لماذا لا نستخدم العقل بدلا من العاطفة

بقلم: عودة عابد

أثبتت الموروثات السياسية الحديثة وخاصة الاوروبية منها: بأن العاطفة قد تقتل صاحبها ان لم تؤدى به الى الهاوية. وها نحن الان "المجتمع الفلسطينى" الذى خاض كل التجارب السياسية والحزبية والاقليمية دون جدوى! عبر ما تتعرض له قضيتهم الفلسطينية التى باتت تظهر رمادية دون تقدم ملموس نتيجة تصرفات القيادة الفلسطينية الركيكة التى أخطأت كثيرا بسياستها الغير مجدية، والتى أثمرت انقساما مريرا لشقى الوطن، واختلافا بالايدلوجيات والبرنامج السياسي، اضافة الى التدخلات الاقليمية والدولية بالشأن الفلسطينى نتيجة الاحزاب والتنظيمات التابعة لكل اقليم أو دولة .. نحن أبدا لا نتعلم من التاريخ! ولا نحسن التعايش مع الاخرين؟!! لان العاطفة والغباء السياسي الذى يطفوا على المواطن والسياسي الفلسطينى غالبا يؤدى به الى الهاوية.
- أطرح نموذج: موقف الرفض الدائم من قبل القيادة الفلسطينية الحالية لمعضلة حجز الأموال الفلسطينية نموذجا للتداول: أقول أن الرفض ليس دوما موقفـا وطنيـا أو بطوليـا..
من موروثات الثقافة السياسية العربية وإلى وقتنا القريب، تعتبر أن موقف الرفض ،بكل أشكال حمولته الأيديولوجية من أقصى اليمين إلى أقصى اليساريتضمن حكم إيجابي يصنف صاحبه كرجل المبدأ والمدافع عن الشعب وقضاياه ،إلا أنه ثَبُت بالممارسة أن خطاب الرفض لا يعبر عن موقف وطني أو بطولي إن لم يكن مصحوبا بإستراتيجية وطنية لمواجهة ما يتم رفضه ،وهذا ينطبق على رئيس السلطة الذى يرفض استلام المقاصة ويريدها كاملة، دون بدائل استراتيجية وطنية لمواجهة رفضه المطلق، كما انه غيرمدركا المتغيرات السياسية للواقع الاسرائيلى اليوم ، والمتغيرات التى طرأت على الواقع العربى البائس..
- أيضا اطـرح نموذج: حادثة مـوت الرئيس المصرى السابق" محمد مرسى"..
عندما تكون قضيتك ذات طابع إنساني أو أخلاقي سيناصرك الكثير من هذا الكون ويتعاطف معك دون الالتفات لإنتماءات أو لأحزاب أو لأيديولوجيات أو لقوميات أو لأديان, أما حينما يتعلق الأمر بالأيديولوجيات والسياسات والتحالفات والتوجهات والمصالح فسيتخلى عنك من تعتقد بأنه أقرب الناس إليك؟ ولن تجد من يناصرك سوى من يحمل نفس أفكارك وأيديولوجيتك وعدد آخر من المنتفعين ..
لذا يجب علي الفلسطيني أن يترحم على جميع الموتى والشهداء دون تمييز للشخص أو الايدلوجية. وان لا يعلن للجميع بأنه متعاطف كثيرا مع هذا الشهيد أو ذاك الرمز؟ لأن التعاطف الشديد دون ادراك الموقف وما يدور ويحدث بالمنطقة من تغيرات وارهاصات بالطبيعى ستؤدى بالاستياء والغضب من الاطراف الاخرى، لذا على كل من يتعاطف مع الحدث دون ادراك لأصل الحكاية وسياساتها ويقوم بوضع صورة المعطوف عليه؟ دون ادراك للايدلوجية والتحالفات.. حتما سيجد نفسه بالزاوية .. غير مدركا لما يدورحوله جيدا. وتعامل مع المسألة بالعاطفة دون العقل..
على المواطن والقائد والسياسي الفلسطينى أن يدرك جيدا بأنه صاحب قضية أخذت من الزمن عتيا. وان قضيته تحتاج للدبلوماسية والمقاومة الشعبية، وتحتاج مناصرة الدول الشقيقة والصديقة، والغير صديقة ايضا، ويجب على الفلسطينى أن لا يزج نفسه بمواقف هو بغنى عنها، ويضع نفسه بحلف أو اقليم على حساب اقليم اخر، بل يجب عليه أن يقف على الحياد، وعلى مسافة واحدة من الجميع، وان يكسب مواقف مشرفة داعمه ومناصره له ولقضيته ، وان يبتعد عن التحالفات الاقليمية والدولية الغير مجدية، لانه بالنهاية يجب عليه تحرير أرضه وانهاء مسألة قضيته من الصراع الفلسطينى الاسرائيلى، وان ينهى عذابات شعبه من الانقسامات والتشردم والانهيار.. يجب ان يكون شعار الفلسطينى الوحدة الوطنية.. ومعا وسويا لبناء وطن.. هذه هى السمات التى يجب على الفلسطينى التمسك بها من أجل نيل حقوقه وتقرير مصيره.. ودون ذلك حتما سيكون الفلسطينى مستقبله مجهول لأنه سيضع نفسه بين المطرقة والسنديان..


الباحـث: د.عــودة عابــد..
18/6/2019م.