كيف يمكن تقليل مخاطر صعوبات خلافة الرئيس محمود عباس؟

بقلم: جهاد حرب

إن حل المجلس التشريعي، وفقا لقرار المحكمة الدستورية التفسيري في الثاني عشر من كانون أول/ ديسمبر 2018، يخلق ازمة دستورية وسياسية في حال شغور منصب رئيس الدولة/ رئيس السلطة الفلسطينية. خاصة أن نصوص القانون الأساسي واضحة وملزمة في آلية ملئ الشاغر في منصب الرئيس. ومن المؤكد أن غياب أسس دستورية سيخلق أزمة لمشروعية النظام السياسي الفلسطيني في حال لم تستطع السلطة الفلسطينية الالتزام بالقواعد والاحكام المنصوص عليها في القانون الأساسي الفلسطيني.

ومن المؤكد أن أية محاولات للقفز عن الآليات المحددة في القانون الأساسي ستزيد من حدة الانقسام الفلسطيني والصراع على الشرعية بين حركتي فتح وحماس، بالإضافة إلى مقاومة قوى فلسطينية منضوية في منظمة التحرير الفلسطينية ومنظمات المجتمع المدني لهذه الخطوة. كما أنها ستزيد من مخاطر انزلاق البلاد إلى فوضى وفلتان أمني على النفوذ والمكانة ما يهدد بصراع داخلي تضمحل معه مساحة السلطة الفلسطينية، أو بروز قيادات مناطقية متناحرة تسيطر بالقوة المسلحة على بعض المدن والبلدات ما يؤدي إلى تحلل للدولة/ للسلطة الفلسطينية ككيان جامع وسلطة واحدة؛ وينهار الأمن العام فيغيب في كلا الحالتين شعور المواطنين بالأمان على أنفسهم وعلى عائلاتهم وممتلكاتهم. ومما لاشك فيه سيرافق هذا الامر انهيارا لأجهزة الامن وعجز مؤسسات الدولة/ السلطة الفلسطينية عن تقديم الخدمات الأساسية بالإضافة الى زيادة الصعوبات الاقتصادية للمواطنين قد تتمثل بارتفاع حاد في نسبة البطالة في المجتمع وزيادة في عدد الأسر الفلسطينية تحت خطر الفقر. كما أنه من المشكوك فيه موافقة المجتمع الدولي والدول المانحة عليها أو يصعب تسويق مثل هكذا خطوة؛ "أي القفز عن الاليات الدستورية".

على الرغم من عدم قانونية الرأي الداعي لعدم إجراء انتخابات رئاسية بعد الانتقال من السلطة إلى الدولة التي تم الاعتراف بها في الأمم المتحدة "ترفيع مكانة فلسطين من كيان إلى دولة مراقبة" والاكتفاء بإجراء انتخابات تشريعية، إلا أن هذا الرأي قد يتم تفهمه سياسيا إذا ما كانت حجيته تتعلق بتخوف الطبقة السياسية من عدم التزام حركة حماس بنزاهة الانتخابات في قطاع غزة أو التريث في اجراء الانتخابات الرئاسية لفهم ما ستؤول إليه نتائج الانتخابات التشريعية أو منح فرصة لحركة فتح لاختيار مرشح بديلا عن الرئيس محمود عباس. إن الحديث عن عدم خضوع رئيس الدولة للانتخاب بعد عملية الانتقال من "السلطة" إلى "الدولة" يعد خرقا واضحا لأحكام القانون الأساسي الفلسطيني؛ حيث نصت المادة 115 منه على أنه "يعمل بأحكام هذا القانون الأساسي مدة المرحلة الانتقالية ويمكن تمديد العمل به إلى حين دخول الدستور الجديد للدولة الفلسطينية حيز التنفيذ". كما أن المحاججة بتغير وضع السلطة وانتقالها إلى الدولة لا يعني بأي حال من الأحوال عدم الخضوع لأحكام القانون الأساسي واحترم نصوصه المتعلقة بتراتيب السلطات، وشرعية مؤسساتها السياسية القائمة على الانتخاب من قبل المواطنين وخضوعها للمساءلة الشعبية الدورية، ومشروعية عملها.

