من الذاكرة العصية على النسيان.......وفيها الكثير الكثير .....
في صيف ما في بداية سبعينات القرن الماضي كنت أقيم هناك في دمشق ...
كان منزلي على ضفة من ضفاف نهر بردى ...
وكانت اشجار الحور الباسقة تحيط بالمكان ...
كانت أمسيات دمشق تملؤها الثقافة والفنون ...
كان خليل طافش وجميل عواد و ابراهيم الباز ومريم شما ...
وقائمة طويلة من الاسماء ....
يجتهدون في مسرح القباني الدمشقي لصناعة المسرح الفلسطيني .....
مسرحا ثوريا ملتزما...
كانت مسرحية الكرسي لمعين بسيسو هاجس المخرج خليل طافش... وجميل عواد يجهد في تصميم الديكور المعبر باقل التكاليف... كانت القيادة ياسر عرفات وأبو جهاد وأبو ماهر يدعمون فكرة المسرح الفلسطيني....
كانت امسياتنا ثرية ومتنوعة بتعدد مثقفيها .. من مناضلين ومثقفين فلسطينيين وعرب ....شعراء وقصاصين وروائيين ورسامين تشكيليين كان يتقدمهم الشقيقان عبدالرحمن ومحمد المزين....
كنا رغم قلة المال نشعر أننا أغنياء في ذلك الزمان ...
وان المستقبل الفلسطيني والعربي والتقدمي سيكون أفضل ... ليس على المستوى الخاص...... وإنما ايضا على المستوى العام بكل أبعاده الثقافية والاجتماعية والسياسية والإقتصادية والثورية....
لم نكن نتوقع أن نفقد يوما ما هذا الحلم .... ولا أن نفقد دمشق او بيروت ولا بغداد..
كنا نعيش في فضاءات واضاءات ثقافية فكرية عربية تقدمية تنويرية ثورية واسعة... وربما كانت فضفاضة.....
او قد كانت طموحاتنا مرتفعة بارتفاع اشجار السرو والحور... وارتفاع هامات الثورة والثوار.....
من امثال الحج حسن وجواد ابو الشعر وعبود ورشاد وبلال و و و و .... في الجولان والعرقوب وفي قواعد ومعسكرات الثورة المنتشرة في سوريا ولبنان .....
كان ذلك الزمان تتوفر في محيطنا قدوات متعددة ادبية من الشعراء والقصاصين والروائيين و قدوات فكرية وفنية وسياسية وفدائية شجاعة و جسورة.....
كان يشار اليها في البنان والإعلام...
كنا نحن فيها مشاريع فكرية ونضالية .... كان السباق والتنافس بيننا ايامها وحينها يتمثل في العطاء والتضحية كل في ميدانه ومجاله......
وكان الأخذ يومها نقيصة.... والعطاء فضيلة.........!!
لم يكن يبحث حينها احد عن وظيفة وإنما عن مهمة يتقنها ويؤديها بإخلاص.. ..
إنه زمن الثورة والتضحية والشباب والعطاء....
من الذاكرة...
بقلم / د.عبدالرحيم جاموس
الرياض 24 / 6 /2019 م