسلامي- إسرائيلي علني في المنطقة،بقيادة أمريكا واشراف إسرائيلي عليه،تسعى لتطبيق مشروعها لتصفية القضية الفلسطينية،وفرض مفهوم الأمن الإسرائيلي على المنطقة.
محور المقاومة والرافض للمشروع الأمريكي،ليس بالمحور الضعيف أو الهش،ويمتلك الكثير من الإمكانيات والطاقات والقدرات العسكرية والإقتصادية،وثبت بشكل عملي قدرته على المقاومة والصمود،وحتى تحقيق إنتصارات،ولذلك تطبيق صفقة القرن وشقها الاقتصادي في البحرين،سيكون الإختبار الجدي لمعرفة طبيعة التوازنات القائمة في المنطقة،وهل هذا الحلف قادر على أن يفشل مخططات ومشاريع أمريكا في المنطقة والعالم،وينهي آحاديتها القطبية وبلطجتها على العالم أم لاء؟؟؟.
حلف المقاومة الممتد من كوريا الشمالية مروراً بكوبا وفنزويلا وروسيا والصين وايران وسوريا وحركات المقاومة في لبنان حزب الله وأنصار الله في اليمن والحشد الشعبي في العراق وقوى المقاومة في فلسطين،يمكن له بإمتلاك الشرعية السياسية والأخلاقية والإمكانيات الهائلة،ان يقلب الطاولة على رأس أمريكا،وهذا يحتاج من هذا الحلف الى استراتيجية بديلة عملية واضحة ومدروسة،والأساس هنا يتوقف على الحلقة الفلسطينية،التي يجب ان لا تبقى خارج إطار الوحدة والتحصين الداخلي،فهي حجر الرحى في وقف مفاعيل وتداعيات هذه الصفقة التصفوية،وهذا يتطلب كذلك فتح الخيار والقرار الفلسطيني على أرحب فضاء عربي- أسلامي،وليس إبقاء القرار الفلسطيني تحت عباءة المحور الخليجي،الذي هو جزء أساسي في تسويق وتشريع المشروع الأمريكي،فإسقاط المشروع الأمريكي يحتاج الى أوسع حشد عربي- إسلامي دولي من أجل إستمرار الإشتباك والصراع قائماً ومفتوحاً في كل حلقاته ومستوياته في التاريخ في الجغرافيا في الثقافة في الميدان وفي كل الساحات والمنابر،وثقوا تماماً بان شعبنا الفلسطيني لن يكون مصيره كمصير الهنود الحمر،فهو لن يتبخر ولن يختفي عن الخارطة،إذا ما أحسنا إدارة معاركنا السياسية والجماهيرية والكفاحية برأس قيادي واحد ووفق استراتيجية موحدة وخطة بديلة متكاملة سياسية اقتصادية امنية تنظيمية كفاحية.


بقلم :- راسم عبيدات
فلسطين – القدس المحتلة
13/6/2019
[email protected]