يطرح شغور منصب رئيس الدولة/ السلطة الفلسطينية تحديا إضافيا أمام النظام السياسي الفلسطيني في ظل ظروف غاية في التعقيد، فمن جهة غياب مشروعية النظام السياسي دون وجود للانتخابات، ومن جهة ثانية حالة الانقسام المتفاقمة. تهدف هذه الورقة إلى استعراض الوضع القانوني لشغور منصب رئيس السلطة وأسباب الاهتمام الواسع المحلي والدولي بهذه الحالة وفحص تأثيره على النظام السياسي الفلسطيني، وعرض الخيارات المتاحة لسد الشغور في منصب رئيس الدولة/ رئيس السلطة ومواقف الأطراف المختلفة ذات التأثير المباشر في النظام السياسي. تهدف الورقة لطرح توصيات للسلطة الفلسطينية بهدف تفادي الاخطار المحتملة عند شغور منصب رئيس السلطة الفلسطينية والحفاظ على مشروعية النظام السياسي الفلسطيني.

أسباب الاهتمام بشغور منصب رئيس الدولة/ السلطة الفلسطينية

مما لا شك فيه أن الانشغال في مسألة شغور منصب رئيس الدولة / السلطة يعود بشكل رئيسي لغموض الوضع الدستوري في حال عجز الرئيس محمود عباس عن قيامه بالمهام الموكلة له دستوريا بعد اصابته بأكثر من وعكة صحية والقيام بفحوصات طبية في أكثر من مكان دون وجود معلومات واضحة أو اعلان رسمي عن الوضع الصحي للرئيس، كما أن الرئيس محمود عباس تجاوز سن الثالثة والثمانين الأمر الذي يضع احتمالية الوفاة ممكنا خاصة أن متوسط الحياة في فلسطين للرجال هو 72 سنة.

 كما أن هذا الانشغال يعود لمعرفة وتحديد معالم خليفة الرئيس للاهتمام المتزايد المتعلق بتوجهات الرئيس القادم أو المحتمل وتأثير سياساته على مستقبل العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية، خاصة أن الرئيس محمود قد أمضى أكثر من أربعة عشر عاما في الحكم حيث تماهت، كما هو الامر في دول العالم الثالث، الدولة بالنظام السياسي وشخص الزعيم. أما الحالة الفلسطينية فهي أعقد من ذلك حيث يتطلب الامر فهم كنه العلاقة مع الاسرائيليين ومستقبلها، وكيفية ادارتها للمصالح الدولية المرتبطة بإسرائيل أكثر مما هي مرتبطة بالفلسطينيين. ويزيد الامر تعقيدا غياب آلية دستورية لانتقال السلطة بسبب حل المجلس التشريعي ووجود الانقسام الفلسطيني.

تشير احكام المادة 37 من القانون الأساسي للسلطة الفلسطينية إلى أنه "يعتبر مركز رئيس السلطة الوطنية شاغراً في أي من الحالات الآتية: أ-الوفاة. ب-الاستقالة المقدمة إلى المجلس التشريعي الفلسطيني إذا قبلت بأغلبية ثلثي أعضائه. ج-فقد الأهلية القانونية وذلك بناء على قرار من المحكمة الدستورية العليا وموافقة المجلس التشريعي بأغلبية ثلثي أعضائه. إذا شغر مركز رئيس السلطة الوطنية في أي من الحالات السابقة يتولى رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني مهام رئاسة السلطة الوطنية مؤقتاً لمـدة لا تزيد عن ستين يوماً تجرى خلالها انتخابات حرة ومباشرة لانتخاب رئيس جديد وفقاً لقانون الانتخابات الفلسطيني."

