الأردن يجب أن يقول لا كبيرة لمؤتمر المنامة

بقلم: راسم عبيدات

كوشنر صهر الرئيس الرئيس الأمريكي المتصهين ترامب والقائم على ورشة المنامة الاقتصادية " السلام من أجل الإزدهار"،من اجل تصفية وشطب القضية الفلسطينية عبر مقايضة حقوقهم الوطنية الوطن والأرض بالمال والمشاريع الإقتصادية،اعلن بأن الأردن ومصر والمغرب ستحضر ورشة المنامة الإقتصادية،ولكن حتى اللحظة نجد بان هناك حالة من الإرباك تسود مواقف تلك الدول الثلاث فالمغرب رفض بخجل،في حين مصر حتى اللحظة لم تفصح عن موقفها،والأردن في دائرة اللعم العرفاتية،فتارة سنحضر وأخرى لم نقرر المشاركة بعد واذا حضرنا سنقول لاء وكان "دخول الحمام مثل طلوعه"...صحيح الأردن يتعرض الى ضغوط امريكية وخليجية كبيرة من أجل الحضور،فحضور دول كالأردن ومصر لهذا لمؤتمر في ظل المقاطعة الواسعة له من دول كبرى روسيا والصين وإقليمية ايران وغيرها من الدول،يغطي على الحضور الباهت والمتدني لهذا المؤتمر،وربما يشجع دول عربية أخرى على الحضور.
الأردن يعيش أوضاع اقتصادية صعبة،وتُمنع عنه المساعدات الخليجية بقرار أمريكي،من أجل تطويعه سياسياً للقبول بحضور ورشة المنامة الاقتصادية والتعاطي الإيجابي مع صفقة القرن،ولكن الأردن المخاطر المحدقة به من حضور ورشة البحرين الإقتصادية والقبول بصفقة القرن،تعادل او تزيد عن المخاطر التي يتعرض لها شعبنا الفلسطيني وقضيته،والمواقف الشعبي الأردني رافض لتلك الصفقة ويعيش حالة غير مسبوقة من الإحتقان والغضب الجماهيري،والملك عبد الله الثاني عندما جرى نقل السفارة الأمريكية من تل ابيب الى القدس،قال القدس خط احمر ورفض الكثير من الضغوطات والإغراءات المالية بمليارات الدولارات،للتعاطي الإيجابي مع القرار الأمريكي بنقل السفارة الأمريكية من تل ابيب الى القدس والإعتراف بها عاصمة لدولة الاحتلال،وبما يشمل ليس التخلي فقط عن قضية القدس،بل والوصاية الهاشمية على مقدساتها إسلامية ومسيحية .....واليوم مخاطر الصفقة وحضور ورشة البحرين كبيرة جداً وستكون وبالاً على الأردن والعرب في حضورهم المطلوب منهم دفع الأثمان،على ان تقبض اسرائيل ربحاً صافياً من أموالهم وأرضهم،فعربان ومحميات الخليج سيمولون عمليات بيع فلسطين،ومن سيدفعون لهم الفتات بسبب ازمات بلدانهم الإقتصادية سيكون مغمساً بكرامة شعوب وقيادات تلك الدول..ومطلوب منها ان يقدموا تنازلات سياسية جوهرية،والملك الأردني عبد الله الثاني قال بان الأردن يرفض التوطين والوطن البديل والقدس خط احمر،وورشة البحرين التصفوية تحمل مخاطر التوطين والوطن البديل وتخلي الأردن عن وصايته على المقدسات وفي المقدمة منها المسجد الأقصى...ولذلك نحن نتمنى على القيادة الأردنية وفي مقدمتها جلالة الملك عبد الثاني قول لاء كبيرة للمشاركة في ورشة البحرين الاقتصادية،فصفقة القرن تقبر حل الدولتين،وتضم معظم أراضي الضفة الغربية،وما يتبقى منها،او ما هو زائد عن حاجة الأمن الإسرائيلي،سيتم تقاسمه وظيفياً مع الأردن.
الحالة الشعبية في الأردن والقوى السياسية والحزبية،تشكل حاضنة قوية للنظام الأردني لكي يتسلح بموقفها من اجل مقاومة الضغوط الكبيرة التي تمارس عليه لحضور ورشة البحرين الاقتصادية،وخصوصاً بان الوعود بالدعم المالي والمساعدات والمشاريع الإقتصادية،تتبخر بعد وقت ليس بالبعيد من بعد الحضور او التوقيع بالموافقة على صفقة القرن،وتجربة اتفاقية وادي عربة،بدلاً من أن تسهم بحل جزء من مشاكل الأردن الإقتصادية،زادت من أعبائه والتزاماته وديونه.
