رغم أن الفصائل في غزة لا تدافع إلا عن غزة , والضفة الغربية في واد وغزة في واد آخر , إلا أن بعض الوسائل الخشنة , وعينة بسيطة من الصواريخ نجحت في إسقاط نتنياهو , حتى أصبح وجبة دسمة لمنافسه الشرس ليبرمان , بالإضافة الى الأحزاب المنافسة والإعلام العبري والرأي العام في إسرائيل , بالأمس قال ليبرمان إن نتنياهو يدفع رسوماً لحماس مقابل حمايته , بالإضافة الى سخرية الإعلام العبري من نتيناهو وإتهامها له بالضعف أمام أدوات غزة البسيطة , وهذا يعني أن معركة نتنياهو الحقيقية في إسرائيل وليس في غزة .
سقط نتنياهو نتيجة عدم قدرته على تشكيل حكومة , ولولا أنه إستعان بحل الكنسيت بغالبية الأصوات لإعادة الإنتخابات , لكانت الحكومة من نصيب حزب أزرق أبيض , وأصبح نتنياهو في خبر كان , وهذا بالطبع يعود الى تخلي الاحزاب عنه بسبب سياسته الناعمة مع غزة بحسب زعمهم , والتسوية التي تحمل إسم هدنة طويلة الأمد , ورغم أن إسرائيل لم تقدم شيئاً مقابل الهدنة , فالأموال قطرية , وفتح البحر للصيد وإدخال البضائع ومنح التصاريح , والكهرباء والمال هي أمور بديهية وقد لا تتعدى أبسط الحقوق الإنسانية والتي تتمتع بها كل الشعوب , ولكن إسرائيل تعتبر هذه المنحة البسيطة لغزة هي ضعف وإستسلام لدولة مصنفة نووية أمام العالم , مقابل فصائل تمتلك أدوات بسيطة , ورغم أن الأدوات البسيطة أسقطت نتنياهو , إلا أن الرأي العام في إسرائيل لا يزال يكابر ويبحث عن من هو أقوى من نتنياهو كي يدافع عن مستقبل وهيبة إسرائيل , وبالطبع هذا الصراع داخل إسرائيل سيؤدي الى سقوط نتنياهو مرة أخرى , سواء في الإنتخابات المقبلة , أو في تشكيل حكومة .
من المؤسف جداً أن كل الملفات يتم إنجازها بسرعة الصاروخ إلا ملف إنهاء الإنقسام , فمنذ قرأنا خبر المبادرة الأخيرة لمصر والتي من المفترض أن تبدأ بعد العيد , لم نقراً خبراً يتعلق بهذا الملف حتى اللحظة , ولم يتصل أحد بأحد , ولم يصرح أحد بهذا الخصوص , ويبدو أن ملف إنهاء الإنقسام أصبح غير مرغوب فيه , في ظل ملف التسوية مع إسرائيل والذي أصبح يتصدر وسائل الإعلام , وأصبح الشغل الشاغل للفصائل في غزة , فبالأمس إلتقت حماس بملادينوف وأكدت له حرصها وتمسكها بالهدنة , وفي ظل وجود صراع داخل إسرائيل بسبب هذا الملف , فمن المتوقع أن تنهار الهدنة بسبب ضغط الرأي العام على نتنياهو , فنتنياهو أولاً وأخيراً يسعى الى إرضاء الرأي العام في إسرائيل , والذي ساهم في إسقاطه , وبما أن نتنياهو مقدم على إنتخابات جديدة , فهو حريص كل الحرص أن لا يسقط مرة أخرى , حتى لو كان ذلك على حساب غزة , والتي أصبح التعامل معها كدعاية إنتخابية للساسة اليهود .
هذا هو الفرق الجوهري بيننا وبين إسرائيل , ففي إسرائيل يسقط كل شيئ ويبقى الرأي العام صاحب الكلمة , وفي فلسطين يسقط الرأي العام ليبقى الكرسي والنفوذ والوزارة والحزب , وحكم الأمر الواقع وسطوة السلاح وغياب القانون.. ولهذا السبب سقط نتنياهو ولم يسقط الإنقسام .
بقلم/ أشرف صالح