إن هذه القاعدة الآمرة، وفقا للمشرع الدستوري، توجب تولي رئيس المجلس التشريعي في حالة الشغور أي أنها تتطلب وجود مجلس تشريعي منتخب قائم وفاعل، وفي نفس الوقت لم تمنح هذه القاعدة الدستورية أيا من الأطراف الأخرى في النظام السياسي تولي الرئاسة المؤقتة. كما أن هذا النص قائم على أساس أن النظام السياسي يعتمد على قواعد ديمقراطية للانتقال السياسي أو تولي المناصب السياسية الرئيسية كالرئاسة وعضوية المجلس التشريعي ويتنافى مع آليات التعيين في هذه المناصب. لكن الحالة، "شغور منصب رئيس الدولة/ السلطة الفلسطينية"، إن حصلت في قادم الايام فإن الفلسطينيين يفتقدون إلى تطبيق الشطر الثاني من نص المادة 37 من القانون الأساسي الامر الذي يضع النظام السياسي الفلسطيني في مأزق دستوري.

مما لا شك فيه أن عملية الانتقال تتطلب تفعيل القواعد الدستورية والقانونية واحترام دور المؤسسات السياسية القائمة وممارسة صلاحيات واختصاصات رئيس الدولة/ السلطة الدستورية بشكل يحفظ وجوبيتها ويحترم سيادة القانون وتعزيز المؤسسات، بالحفاظ على المشروعية في النظام السياسي لاحد أهم المناصب الدستورية في البلاد؛ حيث يتولى رئيس السلطة المؤقتة إجراء الانتخابات الرئاسية وفقا لأحكام المادة 37 من القانون الأساسي وقانون الانتخابات العامة وهي المهمة الاساسية لرئيس السلطة المؤقت خلال ستين يوما منذ حصول الشغور في المنصب، أي لا يمكن تجاوزها ويقع باطلا أي عمل يقوم به الرئيس المؤقت بانقضائها لفقدانه الصفة الشرعية "الدستورية".

كما أن الرئيس المؤقت يتولى، من الناحية الدستورية، كافة الصلاحيات المنصوص عليها في القانون الاساسي والقوانين العادية، لكن من الناحية الاخلاقية فإن العرف جرى على استثناء بعض الصلاحيات والاختصاصات خلال الفترة المؤقتة باعتبار تولي هذا المنصب هو لتسيير الاعمال وسد الفراغ الدستوري، وللقيام بالقواعد الآمرة المنصوص عليها في القانون الأساسي التي لا يجوز مخالفتها.

الخيارات المتاحة للتقليل من مخاطر شغور منصب الرئيس

إن تجاوز الازمة الدستورية والسياسية التي قد تعصف بالنظام السياسي الفلسطيني في حال شغور منصب رئيس السلطة الفلسطينية يحتاج إلى الاختيار من بين مجموعة الخيارات الدستورية والسياسية الممكنة لتولي الرئاسة المؤقتة. هذه الخيارات هي على النحو التالي:

الخيار الأول: تولي رئيس اللجنة التنفيذية أو المجلس المركزي الرئاسة المؤقتة

يتمثل هذا الخيار بتولي رئيس اللجنة التنفيذية الجديد رئاسة السلطة الفلسطينية بقرار من المجلس المركزي بالاستناد إلى قرار المجلس المركزي المنشأ للسلطة الفلسطينية الصادر في تشرين أول 1993. أو تولى رئيس المجلس المركزي، وهو ذاته رئيس المجلس الوطني، السلطة التشريعية في منظمة التحرير الفلسطينية  الرئاسة المؤقتة بعد عقد جلسة للمجلس المركزي خاصة أن المجلس المركزي يتولى جميع صلاحيات المجلس الوطني حسب قرار المجلس الوطني بين دورتي انعقاد المجلس الوطني وفقا لقرار المجلس في دورته الأخيرة حيث نص اعلان القدس والعودة الصادر في 4/5/2018 " فقد جاء قرار المجلس الوطني بتفويض المجلس المركزي لمنظمة التحرير بكافة صلاحياته بين دورتي انعقاده بهدف تعزيز وتفعيل دور المنظمة وتطوير الأداء والقدرة على التحرك ومواجهة متطلبات مرحلة تتعاظم فيها التحديات".[1]

