قال تعالى:-"من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا" صدق الله العظيم "
فما أنا بصدده اليوم هو تسليط الضوء على سيرة عطرة لأحد أبطال شهداء الفتح والذي ارتقى شهيداً مخضباً بدمائه الطاهرة في احداث الانقسام البغيض وذلك يوم الاثنين الموافق 11/6/2007م عن عمر يناهز ألـ 51 عاماً داخل مستشفى بيت حانون,أنه الشهيد البطل/ الحاج عيد محمود محمد المصري" أبو لؤي"
ولد الشهيد الحاج / عيد المصري المكنى "أبو لؤي" في بيت حانون مقر سكناه ومسقط رأسه بتاريخ 16/14/1956م فهو متزوج من ثلاث نساء وله من الأولى خمسه شباب وخمسه بنات وله من الزوجة الثانية شابين وبنت واحده وله من الزوجة الثالثة خمسه شباب وبنت واحدة ومجموع أولاده اثنا عشر فرداً من الذكور وسبعه إناث, أحدهم هو رقم ثلاثة اسمه الشهيد إبراهيم عيد المصري إضافة إلى ابن أخيه فضل المصري الذين استشهدوا جميعاً في نفس المكان والزمان..
عائلته الكريمة: تتكون عائلته من الوالدين الذين كانوا على قيد الحياة قبل استشهاده وقد توفي والده في عام 2015وتوفت والدته في عام 2016م وله من الإخوة تسعة بما فيهم الشهيد الحاج/ أبو لؤي وله من الأخوات اثنتين ,كان له ثلاثة إخوة خارج الوطن وهم جميعاً يحملون درجة الدكتوراه والأكبر سناً هو عبد الرحمن "أبو رائد" كان يعمل مدير عام وزارة الحكم المحلي في غزة ومدير مكتب صائب عريقات وزير الحكم المحلي ما بين 2004-2005م والذي يليه هو اللواء الدكتور محمد المصري" أبو وسيم" نائب رئيس جهاز المخابرات العامة والثالث هو الدكتور رفيق المصري" أبو تامر" كان يدرس في كلية الأقصى غزة تخصص علم اجتماع..
نشأ وترعرع الشهيد الحاج/ عيد المصري "أبو لؤي" في بيت حانون وعاش في كنف أسرة فلسطينية مناضلة ملتزمة بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف ومحافظة على تقاليد المجتمع الفلسطيني وتعود جذور عائلته إلى بلدة بيت حانون وقد تلقَّى تعليمهُ الابتدائي والإعدادي في مدارس بيت حانون وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين والثانوية العامة في مدرسة الفالوجا ولم يوفق في الثانوية العامة وأعاد دراسة الثانوية العامة في كلية غزة وحصل عليها بجداره ولكنه أثر بالتضحية بنفسة من اجل تعليم اخوته,
محطات مضيئة في حياة الشهيد: الحاج عيد محمود المصري" أبو لؤي"
يعد رحيل رجل القيم والمبادئ والشهامة والرجولة الحاج عيد المصري" أبو لؤي" عن الوطن والأهل والأحبه خسارة كبيرة من الصعب تعويضها لأنه كان يعد بمثابة العمود الفقري لأسرته ولعائلة المصري....
الحاج عيد المصري له سمات شخصية متعددة بامتياز يعتبر رجل متدين جداً ولم يقطع فرض طيلة حياته وحج ثلاثة مرات والرابعة مسجلة عام استشهاده, لدرجة انه كان يحسب في بعض الاحيان على حركة حماس...
كان الحاج أبو لؤي رجلٌ صادقاً وأميناً ومخلصاً ووفياً ونبيلاً ومتواضعاً وشهماً وﻓﺎﺿﻼً وكريماً وشجاعاً مُهاباً وقوراً,انه إنسانياً الى أبعد الحدود محبوب من الكل وكل من عرفه أبو لؤي قد احبه...
كان الحاج عيد المصري" أبو لؤي" عامل مقاول في داخل الخط الاخضر أراضي ألـ 48م وكان لديه عمال خصيصين من بيت حانون الى رفح وهم بالعشرات وكلهم جاءوا للعزاء يوم استشهاده رغم إنهم لم يفتحوا بيت عزاء وكلهم أثنوا عليه ثناءً حسنأ وشهدوا له بالصدق والأمانة وكان عادلاً معهم في أجورهم ومتضامناً معهم في قضاياهم الشخصية وساعد كل من استطاع إليه سبيلاً...
كان محبوب من جميع التنظيمات الفلسطينية وتربطه علاقات حميمة واسعة مع عامة الناس في قطاع غزة وكان له مودة ويمون على الكل بداً من عائلة المصري الى كل منطقة يعرفه الناس فيها...
