دنا منها ذات عتمةٍ، وقال لها: يا لجنون الصّمتِ على شفتيكِ، فهنا على حافّة الكوْن لم تعدْ شفتيكِ ذاتها في ضخبِ الحُبِّ، وسألها لماذا أرى شفتيكِ لا ترغبان في إثارةِ الحُبِّ؟ لم تردّ عليه، وظلّتْ تنظر إلى العتمة المخيفة، وبعد مرور وقتٍ قصير قالت له: لأن شفتي ترغبان في عودةِ حُبّنا الهادئ، فهنا خوفٌ وقلقٌ وبرْدٌ وعتمةٌ دائمة، وعناقُنا ليس فيه أيّ دفءٍ، فهل لأنّكَ بتّ فاقدا للأملِ في احتماليةِ رجوعنا إلى كوكبِنا الصّاخب، أم لأنّكَ لا ترغب إلا في إسكاتِ شهوتكَ المجنونة؟ صمتَ قليلا، وردّ عليها كلّا، لكنني بتُّ أراكِ تبتعدين عنّي من جنونِ خوفكِ الدائم بسبب مكوثك هنا على حافّة الكوْن، رغم أن هنا لا أحد يرانا ونبدع في رسم الحُبِّ على شفاهنا، فردت عليه ليس الحُبّ كل شيء يا صاحب القلب المضطرب، فالحُبُّ هنا مهم، لكنّ القلقَ من المجهولِ باتَ يربكني، فإلى متى سنظلّ هنا على حافّة الكوْن؟ فأنتَ ترى بأنّ الحُبَّ لم يعدْ يصخب كما كانَ في بداية خلقِ الكوْن قبل دهرٍ سرْمدي، فردّ عليها كيف للحُبِّ أنْ يصخبَ ما دُمنا غير قادريْن على إثارة الحُبِّ من شفتيك؟ فردّت عليه بصوتٍ حزين: لا تحزن، فلا يعقلُ أنْ نظلّ هنا عالقيّْن، فنسبةُ احتمالِ وصول مركبة فضاءٍ إلى هنا عالية، ولهذا لا بدّ لنا من الانتظارِ لزمنٍ آخر، فردّ عليها يا لجنونِ صمتِ الحُبّ على شفتيك، أتدرين بأنني لا أرغبُ بعد الآن من رؤية شفتيكِ صامتة، فتعالي نصخبُ حتى وصول المركبة الفضائية..