يتميز هذا الخيار بأنه سهل الاجراء ويحتاج فقط لعقد جلسة للمجلس المركزي الفلسطيني، وهو "أي رئيس اللجنة التنفيذية أو رئيس المجلس المركزي" قادر على التعامل مع الاطراف الدولية والإقليمية وهو يعزز الخطوات الفلسطينية على الصعيد الدولي بالانتقال من السلطة الفلسطينية إلى الدولة. في المقابل سيزيد هذا الخيار من حدة الانقسام بين حركتي فتح وحماس من ناحية، وسيزيد من حدة الرفض داخل منظمة التحرير من قبل الفصائل التي لم تشارك في المجلس الوطني الأخير كالجبهة الشعبية أو امتنعت عن حضور جلسات المجلس المركزي كالجبهة الديمقراطية والمبادرة. كما أن هذا الخيار أيضا يضع مسألة التخوف من تماهي المنظمة ومؤسساتها مع السلطة ومؤسساتها خاصة في ظل عدم القدرة على اجراء الانتخابات في الضفة والقطاع أو الضفة في الآجال القانونية "الستين يوما" المحددة في القانون الاساسي؛ بحيث ستصبح المنظمة تحت ضغط التزامات السلطة الفلسطينية المنصوص عليها في اتفاق أوسلو وملحقاته المتعددة.

الخيار الثاني: تولي رئيس الحكومة كأمر واقع

يشير هذا الخيار إلى تولي رئيس الحكومة القائمة الرئاسة المؤقتة لمدة 60 يوما، خاصة أن رئيس الحكومة هو الشخصية السياسية الرسمية الرفيعة الوحيدة التي تبقى في السلطة الفلسطينية في حال شغور منصب رئيس السلطة وبعد حل المجلس التشريعي بقرار من المحكمة الدستورية. وقد أصرت اللجنة المركزية لحركة فتح على أن يتولى أحد أعضائها رئاسة الحكومة فيما يبدو خشية من حدوث شغور في منصب رئيس الدولة/ السلطة وبذلك يغيب آخر وجود لحركة فتح "الحزب الحاكم" في المؤسسات السياسية التابعة للسلطة الفلسطينية.

 فالحكومة وفقا لقانون الانتخابات العامة تتولى عمليا الاعداد وتهيئة الظروف اللازمة لإجراء لانتخابات الرئاسية. في المقابل فإن هذا الخيار يخالف أحكام القانون الأساسي، ويعزز الخشية من سيطرة الحكومة على مقاليد الحكم دون وجود جهة مرجعية أو إشرافيه على أعمالها في الفترة الانتقالية في ظل غياب الرئيس والمجلس التشريعي في هذه الحالة، وتسخير إمكانية الحكومة لصالح مرشح الحزب الحاكم دون قيود على المؤسسات والأجهزة الحكومية.

الخيار الثالث: تولي رئيس المحكمة الدستورية الرئاسة المؤقتة

يتمثل هذا الخيار بتولي رئيس المحكمة الدستورية العليا الرئاسة المؤقتة باعتباره شخصية قضائية محايدة، وهو شخصية غير حزبية، وليست لها طموحا سياسيا في السعي للوصول إلى سدة الحكم. تحتاج هذه الحالة إلى قرار من المحكمة الدستورية عند النظر في تفسير أحكام المادة 37 من القانون الأساسي، حال شغور منصب الرئيس دون وجود المجلس التشريعي. يشبه هذا الخيار النموذج المصري الذي طُبق عام 2013 بعد تنحية الرئيس محمد مرسي بحيث تولى آنذاك المستشار عدلي منصور الرئاسة إلى حين اجراء الانتخابات الرئاسية في مصر عام 2014.

