في كل محاولة تظهر فيها مواقف غير متزنة تجاه القضية الفلسطينية نجد أن بعض الأنظمة العربية تمارس دوراً مشبوهاً يعزز الموقف العدائي للشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية العادلة، حيث أننا على أعتاب انعقاد مؤتمر المنامة في دولة البحرين والذي سينعقد بتاريخ 26،25،24 من الشهر الجاري، كما أن هذا المؤتمر يأتي في وقت تمر فيه القضية الفلسطينية في ظروف معقدة، ما أحوجها فيه إلى التضامن والمناصرة والدعم بدلاً من التآمر العلني تحت حجج ومبررات واهية.
إن الولايات المتحدة الأمريكية لعبت دوراً رئيسياً لانعقاد هذا المؤتمر، وحاولت فرض الأجندات الإسرائيلية والأمريكية عليه تحت شعارات تسمى الازدهار الاقتصادي والسلام، إلا أنها فشلت في تركيع الموقف الفلسطيني وتطوعيه للمشاركة بهذا المؤتمر، وستفشل رغم كل المحاولات.
لقد أصر الموقف الفلسطيني على عدم حضور المؤتمر بما له وما عليه وذلك لمخاطره على القضية الوطنية، وتعبيراً عن هذا الرفض قرر الشعب الفلسطيني بكافة قواه السياسية والاجتماعية والثقافية والمنظمات المختلفة بأن يكون هناك تحرك شعبي غاضب وعارم في كافة أماكن التواجد الفلسطيني سواء بالداخل أو بالخارج وذلك اعتباراً من تاريخ 24 يونيو حتى نهاية انعقاد هذا المؤتمر.
لذلك إن المسؤولية الأخلاقية والوطنية والقومية والدينية تُحتم على مختلف الشعوب العربية أن تكون لها دور أساسي في مساندة ودعم الموقف الفلسطيني، ووقف المؤامرة ضد القضية الوطنية للشعب الفلسطيني، واستمرار جذوة العمل الشعبي العربي ضد كافة المشاريع المشبوهة التي تضر بالحقوق والعلاقات العربية الداخلية المختلفة، والتي لا يستفيد منها إلا الأجندات الأمريكية والإسرائيلية.
وتكمن أهمية التحشيد عند الشعوب العربية ضد مؤتمر المنامة بقوتها الفاعلة على الأرض من خلال الإعلان الرسمي الرافض لهذا المؤتمر وكافة المشاريع المشبوهة، وهذا لن يتحقق إلا من خلال تحريك الشارع العربي ضده وفقاً للتوقيت المحدد في الأراضي الفلسطينية خلال الأيام المقبلة، وتشكيل جبهة مساندة تضم كافة شرائح المجتمع العربي تعبيراً عن عمق الانتماء، كما أن تدعيم موقف الشعب العربي لا بد أن يكون مستند إلى جانب حقوقي دولي حثيث يركز على ضرورة احترام قرارات الأمم المتحدة ودعم حقوق الشعب الفلسطيني في مواجهة مخططات التصفية من قبل الإدارة الأمريكية.
ويعتبر توحيد رد الفعل الفلسطيني وتسخير كافة الطاقات والإمكانات في ظل غياب المصالحة والوحدة الداخلية باعتبارها العنصر الأكثر تأثيرا يعتبر إسهاما في إضعاف الرواية والموقف الفلسطيني الرافض لهذا المؤتمر، فالمطلوب فلسطينياً الإسراع في استثمار الجهود المصرية بإتمام ملف المصالحة وإنهاء الانقسام المدمر، وتفعيل دور السفارات والجاليات الفلسطينية بالخارج لحث الدول على تأدية واجبها تجاه قضية وشعب فلسطين، إضافة إلى تطوير كافة أشكال المقاومة الشعبية ضمن خطة إستراتيجية موحدة، والعمل على إحياء دوائر منظمة التحرير بشكل فاعل ومؤثر باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، وتطوير أداء الإعلام الفلسطيني الرسمي والغير رسمي.
أما على الصعيد العربي، يزداد الأمل في تأثير دور الشعوب على أنظمتها في وقف السياسات العربية الخارجية تجاه إسرائيل التي يمكن أن تدعم مركزية القضية الفلسطينية للأمة العربية والعالم بأسره من خلال وقف التطبيع المجاني مع دولة الاحتلال، والعلاقات السرية الخاصة، إضافة إلى العمل على توفير شبكة أمان مالية لفلسطين وشعبها الذي بات يواجه حصاراً موجهاً تقوده الإدارة الأمريكية ويدها في المنطقة إسرائيل، إضافة إلى دعم موقف القرارات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة والداعمة لصالح الشعب الفلسطيني.
ولتكن أيدينا وأصواتنا معول بناء لا هدم من خلال إعلان إيماننا العميق بقوميتنا وعروبتنا ووطنيتنا تجاه القضية الأم فلسطين، التي ما زالت تمثل للكل العربي والإسلامي خط دفاع أول عن مقدساتنا، بل تحارب الجيش الذي كما يقال عنه لا يقهر (إسرائيل)، وقهرته فلسطين بصمودها وعزتها وثباتها، وستبقى القضية المركزية الجامعة لكل العرب.
بقلم: ناصر حماد
إعلامي فلسطيني
قطاع غزة