جمهورية السودان .. أزمات سياسية خانقة واقتصاد مشلول..

بقلم: عودة عابد

السودان، الجمهورية التى تقع بشمال افريقيا، ثالث أكبر بلد أفريقي مساحةً، وعدد سكانه، حسب تقديرات رسمية، يتجاوز 41 مليون نسمة. له تركيبة عرقية ودينية ولغوية متنوعة، بيد أن المسلمين يشكلون أغلبية ساحقة فيه. ورغم موارده الكثيرة، إلا أن السودان يعد من أفقر الدول في العالم، فهو يحتل المرتبة 165 في مؤشر التنمية البشرية الصادر عام 2016، وذلك من مجموع 188 دولة حول العالم.
أما معدل التضخم فقد بلغ 63,86 في يونيو/ حزيران الماضي، وفقا لتقرير صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء، نقلته وكالة أنباء السودان الرسمية. وبلغ معدل البطالة بين الشباب السودانيين 20 بالمائة العام الماضي، بحسب بيانات صندوق النقد الدولي، مع تنبؤات بأن مؤشر النمو لن يزداد هذا العام بأكثر من 0,5 بالمائة عن العام الذي سبقه، حين سُجلت نسبة 3,2 بالمائة.
حيث تنتقد الأمم المتحدة "غياب برنامج حكومي لإدارة الموارد"، خاصة بعد ذهاب القسم الأكبر (70 بالمائة) منها مع استقلال جنوب السودان (البترول والثورة السمكية والحيوانية). حدة الأزمة ظهرت بوضوح، مع إلغاء دعم الخبز في يناير/ كانون الثاني، من العام 2019 حين تضاعف سعره وخرج المئات إلى التظاهر في الشوارع، في مظاهرات أطلق عليها "مظاهرات الخبز".
وأمام الضغط الشعبي أعلن رئيس البلاد عمر البشير، الذي تولى السلطة في عام 1989، بإقالة الحكومة في خطوة قال عنها إنها "ضرورية لمعالجة حالة الضيق والإحباط التي واجهتها البلاد خلال الفترة الماضية"، كما قام بتقليص عدد الوزارات بنحو الثلث لخفض التكاليف.
أزمة السودان تتفاقم..
ماذا عن الوضع السياسي والحقوقي في السودان؟
استنادا للشعارات التي رفعت في "مظاهرات الخبز"، فإن النظام الحاكم هو المسؤول عمّا بلغ إليه الوضع في السودان. وهو ما يردده أيضا المتظاهرين بوجه النظام، الذين يتهمون البشير بالفشل في التعاطي مع الأزمة السياسية الضاغطة وتدبير الموارد وبملاحقة المتظاهرين، إضافة إلى الفشل في التعاطي مع الحروب الثلاث، التي تديرها القوات السودانية مع المتمردين في كل من دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق.
حيث تنفق الحكومة على الجبهات الثلاث نحو 70 بالمائة من ميزانية الدولة، فيما لا تخصص للتعليم أكثر من 2 بالمائة. وارى أن الوضع السياسي الراهن بالسودان الشقيقة "بات دولة منهارة"، خاصة وأن التغيرات "المؤقتة" التي انتهجتها الخرطوم بما في ذلك التغيرات الحكومية الأخيرة، أثبتت أنه لا مخرج أمام البلاد سوى "بتغيير سلمي للسلطة" أو "الدخول في حوار مع النظام للتحضير لفترة انتقالية برعاية دولية اقليمية تكون على نطاق الاتحاد الافريقي بدعم وقوة من دول شمال افريقيا، لان دول شمال افريقيا هى من يتضرر من الفوضى وعدم استقرار السودان كونها دولة مجاورة وشقيقة وخاصة من مصر. تضمن حوارا وطنيا شاملا وإعلاما وقضاء مستقلين".
يضاف إلى كل هذا آفة الفساد المستشرية وبشهادة المواقع والصحف السودانية المقربة من السلطة، والتي باتت تنشر أخبارا متعاقبة عن فضائح فساد إداري للحكومة ومؤسساتها.
انتهاكات متواصلة:
الوضع الحقوقي في السودان ليس بأحسن حال، فالمنظمات الإنسانية تُجمع على أن السجل الحقوقي للسودان تغلب عليه الممارسات القمعية، التي تنتهك أبسط الحقوق المدنية والفردية والسياسية. ففي تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بحقوق الإنسان حول الوضع في السودان لعام 2017، فإن حكومة السودان "تتجاهل (حتى) الالتزام بحماية المدنيين بموجب القانون الإنساني الدولي".