مما لا شك فيه أن هذا الخيار لا يحتكم إلى نص دستوري وانما مبني على اجتهاد للمحكمة الدستورية لتجاوز الازمة الدستورية في البلاد. لكن رئيس المحكمة الدستورية والمحكمة ذاتها مطعون في شرعيتها وقانونيتها من قبل أطراف فلسطينية عديدة ولا تحظى بقبول من قبل أغلبية الفصائل الفلسطينية.  

الخيار الرابع: تولي رئيس المجلس التشريعي الرئاسة المؤقتة

يقوم هذا الخيار على تولي رئيس المجلس التشريعي المنحل النائب عن حركة حماس الدكتور عزيز دويك الرئاسة المؤقتة. يضع هذا الخيار حركة حماس في مواجهة احترام الالتزامات وتنفيذ العلاقات التعاقدية الشائكة مع الحكومة الإسرائيلية الناجمة عن اتفاق أوسلو. ميزة هذا الخيار أنه يحترم نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت في عام 2006 كما سيلقى تأييدا واسعا من حركة حماس وأنصارها وتأييد بعض الدول في الإقليم مثل تركيا وإيران وقطر. في المقابل يخالف هذا الخيار قرار المحكمة الدستورية القاضي بحل المجلس التشريعي، كما أنه سيلقى رفضا من قبل حركة فتح ومؤسسات السلطة وأجهزتها بسبب غياب الثقة بحركة حماس ورئيس المجلس التشريعي المنحل الامر الذي يجعل إدارة دواليب الحكم في الفترة الانتقالية غير ممكنة، كما ستجد الرئاسة المؤقتة استحالة النفاذ إلى المجتمع الدولي لتوفير ضغط دولي لإجراء الانتخابات الرئاسية وفقا للبرتوكول الخاص بإجراء الانتخابات خاصة في مدينة القدس. ومن المرجح أن تقدم الحكومة الاسرائيلية على حجز الأموال الفلسطينية "أموال المقاصة" وأن تقوم بالضغط على مؤسسات السلطة الفلسطينية وتفكيكها. 

الخبار الخامس: رئيس مؤقت توافقي بين حركتي فتح وحماس

هذا الخيار يتم بموجبه تولي شخصية وطنية أو أحد أعضاء المجلس التشريعي "المنحل" أو أيا من الشخصيات "المقترحة" في الخيارات الثلاث الأولى، ضمن اتفاق وطني عبر لجنة تطوير منظمة التحرير الفلسطينية "اللجنة القيادية". ميزة هذا الخيار أنه سيحظى بموافقة وتأييد أغلبية الفصائل الفلسطينية ما يتيح اجراء الانتخابات الرئاسية في الآجال الدستورية في الضفة والقطاع، وسيخفف من حدة الاحتقان السياسي المتوقع بين الطرفين؛ فتح وحماس. في المقابل يواجه هذا الخيار صعوبة الاتفاق بين حركتي فتح وحماس في أجال زمنية تتيح مباشرة الإجراءات الدستورية المتعلقة بإجراء الانتخابات، كما أن هذا الخيار لا يحتكم إلى نص دستوري ما يؤدي إلى شرعنة التوافق بين الأطراف السياسية على حساب النصوص الدستورية.

الخيار السادس: اجراء انتخابات تشريعية مُسبقة

يقضي هذا الخيار بإجراء انتخابات تشريعية دون رئاسية في الضفة والقطاع (حسب قرار المحكمة الدستورية القاضي بحل المجلس التشريعي) أو في الضفة الغربية فقط الآن وقبل شغور منصب الرئاسة بحيث يتم بالتالي احياء الخيار الدستوري الذي تم القضاء عليه عند حل المجلس التشريعي.