لا يمكن الفصل بين المخاطر الكبيرة المحدقة بفلسطين والأردن من ورشة البحرين الاقتصادية ولا صفقة القرن الأمريكية،فنجاح صفقة القرن على الجبهة الفلسطينية،يعني بان الأردن سيكون احدى الساحات الأولى المرشحة،لكي تحل القضية الفلسطينية على حسابها،ليس كوطن بديل فقط،بل سينعكس ذلك سلباً على الوضع الديمغرافي والعلاقات الاجتماعية بين أبناء الشعبين،وربما يدخلنا في إشكالات ومشاكل تأخذ طابع الجهوية .
اعتقد انه لم يبق أمام الأردن مساحة للتحرك. ففي سلسلة من الخطابات قدم الملك عبد الله نقدا حادا للولايات المتحدة ورفض الضغط من الخارج والتخلي عن الأردن وفكرة الوطن البديل. وأمام الضغوط والمخاوف على الاستقرار،طرح البعض المشاركة للدفاع. ويحاجج العديد من المسؤولون الأردنيين أن المشاركة لا تعني الموافقة على خطة ترامب. وقالوا إن الأردن سيذهب للبحرين لمنع "المقترح الإقتصادي البديل عن الحل السياسي الدائم.
الفلسطينيون والعرب دخلوا مدريد ومن بعدها أوسلو،واعتقد البعض الفلسطيني والعربي،بأن اتفاقيات أوسلو الإنتقالية،قد تقود الى دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران/1967 وعاصمتها القدس،مع ضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين،ولكي نكتشف بأن أوسلو بعد اكثر من ربع قرن،عززت من سلهب ونهب إسرائيل للأراضي الفلسطينية،حيث جرى تقطيع اوصالها (الضفة الغربية)،وحولت الى معازل و"جيتوهات" معزولة ومنفصلة عن بعضها البعض،ومع إعتراف ترامب بالقدس عاصمة لدولة الإحتلال،والضوء الأخضر الأمريكي لإسرائيل لكي تضم مساحات واسعة من مناطق(جيم) في الضفة الغربية،وضم المستوطنات ليس فقط الكبرى لدولة الاحتلال،بل وحتى المعزولة،وبما يعني بأن هذا الاتفاق قدم خدمة مجانية للإحتلال،في تكريس وقائع وحقائق جديدة على الأرض،وزاد من حدة وشراهة "تغول" و"توحش" الاحتلال على حقوق شعبنا،لكي يصل بنا الى حد التصفية الشاملة والكلية لقضيتنا وحقوق شعبنا،مع ضمان علنية وتشريع علاقاته التطبيعية مع النظام الرسمي العربي،دون أي اعتبار أو ربط ذلك بتحقيق حقوق شعبنا الفلسطيني،كما ورد في مبادرة السلام العربية المقرة في بيروت عام /2002 الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة عام 1967،وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس،ولينتهي بنا المطاف الى صفقة قرن أمريكية تحول قضية شعبنا الى قضية إنسانية واغاثية ومال واقتصاد،وليس قضية وطن وأرض وانعتاق من الاحتلال،يجري جُل تمويلها من قبل صناديق عربية.
ومن هنا فنحن نتمنى على القيادة الأردنية وعلى رأسها جلالة الملك عبد الله الثاني، أن تتسلح بالموقف الشعبي والجماهيري في رفضها لهذه الصفقة التي تصيب الأردن مقتلاً في جغرافيته وهويته،فربما جغرافيته تتعرض للفك والتركيب من جديد وبما ينهي الوجود والعرش الهاشمي.
الموقف من عدم حضور ورشة البحرين المقترب موعدها،ليس بالعدمي او المضر بل مخاطر عدم الحضور أقل بكثير من مخاطر الحضور،ومن يراهن على قول لاء من هناك،سيكتشف حجم الخسارة المترتبة على الحضور،ولنا في اتفاقيات "كامب ديفيد" ووادي عربة واوسلو خير مثالٍ ودليل.
بقلم :- راسم عبيدات
فلسطين – القدس المحتلة
20/6/2019
[email protected]

المصدر: بقلم :- راسم عبيدات -