ورغم أن هذه الانتهاكات متواصلة وفق هذه المنظمات، فإن الولايات المتحدة رفعت العقوبات التجارية التي ظلت مفروضة على السودان طوال عقدين. ووفق ذات التقرير فإن قائمة الانتهاكات طويلة، ومن أبرزها ما تقوم به "قوات الدعم السريع" ذات السمعة السيئة من انتهاكات في حق المدنيين واللاجئين في مناطق النزاع. إضافة إلى ملاحقة المعارضين والصحفيين وقادة نقابات في أرجاء البلاد ودون توجيه أية تهم رسمية إليهم، كما سجلت منظمة العفو الدولية حالات استخدام للقوة المفرطة والتعذيب بحق السجناء.
حرية الصحافة منعدمة:
وتتعرض وسائل الإعلام السودانية للتضييق جراء ما تنشره في وقت يقبع فيه البلد في مؤخرة مؤشر الحريات الصحافية الذي تصدره سنويا منظمة "مراسلون بلا حدود" (المركز 174 من أصل 180 دولة في العام 2017).
حقوق المرأة المغيّب:
في مجتمع إسلامي محافظ كما هو الشأن بالنسبة للسودان، تبقى المرأة الحلقة الأضعف. لكن إذا ما حصرنا تلك الإشكالية على مستوى مهمة الدولة الملزمة في حماية النساء، نرى أنها فشلت في ذلك، بدليل ظاهرة ختان الفتيات المتفشية، كما أن الأمم المتحدة تشكو من حالات اغتصاب جماعية تعرضت وتتعرض لها النساء في إقليم دارفور منذ عام 2003 من قبل القوات الحكومية والميليشيات التابعة لها.
بل يتم الاستشهاد بالسودان من قبل المنظمات الحقوقية العالمية، إذا ما جرى الحديث عن الاغتصاب "كسلاح فتاك". ويجمع الباحثون في دراسات "الجندر" على أن المرأة السودانية عادة ما تكون ضحية للضرب على نطاق الأسرة، والتحرش والاغتصاب في مناطق الحرب والنزاعات، والزواج المبكر أو الإجباري لأسباب اقتصادية واجتماعية ومصالح شخصية تخص الأسرة وبحماية من القانون.
سقوط البشير ووضعه بالسجن: هل هو دعم للاستقرار؟ أم تهدئة لنفوس المتظاهرين من قبل جيش السودان الحاكم؟؟
أن هذا الموضوع لا يمكن معالجته من زاوية سياسية محضة، فهو بكل تأكيد معقد وشائك، تتداخل فيه التركيبة القبلية العتيقة للمجتمع السوادني، وانعكاسات ذلك على علاقة المرأة والرجل من جهة، ومن جهة أخرى، علاقة بطبيعة الإطار السوسيولوجي والسياسي للدولة السودانية.
تقديرى للوضع بالسودان:
- أن المتظاهرين السودانيين من نقابات ومعلمين واكاديميين ومراة وباقى شرائح المجتمع السودانى لم يعتبر بان مطالبهم قد تحقتت من قبل الحكومة المؤقتة بقيادة جيس السودان، وان مطالبهم ما زالت تشترط على خلع اركان حكم البشير ووضع رئيس مدنى حاكما للبلاد، ومؤسسات مدنية خالصة من حكم العسكر، هذا ما يطالبه المتظاهرين بالسودان، كما اعتقد بأن الحكومة الحالية المؤقتة قد لا تلبى كل مطالب المتظاهرين وتتجه نحو التصعيد معهم .
- اذا لم تتدخل دول الاتحاد الافريقي بوضع حلى سلمى للازمة فقد يكون حالها رماديا يشوبه الفوضى والفقر والمرض والانهيار دون استقرار لهذه البلد الطيبة بأهلها وشعبها..
- المتظاهرين متمسكون بمطالبهم المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية ودون تحقيق ذلك ستستمر التظاهرة لمدة طويلة لحين تلبية المطالب.
- المرأة السودانية ستضغط بكل قوة على نيل حقوقها المدنية والسياسية كاملة بالبلاد.
- الصحافة والرأى العام سيطالب نيل حقوقه كاملة دون قيود أو شروط بالحكومة المقبلة المتفق عليها .
- الوضع الاقتصادى المنهار فى السودان سيتحسن ويزدهر بعد استقرار البلاد.
السؤال الذى يطرح نفسه الى متى ستبقى السودان الشقيق بهذه الحالة المتدهورة ؟؟
وأين موقف الاتحاد الافريقي من هذه المسألة؟ وما موقف دول شمال افريقيا " الدول العربية " من شقيقتهم السودان؟؟!!

الكاتب: الباحث: د. عـودة عابـد..