 تشير نتائج استطلاع رقم 71 الصادر عن المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في شهر آذار/ مارس 2019[2] إلى أن نسبة من (61%) من الجمهور الفلسطيني تعارض خيار اجراء انتخابات تشريعية في الضفة والقطاع. وترتفع هذه المعارضة إلى ثلاثة ارباع الجمهور (74%) الفلسطيني لخيار اجراء انتخابات تشريعية في الضفة فقط، فيما يقول 41% من الجمهور أنهم سيشاركون في حال كانت الانتخابات في الضفة والقطاع، وفي حال كانت هذه الانتخابات تقتصر على الضفة الغربية فإن (29%) فقط من المواطنين يقولون إنهم سيشاركون فيها. 

إن احتمالية اجراء انتخابات تشريعية في الضفة الغربية وقطاع غزة معاً تبقى محدودة في ظل مواقف الأطراف الفلسطينية المعلنة، وخاصة موقف حركة حماس، فحسب تصريح د. خليل الحية "أن وفد لجنة الانتخابات عرض على الحركة موقف الرئيس محمود عباس بشأن إجراء انتخابات للمجلس التشريعي فقط، وهو أمر رفضته الحركة"، الامر الذي يحول دون مشاركة المواطنين في قطاع غزة فيها في ظل سيطرة حركة حماس على القطاع. كما ترى أغلبية الجمهور (53%) أن حركة حماس لن تسمح بإجراء الانتخابات في قطاع غزة إذا اقتصرت على التشريعية. كما أن اجراء الانتخابات في الضفة الغربية فقط دون مشاركة المواطنين في قطاع غزة في هذه الانتخابات ومحدودية مشاركة المواطنين في الضفة الغربية سيجعل من هذه الانتخابات انتخابات مجزؤه وتنتج مجلسا تشريعيا لا يحظى بالشرعية الشعبية. في المقابل ترى أغلبية الجمهور (50%) أن المجلس المنتخب في هذه الحالة سيمثل الضفة والقطاع في حال تضمنت القوائم الانتخابية مرشحين من القطاع. لكن مما لا شك فيه أن وجود مجلس تشريعي "منتخب" سيؤمن انتقالا سلسا للسلطة في حال شغور منصب الرئيس في المستقبل.  

الخلاصة:

مما لا شك فيه أن تقليل مخاطر عدم المشروعية في النظام السياسي الفلسطيني الناجم عن احتمالية شغور منصب الرئيس سواء بسبب العجز عن القيام بالمهام أو الوفاة تضع تحدياً أمام النظام السياسي الفلسطيني من جهة، وتتيح فرصة للتفكير مليا في إجراء الانتخابات العامة لتجنب المخاطر التي قد تنشأ من هذا الشغور في ظل غياب مجلس تشريعي منتخب من جهة ثانية.

إن خيار اجراء الانتخابات المسبقة، كما جاء في الخيار السادس أعلاه، يوفر آليات الانتقال المنصوص عليها في القانون الأساسي ويحترم القواعد الدستورية، ويوفر المشروعية للنظام السياسي ويقلل من مخاطر صعوبات خلافة الرئيس محمود عباس التي قد تؤدي إلى انهيار أجهزة الحكم وتعرض أمن المواطنين للخطر وعدم الإيفاء بتقديم الخدمات الأساسية اللازمة لرعاية المواطنين. كما أن خيار اجراء الانتخابات التشريعية المسبقة يحترم قرار المحكمة الدستورية القاضي بإجراء الانتخابات البرلمانية، ويجنب الفلسطينيين خطر المقاطعة الدولية أو انهيار الاتفاقيات الموقعة مع الطرف الاسرائيلي.   

بقلم/ جهاد حرب