سقطت “ الصفقة“ وبقي “ القرن“

بقلم: راسم عبيدات

الصفقة تكون بين فريقين،وظني بانها مشروع صفقة ومشروع قرن،صفقة تنهي القضية الفلسطينية،وقرن يشرعن التطبيع وعلانيته ما بين دولة الإحتلال وحلف " الناتو" العربي- الأمريكي...اما وقد سقطت الصفقة على مذبح الموقف الفلسطيني الموحد والجامع،رغم كل التباينات السياسية،تلك الصفقة التي اعتبرها مهندسها المتصهين كوشنير بأنها فرصة القرن،وهي كذلك فرصة للبدء بخطوات تعريب تصفية القضية الفلسطينية،كوشنير هذا ومعلمه صهره القادمين من قلب كارتيلات الريع الإحتكاري،يتعاملون مع قضيتنا الفلسطينية،كصفقة تجارية،ويعلنون عن مشاريع اقتصادية ويوزعون الرشاوي على من جاؤوا من العرب للحصول على الفتات،والمصيبة والطامة الكبرى من اموال العرب انفسهم،وأعود واكرر بأن ما جري ويجري في المنامة،ليس له فقط اهداف اقتصادية،بل هناك هدف سياسي مركزي،ألا وهو تحويل مؤتمر المنامة الى منصة للتطبيع الرسمي والعلني ما بين محميات الخليج ودولة الإحتلال،أنا لا اعرف كيف يجلس اشباه الرجال كما وصفهم الرئيس الأسد الى طاولة يحقرهم ويذلهم فيها "صبي" ككوشنر عندما يقول لهم بان اسرائيل دولة " ذات سيادة" من حقها تحديد عاصمتها،طبعا، هؤلاء أشباه الرجال ليس عندهم لا عزة ولا كرامة،فالقدس لا تعني لهم شيئاً،بكل ما تحمله من الرمزيات الدينية والحضارية والوطنية والتاريخية،...جلسوا كطلاب صف مؤدبين امام محاضرة لمهرج ،لم يشر في كلمته الى شعبنا الفلسطيني لا من قريب أو بعيد،بل كان يتحدث عنا كأننا لسنا بشر بل مجرد أرقام بدون أسماء وأرقام هوية ...فدائماً كان يقول الناس في قطاع غزة ...الناس في الضفة الغربية،في حين تحدث عن الجنس ألآري" الشعب اليهودي ..كوشنر ومعلمه وكبيرهم الذي علمهم السحر نتنياهو ومعه مجموعة من صهاينة العرب،يعتقدون بان شعبنا سيكون مصيره كالهنود الحمر الإختفاء والتبخر،ولكن شعبنا الفلسطيني منذ الغزوة الصهيونية الأولى مروراً بكل ما حل به من نكبات ونكسات،لم يستسلم ولم يرفع الراية البيضاء، وفتيل ثورته ومقاومته المشتعلة،لم تكن من اجل شق طريق،او اقامة مناطق سياحية،أو تخفيض معدلات البطالة او زيادة فرص عمل،شعبنا يقاوم المشروع الصهيوني من اجل استعادة حقوقه وأرضه ،حقه في اقامة دولة مستقلة كاملة السيادة على جزء من أرضه المغتصبة وعاصمتها القدس،وضمان حق العودة لشعبه الذي طرد وهجر منها قسراً على يد عصابات الإحتلال...في مؤتمر المنامة لتصفية القضية كان الفرز واضحاً بين قائمتي الشرف والخيانة،فمن رفض كسوريا ولبنان والعراق والجزائر والكويت،هم ضمن دائرة الشرف،ومن حضروا مبررين حضورهم ومطأطئي رؤوسهم،حتماً هم في قائمة العار،وشركاء في تصفية قضيتنا الفلسطينية.
شعبنا الفلسطيني مر في الكثير من المنعطفات والظروف الصعبة،حيث طرحت الكثير من المشاريع المشبوهة لتصفية قضيته،او تجاوز شرعية ووحدانية تمثيل المنظمة له،ولكن كلها كانت تسقط على مذبح الصمود والتضحيات الفلسطينية من روابط القرى العميلة اتفاقيات "كامب ديفيد" فالتقاسم الوظيفي وغيرها،ولكن الشيء الخطر هنا انه يتم طرح تصفية القضية الفلسطينية بإحتضان ومشاركة عربية،فنحن وجدنا بان كوشنر في عقر دار من طرحوا ما يسمى بمبادرة السلام العربية،يقول لهم بان تلك المبادرة لم تجلب السلام،وانها بحاجة الى شطب،والإستعاضة عنها بمشروع سياسي،ادنى سقفاً من سقف المبادرة العربية للسلام المتدني أصلاً،وهذا الطرح لم يلق أي اعتراض من قبل المشاركين العرب في تلك الورشة،فهم باتوا على قناعة بان التطبيع الشرعي والعلني بين نظامهم الرسمي وبين دولة الإحتلال،قد قطع شوطا كبيراً ،وبالتالي هم ضمناً موافقين مع كوشنر بان مبادرتهم يجب سحبها والتراجع عنها لصالح مبادرة،تبدي قدراً اكبر من التنازلات لصالح امريكا واسرائيل،فهم يقولون بالفم المليان بأن عروشهم ومصالحهم ،أهم من القضية الفلسطينية،وأمركا تسعى لكي تجعل كل المنطقة العربية تحت الإنتداب الصهيوني،تمهيداً لما يسمى بإسرائيل الكبرى.