كيفية استشهاد الشهيد: الحاج عيد المصري. أبو لؤي
في حديثي مع الدكتور احمد المصري شقيق الشهيد/ عيد المصري" أبو لؤي" موضحاً لي كيفية ملابسات وقوع جريمة اغتيال أخيه والتي تم تنفيذها بدم بارد على أيدي مجموعات مسلحة من الملثمين في احداث الانقسام اللعين والذي تسبب في إراقة دماء أناس أبرياء, والشهيد الحاج / عيد المصري هو أحد ضحايا الانقسام البغيض, بدأت الحكاية من هنا, كان الابن الأكبر واسمه لؤي يعمل ضابط في المخابرات العامة وحين عودته من عمله الساعة الثالثة عصراً أوقفه حاجز تيار(متنقل) لمجموعة مسلحة من الملثمين في شارع النفق في غزة السيارة كانت تقل لؤي وانزلوه بالقوة منها واطلقوا النار على قدمية لا لأي سبب سواء انتماءه لجهاز المخابرات العامة
وحين علم والده الحاجة/ عيد أبو لؤي توجه بسيارتين من شباب عائلة المصري من بيت حانون حتى يتمكن من الوصل الى مستشفى الشفاء وفي لحظة وصوله الى سوق بيت حانون المركزي هناك من اطلق النار صوب السيارتين عند الساعة 16:30 من يوم الاثنين الموافق 11/6/2007، فرد شباب عائلة المصري على مطلقين النار, وعلى أثرها وقع اشتباك عنيف مع مجموعة من المسلحين الملثمين كان مقرهم سوق بيت حانون المركزي, توفي أحد المسلحين واصيب آخرين, عاد الحاج/عيد"أبو لؤي "بسيارته من اجل وقف الاشتباك الناري المتبادل بين أفراد عائلة المصري ومجموعات المسلحين الملثمين وذهب وانقض أحد المصابين وحمله الى مستشفى بيت حانون,
وامتدت الاشتباكات إلى داخل مستشفى الشهيد كمال ناصر (بيت حانون)، وازدادت حدة الاشتباكات مع وصول تعزيزات للمجموعات المسلحة إلى المستشفى،ما اضطر أفراد الطاقم الطبي والفني والإداري،إلى التزام أماكنهم، وخرج من استطاع منهم إلى خارج المستشفى، كذلك فعل عدد من المرضى، للنجاة بحياتهم من كثافة إطلاق النار، ما أسفر عن مقتل كل من عيد محمود محمد المصري، البالغ من العمر (51) عاماً، وابنه: ابراهيم، البالغ من العمر (21) عاماً، وابن أخيه: فرج فضل محمود المصري، البالغ من العمر (22) عاماً، كما أسفر الحادث عن إصابة (15) مواطناً، بجراح متفاوتة، من بينهم سيدتين.، كذلك اسفر الحادث عن تضرر مباني مستشفى بيت حانون جزئياً، وتضرر سيارتي اسعاف أثناء محاولتها نقل الجرحى....
وفور نبأ خبر استشهاد الشهيد الحاج عيد المصري وابنه: ابراهيم وابن أخيه: فرج يوم الاثنين الموافق 11/6/2007م توجهت عائلة الشهيد إلى مستشفى كمال عدوان ولم يتمكنوا من احضار جثامين الشهداء الثلاثة وبقوا في ثلاجة الموتى يومين وبعدها تم إحضار جثامين الشهداء ولفوا بالعلم الفلسطيني ورايات الفتح الصفراء بسيارة الاسعاف إلى منزله, حيث ألقيت نظرات الوداع الأخيرة عليه من قبل عائلته والمحبين, وأقيمت عليه صلاة الجنازة في مسجد أبو بكر الصديق قبل صلاة الظهر في حارة المصري وذلك يوم الأربعاء الموافق13/6/2007م وشارك في تشييع جنازة الشهيد جماهير غفيرة وسار موكب الشهيد إلى مثواه الأخير، حيث ووري الثرى في مقبرة الشرقية..
ملاحظة// لم يفتحوا عائلة المصري بيت عزاء إلا بلم الشمل وإعادة اللحمة الوطنية وطي صفحة الانقسام البغيض الذي تسبب في إراقة دماء الناس الأبرياء وتمزيق نسيج المجتمع الفلسطيني...
المجد والخلود لشهيدنا البطل/ الحاج عيد المصري" أبو لؤي"
والمجد كل المجد لشهدائنا الأبرار.
اللهم ارحم الشهيد الحاج عيد المصري واسكنه فسيح جناته مع الأنبياء والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً.
بقلم/ سامي إبراهيم فودة