حالة الرفض الشعبي والجماهير العربي لصفقة القرن ولمؤتمر المنامة الإقتصادي في حالة من التصاعد،وبما يعبر عن صحوة عربية قادمة،هذه الصحوة العربية من شانها ان تعيد الصراع الى أسسه وقواعده،وكذلك اعادة اتجاه البوصلة العربية والإسلامية نحو فلسطين والقدس،فلا يعقل ان تستمر حالة استدخال الهزائم وثقافة " الإستنعاج" من قبل من يسمون أنفسهم بمعسكر الإعتدال والواقعية العربية،والنتائج مزيداً من ضياع الأرض والحقوق الفلسطينية والعربية،فإذا كانت قضايا بحجم القدس والجولان لا تستدعي مواقف عربية حازمة وخطوات عملية ترتقي الى حجم ما تتعرض له الأمة من مؤامرات،فكيف سيعول على نظام رسمي عربي متعفن، تداع في زمن قياسي لعقد جلسة لجامعة الدول العربية،علق فيها عضوية سوريا في الجامعة العربية،بأمر من المحيمات الخليجية،أليس عقد ورشة اقتصادية امريكية لتصفية القضية الفلسطينية على أرض دولة عربية،مخالفة صريحة لما يسمى بالمبادرة العربية للسلام،تستدعي تعليق عضوية البحرين في جامعة الدول العربية..؟.

نجاح ورشة البحرين يعني تصفية القضية الفلسطيني،وتوطين اللاجئين الفلسطينين في الأردن وفي لبنان وسوريا،ولكن انا مؤمن بان شعبنا العربي الفلسطيني ومعهم كل احرار وشرفاء أمتنا العربية والإسلامية واحرار العالم سيسقطون صفقة القرن وأداتها ورشة البحرين الإقتصادية،وكذلك المواقف اللبنانية والسورية الرافضة لصفقة القرن وعدم حضور ورشة البحرين الإقتصادية،ستلعب الدور الحاسم في عدم نجاح مشاريع التوطين للاجئي شعبنا في لبنان،وكذلك ضم الجولان السوري لدولة الإحتلال بقرار أمريكي يغلق باب التسويات على الجبهة السورية. شكرا لكل من رفض حضور ورشة البحرين الإقتصادية شكراً دولة رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري،الذي قال لبنان لا يريد استثمارات واموال على حساب القضية الفلسطينية،رغم ازمته المالية،شكراً حزب الله،وشكرا سوريا والجزائر ورئيس مجلس النواب الكويتي وشكرا ايران وروسيا والصين.

بقلم :- راسم عبيدات
فلسطين - القدس المحتلة

26/6/2019
[email protected]